رأي

النشوف اخرتا

عزة.. “اللوبا عدس”
سعد الدين ابراهيم
“الموز” و”اللوبا عدس” كانتا أرخص السلع في الأسواق، الموز بلغ سعره سبع جنيهات و”اللوبا عدس” حسب ما جاء في الأخبار أصبحت مطلوبة جداً في الأسواق الهندية، وقد صرح الهنود بأنهم على استعداد لشراء أية كميات من “اللوبا عدس”.. كما حدثني تجار الموز أنه أصبح سلعة مرغوبة في السوق المصري.
هاتان سلعتان شعبيتان دخلتا سوق التصدير.. هذه الأخبار مفرحة جداً ومحزنة جداً.. أما المفرح فذلك يثبت أن السودان فعلاً سلة غذاء العالم وأن الطلب على هاتين السلعتين يدل على خصوبة أرضنا ويدل على حكمة الحس الشعبي الذي عرف قيمة “الموز” و”اللوبا عدس” قبل الآخرين.. والمفرح أن في التصدير تنمية لاقتصادنا، والمحزن أن الطلب عليهما لن نجابهه بزيادة الإنتاج بل بتصدير المتاح، وهذا سيتسبب في حرمان القطاعات الشعبية من سلع كانت متاحة ورخيصة فتصبح غالية ويحرم المواطن المسكين منها، فقبل سنة تقريباً كان كيلو الموز بواحد جنيه فقط، والآن حبة الموز الواحدة تعادل هذا المبلغ و”اللوبا عدس” متوفرة في كل المنازل لرخص ثمنها والمشكلة أنها أصبحت وجبة بديلة للطلاب والعاملين فهي أرخص من الفول والبوش والعدس، إذ تباع (الكورة) بجنيهين فقط، فأصبحت طعام الطلاب، والفقراء استغنوا عن غيرها من الوجبات.. المشكلة أننا إذا فتحنا باب التصدير لن نفعل مثل خلق الله ونزيد رقعة المزروع بما يكفي السوق المحلي ثم الفائض للتصدير، بل سنصدر كل الكمية ونترك المواطن المغلوب على أمره بلا وجيع.. نفس الشيء بالنسبة للموز، فطالما أصبح مطلوباً في مصر أو غيرها فالبديهي أن نوسع زراعته بما يكفي حاجتنا ثم نصدر الباقي.. نحن لا نفعل ذلك، فبالنسبة لإنتاج الخضروات والفواكه عرفت أن أمريكا تمنح المزارع مائة في المائة مما أنفقه في الزراعة حتى يبيعها للمواطنين بسعر مقبول فهو قد قبض ثمن ما انفق، أما في فرنسا فالحكومة تمنح المزارع (90%) مما أنفق عليها إذا سيبيعها بأقل الأسعار ويكون رابحاً.. هذه دول الرأسمالية والتحرير الاقتصادي والخصخصة الجد مش خصخصة (كاشمشى) التي كرست الاحتكار وحولته من الدولة إلى أفراد، ووطنت للغلاء وتركت الأسعار على هوى التجار وبقدر جشعهم.. لا نريد سوى العمل بالمثل الشعبي (الزيت كان ما كفى ناس البيت حرام على الجيران)، ولا نريد أن يدعموا المزارعين بأي نسبة فقط يبعدوا عن طريقهم الجبايات والضرائب والتكاليف وفظاظة البنوك وقسوة الشركات.. فقط يدعوهم يعملون ويدعوهم يمرون.
نحن في حيرة.. هل نضحك أم نبكي؟ لأن الهنود طالبوا بـ”لوبا عدس” حقتنا والمصريين تهافتوا على موزنا؟!
اللهم أعنا على من لا يرحمون ولا يتركون رحمتك تنزل علينا!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية