حوارات

‎العقيد "بحر الدين عبد الله" الرئيس الجديد لحركة العدل والمساواة لـ (المجهر السياسي)

 في أول حوار له للإعلام مع صحيفة حصرياً بعد ساعة من تنصيبه
  حاوره – أسامة عوض الله
{ نتشرف بشخصكم الكريم.. نطمع أخي رئيس الحركة العقيد “بحر الدين عبد الله” أن نعزز بيانكم ببعض التوضيحات من سيرتكم الذاتية؟
– أنا “بحر الدين عبد الله إسماعيل”.. رئيس المكتب المكلف للحركة.. الميلاد بشمال دارفور بوباية الطويشة 1982م.. من قبيلة البرتي.. خريج جامعة أم درمان الإسلامية (كيمياء).
{ متى التحقت بالحركة.. وكيف؟
– التحقت بالميدان مرة 2006 قبل التخرج، ثم بعد التخرج 2009.

{ هذه المرة الثانية التي يتم فيها عزل د. “جبريل إبراهيم”.. فقد عزل من قبل ولكنه عاد.. ما الفرق بين هذه المرة والسابقة لها.. يعني.. ألا تتخوفون أن يعود مرة أخرى ويبطل قراراتكم كما فعل سابقاً؟
– في المرة السابقة، شارك في عزله عدد من القيادات الميدانية.. نعم، ليسوا كلهم.. لكنهم شاركوا وأيدوا عزله.. لكن الآن لا يمكن له العودة إلا إلى الفنادق.. هذه المرة ليست كما سبق.. الوضع الآن يختلف تماماً ونحن مسيطرون على الوضع.
{ أليس هنالك جسم سياسي للمحاسبة والإقالة والتعيين بالحركة كمجلس شورى.. برلمان أو مكتب قيادي.. مختص بسلطة الإقالة والتعيين وغيرها؟
_ كل مؤسسات الحركة تم تجميدها من قبل المعزول “جبريل إبراهيم”.
{ هل جمّد د. “جبريل” المؤسسات السياسية والتنظيمية وحدها أم السياسية والتنظيمية والعسكرية أيضاً؟
_ كلها، وأصبحت تلك المؤسسات مثل ملابس يرتديها.
 { كل القيادات الميدانية الآن مؤيدة للبيان.. هذه المرة تم عزله من قبل قيادات ميدانية؟
 _ لم تشارك قيادات ميدانية، البيان الصادر مذيل فقط باسم شخصين هما “منصور” و”حذيفة” وكلاهما لم يدخل الميدان، وشاركا في آخر عملية عسكرية كانت في (قوز دنقو).
{ قلتم في البيان إنه قرّب عشيرته وقبيلته على حساب القبائل الأخرى؟
‎_ كلامكم هذا مهم.. لأن الرأي العام كان فاهم إنو حركة العدل والمساواة هي حركة إثنية عنصرية، تتعصب لقبيلة أو قبيلتين بعينهما ضد باقي القبائل في دارفور.
{ نريد توضيحاً وتفصيلاً لهذه النقطة لأنها مهمة.. أنتم الـ(20) قائداً ميدانياً تنتمون لـ(17) قبيلة مختلفة.. السؤال: ما هي الـ(17) قبيلة هذه؟؟ ثم هل أبعدتم أي شخص زغاوي كوبي؟؟ وهل بين المؤيدين لكم زغاوة من غير الزغاوة كوبي؟
  _  “جبريل” ينتمي للزغاوة الكوبي، ومن داخل ذلك الفرع قرّب أسرته الذين يجمعهم جد واحد.. أما باقي القبائل الأخرى فلا حول لها ولا قوة.. فقط مجرد أدوات.
{ طيب.. الـ(19) قائداً ميدانياً الموقعون على قرار العزل ينتمون لقبائل مختلفة وليسوا من قبيلة واحدة أو قبيلتين؟
_ لا توجد مؤسسية.. لذا هذا البيان يختلف عن ذلك تماماً.. كل الموقعين عليه أساسيين في الميدان.. هم (20) قائداً ينتمون لـ(17) قبيلة مختلفة، ناهيك عن باقي القيادات غير المدرجة أسماؤهم والمكاتب الخارجية والنازحين واللاجئين، والشباب والطلاب.. هؤلاء هم الحركة.. الذي تبقى هو “جبريل” وعائلته وهم يعيشون في فنادق أوروبا وغيرها.. هو الكل.. وهو الحق.. طبعاً لا شك هم مهمشون في غاية درجات التهميش.. وليس هناك أدنى اعتبار أو تقدير لهم كبشر ناهيك عن أنهم ثوار، ويمارس ضدهم التمييز والعنصرية النتنة.
{ هذه القبائل بدون الزغاوة تصبح (16) قبيلة.. كيف كان موقفها إبان فترة السنتين ونصف السنة التي تولى فيها د. “جبريل إبراهيم” رئاسة وقيادة الحركة من فبراير 2012 م- أغسطس 2015م؟
 _ لم نبعد الزغاوة.. معنا قائد من الزغاوة، ونحن خضنا تيار الإصلاح ووقف معنا كل الناس إلا المنتفعين من الأوضاع الداخلية للحركة.
والقبائل هي: (البرتي، البرقد، البرقو، النوبة، المسيرية، الزغاواة، الداجو، الميما، الرزيقات، الفلاتة، الميدوب، المساليت، الفور، التاما،  الارينقا، الهبانية والزيادية).. (17) قبيلة.
{ ما هي الدول أو الدولة التي كانت تتحكم في الحركة.. من خلال الدعم المالي واللوجستي؟
_ لم تكن هناك دولة محددة ثابتة تتحكم في ذلك، وإنما الأمر يتأتى وفق ظروف تلك الدول. فعندما يشعر رئيس دولة ما بخطر يداهمه، يستنجد بنا كحركة كي نحمي كرسيه، مقابل دفع مبالغ مالية.. لكن المال، للأسف، بدلاً عن أن يوظف لأغراض الحركة العامة فإنه يذهب لحسابات جبريل في الخارج.
{ متى سينعقد المؤتمر العام للحركة لأنكم ذكرتم في بيانكم أن حركتكم التصحيحية ستعقد مؤتمراً عاماً للحركة لانتخاب قيادة جديدة أو بالأحرى رئيس جديد؟
– نعم، سينعقد المؤتمر العام للحركة في غضون الشهور القادمة..  وتعلمون نحن في طور الترتيب الداخلي للمؤسسة بعدما خربها المعزول “جبريل”. وسنعيد المؤسسية ونرسخ قيم العدل والمساواة بين الناس. وإن شاء الله سنُخرج الحركة في ثوبها الجديد.
{ حسناً.. حمل بيانكم- في رأيي- أهم نقطتين.. وأعدهما تمثلان نقطة مفصلية في حركة العدل والمساواة.. وهما إيجابيتان.. ولم تكونا من قبل من ضمن طرح وأجندة الحركة.. وهما: إعلانكم وقف إطلاق النار لـ(3) أشهر بدءاً من يوم 28 أغسطس 2015م.. وإعلانكم الموافقة على الدخول والانخراط في التفاوض مع الحكومة.. واستعدادكم للدخول في آلية التفاوض والحوار.. نريد إلقاء الضوء أكثر على هاتين النقطتين كلاً على حدة؟
_ سبب رفض التفاوض مربوط بمصالح “جبريل”، لأنه إذا تفاوض مع النظام ووصل لسلام ستتوقف الحرب.. وأنت تعلم أن هناك تجار حرب مستفيدون من استمرار الحرب، وهناك أموال تتدفق عليهم صباح ومساء في حساباتهم، فطبيعي أن يرفضوا السلام والحوار، لأن طبيعة الإنسان الأناني هي أن لا يهتم إلا بنفسه، ولا ينظر للحركة إلا بمنظار مصالحه الخاصة.
‎{ كيف ولماذا تغيرت وتبدلت رؤى وقناعات ومواقف حركة العدل والمساواة وبهذه الطريقة والسرعة وهي الحركة التي كانت ترفض الأمرين دوماً.. لا سيما مسألة التفاوض والحوار؟
_  الحركة لم تتغير كما ذكرت. وإنما تغير رئيسها الذي درج على رفض تلك النقاط لأجندة تخصه. لذا فإن كثيراً من الناس يعتقدون أن الحركة ليست مع الحوار وغير مستعدة لوقف إطلاق النار.. الحقيقة على أرض الواقع ليست كذلك، فكل قيادات الحركة مع تلك النقاط، لكن لغياب ثقافة الرأي والمؤسسية داخل الحركة فإن أصواتهم تكاد أن تكون غير مسموعة لأجهزة الإعلام، ويعتقدون أن مواقف “جبريل” الشخصية هي تعبير عن رؤية قيادات الحركة.. لكن الحقيقة عكس ذلك.. لذا نحن الآن انفجرنا كالبركان من الداخل كي نوضح للشعب رأينا، ونؤكد لهم موقفنا من قضايا البلاد المتأزمة. وكما تعلمون الحركة ظلت لزمن بعيد خارج السودان تتحرك في عمليات قتالية في الدول المجاورة بمقابل المال. وهذا هو السبب الجوهري في عزل جبريل. وسندخل الحركة إلى الداخل ونغير منهجيتها ومشروعها.
