رأي

النشوف اخرتا

الزيت
سعد الدين ابراهيم


تتحفني الصحافية الشابة “هناء إبراهيم” بعبارات الشباب الجديدة كل مرة.. ومن ذلك أنها علقت على موضوع (كداري) الذي اقترحت فيه المشي (كداري) للجميع بدون فرز حتى نقضي على فكرة رفع الدعم نهائياً فقالت لي: إنها موافقة على الفكرة ولكنها لا تستقيم مع جو بلادنا الحار. أردفت بأن المشي (كداري) بلغة الشباب يسمونه “نشيل الذكريات” ولعل المقصود الونسة التي تتأتى بالضرورة للماشين كداري.. وهو تعبير جميل في ظني.. لكنها أيضاً عرفتني بمفردة جديدة في لغة الشباب هي (الزيت).. وتقال كناية عن الاستحسان.. فإن أعجبك أمر ما تقول: (دا الزيت) وعرفت أنها بدأت تستخدم بالإنجليزية (أويل) أيضاً..
نحن كنا نقول في فترة عن ذات الكناية (دا الشغُل) وهي عبارة مأخوذة من أغنية هابطه تقول (آي دا الشغل).. واستخدمت من قبل المشجعين في كرة القدم حين ينتصر الفريق فيرددونها مُنغمة،
لكن عبارة (الزيت) لم نكن نستخدمها إلا كناية عن العذاب والتعذيب فنقول: (فلان طلع زيتي).. أو (والله أقوم عليك أطلع زيتك).. ويمكننا على نحو عبارتنا أن نقول:
ارتفاع الأسعار طلع زيتنا.. والمواصلات طلعت زيتنا.. وأنا بصفتي مواطناً طلع زيتي في الفترة الأخيرة أحكي لكم..
فقد طلع زيتي وأنا أبحث عن دواء استعمله كالخبز يومياً.. وكان متوفراً لكن بعد مشاكل الدولار.. وارتفاع الضرائب.. يبدو أن الدواء اختفى أو (اندس).. الشاهد أني لاحظت عجباً مما حدا بزيتي أن يطلع، فقد ذهبت إلى صيدلية ووجدت الصيدلاني يكتب على صناديق الدواء أسعاراً جديدة.. ويزيد سعر الدواء حسب القيمة، فالدواء أبو عشرين جنيه يضيف إليه أربعة جنيهات وِقس على ذلك.. هممت أن اسأله، لكن كنت أتأمل زيتي الطالع وأحاول كبح جماحه.. ذهبت إلى أجزخانة أخرى ووجدت الصيدلانية تفعل نفس الشيء.. فسألتها: (إنتو بتزيدو في الأدوية مالكم؟ قالت: (إنت ما بتقرا جرايدكم؟).. فقلت لها: (بقرأها.. في شنو؟) قالت: (ما عارف الدولار والجمارك والضرائب وكده..؟)؟؟ قلت لها: (آي لكن البضاعة دي مافي الرفوف لسع ما انطبق عليها كلام جرايدنا)..  وخرجت وأنا أحاول أن انفض زيتي الطالع..
‫لقيت قدامي بتاع الفواكه قلت اشترى موز أصلو أرخص فاكهة: (أها يا أخينا الكيلو بي كم؟). قال: (بي سبعة جنيه). قلت ليهو: (الموز ما التفاح!). قال لي: (يا أستاذ الموز ما زاد). قلت ليهو: (برضو الدولار). قال لي: (ما عشان المصريين اكتشفوهو وبقوا يشتروه بكثافة) قلت ليهو: (دي حاجة تفرح إنو موزنا بقى يتصدر) مع إنو الزيادة دي طلعت زيتي لكن على قول هناء: (ده الزيت)!‬
‫بالمساء مشيت أجيب اللبن لقيتو بقى بي (4) جنيه ونص يعني ح يقفل الخمسة جنيه فسألته: (برضو الدولار). قال: (العلف زاد والأدوية البيطرية زادت). قلت ليهو: (لكن ما طلعتوا زيتنا). قال لى: (ما نحن برضو زيتنا طالع).. يعني زيت على زيت لغاية ما تفضل فينا نقطة زيت.. فيا من طلعتوا زيتنا الله يطلع زيتكم!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية