دماء على الحدود
{ جاء في أخبار أمس(الأحد) أن ثمانية أشخاص لقوا مصرعهم على أيدي مليشيات إثيوبية بمنطقة خور عطبرة مساء (الجمعة)، وأن اشتباكات قد وقعت بين المزارعين السودانيين والمليشيات الإثيوبية، وأن لجنة من البلدين سارعت لعقد مباحثات سودانية إثيوبية بمدينة القضارف بحضور معتمد محلية باسندا ونائب محافظ شهيدي وتسليم جثث أفراد المليشيات للحكومة الإثيوبية. وأوردت صحيفة (الصيحة) أمس أن المليشيات الإثيوبية اقتحمت مدينة القلابات مما تسبب في مقتل (8) أشخاص من الجانبين وأن الإثيوبيين أضرموا النيران في عدد من المنازل ونهبوا ممتلكات السودانيين وبنك المتمة الإثيوبي. خبر (الصيحة) به شيء من الاضطراب ما بين صدر الخبر وعجزه.. حيث ورد في صدر الخبر أن الاشتباكات وقعت عند منطقة خور عطبرة.. ثم في نهاية الخبر يقول إن المليشيات الإثيوبية هاجمت مدينة القلابات وأضرمت النيران في بيوت الأهالي ونهبت بنك المتمة الإثيوبي.. وبعيداً عن هذا التضارب فإن تحديد هوية الجهة التي هاجمت الأراضي السودانية وقتلت المزارعين يبدو في غاية الغرابة والتعجب حيث أسند القتل إلى مليشيات إثيوبية؟؟
من حدد أنها مليشيات وكيف؟ اذ ان تحديد هوية الجهة التي هاجمت السودانيين وقتلتهم ووصفهم بالمليشيات يجب ان يسبقه تحقيق شفاف، حتى لايبرئ مسبقا اي جهة ، دون مسوغ ، ويجعل القاتل شخصاً أو جماعة متمردة على سلطة بلادها.. مثل هذا التبرير ، كان مقبول – نظريا – ان يصدر من إثيوبيا على لسان المسؤولين الهجمات ، كأن تقول إنها بفعل جهات متمردة ومليشيات خارج سيطرة الدولة، ولكن السلطات السودانية، ربما في سبيل حرصها على علاقاتها مع جيرانها، او لأى اعتبارات اخرى تراها ،تميل دائما لغض الطرف عن الانتهاكات ضد المواطنين ، داخل الوطن او خارجه.ايا كانت المسوغات ،فانه لابد للدولة من صون الدم السوداني وجعله مقدساً ، فذلك في مقدمة واجباتها. يجب صونه وجعله مقدساً.. وفى ذات الوقت فان رعاية العلاقات مع الأشقاء في دول الجوار والأحباب والأصدقاء من العرب والأفارقة، لابد ان تتأسس على الالتزامات المتبادلة بين الاطراف ،التى تحفظ لكل ذي حق حقه.
{ والأوضاع على الحدود الإثيوبية السودانية تشهد منذ فترة ليست بالقصيرة توترات بسبب استيلاء المزارعين الإثيوبيين على الأراضي السودانية الخصبة في الفشقة، مما أدى لفقدان السودان لأراضي تقارب الـ(500) ألف فدان حسب إفادات وزير الزراعة بولاية القضارف، ونحو مليون فدان حسب إفادات رئيس اتحاد المزارعين “كرم الله عباس الشيخ” الذي دعا أثناء زيارة نائب رئيس الجمهورية للقضارف الحكومة المركزية بتحمل مسؤوليتها في حماية الأراضي السودانية من تعديات المزارعين الاثيوبيين ومن الشفتة… وقضية الفشقة ظلت من القضايا (المنسية) رغم تطمينات نائب الرئيس بأن ترسيم الحدود بين البلدين ،سيبدأ بعد انقضاء فصل الخريف الحالي.. وهي قضية هامة جداً و(معقدة) لا يمكن أن تترك لصغار المسؤولين في الولايات الحدودية وهم بطبيعة الحال لا يملكون سلطة حقيقية للتقرير بشأن القضايا الخلافية المعقدة!!
.. وما يحدث الآن في الحدود السودانية الإثيوبية، ينذر بأزمة مرتقبة بين البلدين، إذا لم تسارع القيادة في الدولتين لمواجهة قضايا الحدود بشجاعة لمصلحة الطرفين.. كما أن المزارعين السودانيين في المناطق الحدودية يرتكبون أخطاء فادحة بسماحهم للأجانب بالزراعة في الأراضي السودانية مقابل إيجارات رمزية تؤدي في الأخير إلى مشكلات وتهدر دماء.. وتبدد طاقات.