وتجارة الحرب أصبحت في دول أفريقيا كأي نشاط تقوم به أية مؤسسة اقتصادية.. وهناك وكالات باسم الثورة.. يأتي أحد يدفع لهم “القروش” كي يذهبوا للقتال معه وفق المال. وما الحرب التي جرت في تشاد وليبيا وجنوب السودان إلا دليل على ذلك.
{ ذكرتم في البيان عبارة (خارطة طريق).. لكن لم تكشفوا عن خارطة الطريق هذه.. بمعنى أن أية خارطة طريق تعني ذكر ووضع نقاط وخطوات سيتم الشروع في تنفيذها على الفور وفق برنامج زمني محدد وبتواريخ وتتالٍ معلوم ومرتب؟
– نعم، ذكرنا خارطة طريق لإدارة شأن الحركة.. وكما تعلم، أخي، الحركة منذ زمن بعيد تدار بدون مؤسسية، واستشرى الفساد والمحسوبية والتمييز بين الناس وانتهاك حقوق الإنسان والأجندة الخارجية.. نحن عكفنا على إصدار مشروع إصلاحي داخلي سميناه (خارطة الطريق)، بمعنى الطريق الجديد الذي ستتبعه الحركة في المستقبل، وأن تكون ذات أهداف وقيم تتماشى مع مشروع الحركة، ونبذ الأشياء القديمة كافة التي وسمت الحركة من ظلم وتهميش وتمييز. 
{ كم يبلغ المال الذي كان يدفع من الدولة الواحدة نظير عملكم أو نجدتكم لها؟
_ ‎نحن لا ندري بالضبط كم، لكنها مبالغ كبيرة جداً. و”القروش” لا تأتي للميدان حتى نعرف كمها، فهي تحول مباشرة في الحسابات الخارجية.. أذكر في ليبيا أنه في مرة واحدة تم تحويل (4) مليارات دولار لـ”جبريل إبراهيم” في بريطانيا، وتم ذلك عدة مرات، فهناك سرية وتعتيم على تلك المعلومات من جانبهم وأي شخص يتحدث أو يستفسر عن ذلك سيكون في خطر.. وأذكر في الجنوب في “بانتيو” نهبت (8) مليارات جنيه جنوبي من أحد البنوك في السوق، وتم تحويل المال إلى الخارج، لـ”جبريل” تحديداً، ولم يستفد الجيش بشيء سوى الجوع والمرض. ولم يسلم المقاتلين الميدانيين وهم أصحاب الوجعة أي حافز من هذه المبالغ، بل يتركون يتضورون جوعاً.
{ بدون ذكر أسماء.. كم عدد الرؤساء الذين استنجدوا بكم.. من كم دولة؟
 _ ثلاث دول.
{ لماذا رفض د. “جبريل إبراهيم” رئيس الحركة- المعزول- إصدار بيان لنعي شهدائكم من قادة الحركة في معركة (قوز دنقو) حسب ما ورد في بيانكم؟
_  “جبريل” رفض نعي الشهداء، لأن الخسارة كانت كبيرة بالنسبة له وللشعب السوداني، لكن من المفترض أن يكون شجاعاً وينعي أولئك الشهداء، لأن التاريخ والشعب ينتظره للحساب.
{ قلتم إن د. “جبريل” أصدر من قبل قراراً بالهجوم على نيالا دون استشارة أحد.. ألم يستشر حتى القادة الميدانيين العسكريين.. وإذا كان الأمر كذلك.. هل كانت الحركة تدار بهذه الطريقة؟

 _ نعم “جبريل” لم يخطر أحداً بهدف المأمورية إلى نيالا إلا المقربين منه. هل تعلم أعلى مسؤول في تلك المأمورية هو الجنرال “محمد البليل” لم يكن لدية معلومة عن هدفها؟ فقط الذين من حوله ويثق فيهم من صغار القادة خططوا معه لتلك المأمورية.. لذا كانت النتيجة غير متوقعة.
عملت تحت إمرة وقيادة الشهيد د. “خليل إبراهيم” ثم مع خلفه وشقيقه د. “جبريل إبراهيم”.. وسمعنا رأيكم في د. “جبريل”.. لكن لم نسمع رأيكم في د. “خليل إبراهيم”.. حدثنا عنه.. صفاته ومميزاته.. طريقة قيادته وتعامله مع منسوبي الحركة؟
 – د. “خليل” هو شخصية قيادية وذو صفات رسالية، وصادق في فكرة، عطوف وغيور على شعبه.. رجل شجاع لا يخاف في قول الحق لومة لائم.. رغم أن في فترة رئاسته للحركة حدثت كوارث،  من تصفيات واعتقالات داخلية تتم بعلمه، إلا أن الشر لم يكن منه هو شخصياً، بل من الذين حوله.. وفي عهده تم اعتقالي بطريقة غير مشروعة لفترة دامت أكثر من سنتين، وتعرضت لمحاولات تصفية جسدية عدة مرات، إلا أن قدر الله حال دون ذلك.
الشهيد د. “خليل” رغم ذلك هو رجل ثورة، يؤمن بمبادئ العدل والمساواة، ورغم حدوث بعض من الأخطاء في  فترته إلا أنه لم ينحدر لمستوى شقيقه “جبريل”، الذي لا يعرف عن الحركة سوى جلب “القروش”.
من سلبيات “خليل”، أنه إذا استطاع الشخص الدخول إلى قلبه يستطيع عمل أي شيء بموافقته، لأنه إذا اعتقد بعض الصفات في الإنسان فمن الصعوبة أن يغير فكرته عنه.. يعني عندما كان المرحوم “محمد بشر” أحد المقربين منه كان يقول: (محمد لا يكذب)، حتى وضع السم في الطعام وقدمه له.. وهذه واحدة من السلبيات.
{ ماذا تقول عن هؤلاء.. وما هي حدود علاقتك أو معرفتك بهم؟
“محمد بشر”.. د. “التيجاني سيسي”.. “بحر أبوقردة”.. “مني أركو مناوي”.. “عبد الواحد محمد نور”.. “جاليكوما”؟
_ “محمد بشر” توفي وانتقل إلى جوار ربه بكل ما يحمل!! “التيجاني سيسي” هو شخصية معروفة لكثير من الناس وأنا من ضمنهم، رغم أنه لم يكن بيننا سابق معرفة شخصية. وهو رجل ظهر إبان مفاوضات الدوحة بعدما أتت به وقادة فصائل حركات التحرير والعدل في جسم واحد، وقع بهم اتفاق سلام عرف بـ(وثيقة الدوحة).. “بحر أبو قرده”، سابقاً كان معنا في حركة واحدة، وعندما كنا بمكتب طلاب الحركة بالداخل كنا نتواصل معه.. حينها كان الأمين العام للحركة، وهو شخصية لها دور وإسهام في مشروع الحركة.. “عبد الواحد”، نسمع عنه في الإذاعات، ولا شك أنه تقف خلفه قوة كبيرة، إلا أنه لم يتمكن من توسيع حركته كي تحتوي الآخرين من القبائل الأخرى، حيث إن حركته ظلت أسيرة حلقة ضيقة. وحتى الذين انضموا إليه لم يتمكنوا من العيش معه..  “مني أركو مناوي”، لم ألتقه إلا إبان تشكيل قوات الجبهة الثورية في 2013م، وهو رجل له إسهامات في حركة تحرير السودان،  إلا أنه ينقصه بعض القدرات القيادية التي ينبغي توفرها في أي شخص يقود حركة مسلحة.
{ كيف تنظر إليهم؟
_ رؤيتي في أولئك القادة، أنهم كلهم مسؤولون عن فشل ثورة الهامش، حيث لم يتمكنوا من تمديد طرح الثورة كي يقتنع بهم باقي الشعب السوداني، لأن تلك الحركات ظلت حبيسة في دارفور لم تتجاوزها لباقي الأقاليم، كما هو معروف في تجارب الثورات التي تنتشر بسرعة في قلوب الناس.. رغم أن كل مبررات ودوافع الثورة موجودة الآن، فالذين كانت بأيديهم مصائر تلك الثورة أهدروها في منتصف الطريق.. والتاريخ سيسألهم عن ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية