وزير الإعلام بالسلطة الإقليمية د. "عبد الكريم موسى" لـ(المجهر)
(ما في ود مقنّعة دفع مليم واحد في مشاريع الإعمار)
ما حدث من الموقعين على (اتفاقية الدوحة) أمر مؤسف!!
من يملك مستندات فساد ضد “السيسي” فليذهب إلى القضاء
حوار- فاطمة مبارك / وليد النور
شهدت السلطة الإقليمية لدارفور أحداثاً عاصفة في الأيام الماضية، ووصل الخلاف فيها حد الاشتباك بين الأطراف الموقعة على (وثيقة الدوحة) لسلام دارفور بفندق (السلام روتانا) وسط حضور رسمي ودبلوماسي كبير، إثر قيام مجموعة حزب التحرير والعدالة برئاسة “بحر إدريس أبو قردة” باقتحام الاحتفال مما اضطر المنظمين إلى إلغاء الاحتفال المخصص لفتح مظاريف مشاريع التنمية.. (المجهر) حاورت وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم السلطة الإقليمية لدارفور د. “عبد الكريم موسى عبد الكريم”، الذي قال إن السلطة الإقليمية جهاز تنفيذي، ويجب أن لا يزج بها في المهاترات السياسية، مشيراً إلى أن الحركات المسلحة كافة التي تحولت إلى أحزاب عليها الالتزام بقانون الأحزاب والممارسة الديمقراطية وليس إتباع طريق القوة، وعليها أن تحتج بطرق سلمية لأننا لسنا في غابة.
{ كيف تفسر ما حدث من مشادات واشتباكات بين الأطراف المكونة للسلطة الإقليمية؟
_ أولاً، السلطة الإقليمية من المؤسسات الكبيرة التي يسلط عليها الضوء الإعلامي، وهي ليست مشكلة دارفور بل مشكلة السودان في دارفور، وما حدث ليلة (الأربعاء) من هرج ومرج وفوضى عارمة أدت إلى إلغاء احتفالية كانت مخصصة لفتح مظاريف مشاريع الإعمار التي تقدر قيمتها المالية بـ(640) مليون جنيه هي من ضمن المصفوفة (ب) للسلطة الإقليمية لدارفور التي تمولها الحكومة بمبلغ (800) مليون جنيه رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وصادقت الدولة على المبلغ لإعادة مشاريع الإعمار، وقبل فتح المظاريف حدث هجوم من مجموعة متفلتة تحفظت على المشاريع، ما حدث شيء مؤسف، خاصة أن هذا السلوك قد بدر من الذين يدعون بأنهم جاءوا من أجل إنسان ومواطن دارفور، لأن هذا المحفل لم يكن سياسياً ولم يقم به حزب “التجاني السيسي”، بل أنا أفهم أن يكون تشاكساً سياسياً ومنافسة سياسية بين أحزاب سياسية، لكن أن يحدث تحرك لإفشال عمل تنفيذي فهذا ليس من الحكمة.
{ من هم المتفلتون الذين نفذوا الهجوم؟
_ معلوم أن هنالك صراعاً وخلافاً سياسياً بين حزب التحرير والعدالة الذي يتزعمه “بحر إدريس أبو قردة” وحزب التحرير والعدالة القومي الذي يتزعمه د. “التجاني السيسي”، وليلة (الأربعاء) كان “أبو قردة” موجوداً وكل أجهزة الإعلام أوردت ما حدث، لكنها لم تشر إلى مرتكبيه الذين قاطعوا الاحتفالية وهم مجموعة “بحر”.
{ هنالك اتهام موجهة إلى السلطة الإقليمية بالفساد؟
_ نحن نعمل في دولة ولسنا في غابة، والسلطة الإقليمية مؤسسة من مؤسسات الدولة ويترأسها الرجل الرابع في الدولة، وعندما خرجت إلى السطح اتهامات الفساد خرج وزير الدولة بالمالية د. “عبد الرحمن ضرار” وقال إن وزارة المالية شريك للسلطة الإقليمية في مشاريع إعادة الإعمار وكل من لديه اتهام ويملك المستندات عليه أن يتوجه إلى القضاء أو إلى مفوضية الفساد، وإذا ثبتت تهمة الفساد على “السيسي” فليعدم في الشارع العام.
{ المفوضية لم تُنشأ بعد؟
_ هذه ليست مشكلة.. من يملك مستندات عليه الذهاب إلى المحكمة.. ورئيس الجمهورية هو الذي أصدر قرار تمديد فترة السلطة الإقليمية، ثم لماذا لا يتقدم مروجو الاتهامات بمستنداتهم إلى الصحف أو يحتجوا رسمياً للمحكمة الدستورية ليثبتوا أن رئيس السلطة الإقليمية ومن معه فاسدون؟؟ هذه هي الطريقة المتحضرة التي يفترض أن تحدث، وحتى لو كان هنالك فساد فهنالك مؤسسات وقنوات مسؤولة عن كشفه وكشف مرتكبيه، لكن ليس بالطريقة التي تمت إلا إذا كنا نحن (ما قاعدين في دولة).
{ الذين تتحدث عنهم هم حديثو عهد بالعمل السياسي وكانوا في حركات متمردة فلماذا فوجئتم بفعلتهم؟
_ كل من تحول من حركة مسلحة وأنشأ حزباً سياسياً ينبغي له أن يتقيد بالعملية السياسية ويلتزم بقانون الأحزاب والعمل المدني، ولا يخرج من عباءة الحركات المسلحة.. ولا يوجد مبرر للعمل الذي قاموا به.
{ سبق وأن منع أعضاء حزب “السيسي” ندوة بولاية جنوب دارفور لحزب “أبو قردة”.. لماذا لم تتدخل السلطة الإقليمية؟
_ لست ممثلاً للحركات.. أنا أمثل المؤتمر الوطني، والمسؤولية تقتضي أن أتدخل لفض الاشتباك بين الحزبين لأن المنتمين إليهما كانوا شظايا لحركات متمردة تم تجميعهم وإحضارهم.. يجب على الناس أن تفرق بين الأحزاب السياسية والسلطة الإقليمية كجهاز تنفيذي، لأن الحزبين ليست لهما علاقة مباشرة بالسلطة الإقليمية وهي الذراع الأساسية لتنفيذ (وثيقة الدوحة)، ولا يمكن أن نجعل من الإسقاطات السياسية مبرراً. وكون “السيسي” رئيساً لحزب هذا لا يعني أن هذا الحزب لا علاقة له بالسلطة الإقليمية، لأنه رئيس لوزراء منتمين لأحزاب شتى.
{ لكن سبب الخلاف هو عدم شرعيته كرئيس للسلطة؟
_ “السيسي” تم تعيينه من رئيس الجمهورية ومن يعترض عليه يجب أن يتقدم بشكوى لرئاسة الجمهورية أو بالطرق المعروفة المتبعة، أو يطعن في قرارات الرئيس أمام المحكمة الدستورية.. من يطعن في شرعية “السيسي” يجب عليه احترام قرار رئيس الجمهورية على الأقل.. والسؤال هو: هل يمكن لأنصار “السيسي” تعطيل منشط تنفذه وزارة الصحة الاتحادية التي يتولاها رئيس حزب التحرير والعدالة “بحر إدريس أبو قردة”؟؟ السلطة الإقليمية لا علاقة لها بالسياسة.. أكرر السلطة لا علاقة لها بالسياسة.
{ لكن السلطة جاءت عبر تجميع حركات مسلحة قاتلت الدولة؟
_ الآن لا توجد حركات مسلحة، هنالك أحزاب سياسية فقط، والسلطة الإقليمية لا تضم حزبي التحرير والعدالة فقط فمعهما شركاء، منهم العدل والمساواة، ولا يمكن أن تتوقف أنشطة السلطة الإقليمية من أجل خلافات أو تشاكس.
{ من الذي يحسم الصراع؟
_ الصراع يحسمه رئيس الجمهورية.. والمسألة لها تقديراتها، والرئاسة لديها تفاصيل ما حدث وهي مدركة لما تفعله، وستتم معالجة الأمر حسب الجدول الموضوع.
{ الخلاف بين الحزبين المتشاكسين.. هل هو حول إعادة هيكلة السلطة الإقليمية؟
_ مسؤول ملف السلطة الإقليمية بدارفور د. “أمين حسن عمر” جمع الطرفين قبل أكثر من أسبوع، وتم الاتفاق بحسم الأمر بالتوافق ورفع أجندة الاجتماع لرئاسة الجمهورية.
{ لكن القضية تفجرت قبل أن تحسم الرئاسة الأمر؟
_ رئاسة الجمهورية لا يمكن أن تعطل عملها من أجل عيون السلطة الإقليمية.. العمل يتم حسب الأولويات.. والدولة ليست مع طرف من الأطراف ضد الآخر، لكنها حريصة على تنفيذ المشروعات التي تهم المواطنين والنازحين.
{ المؤتمر الوطني وهو حزب شريك في السلطة الإقليمية.. لماذا تباطأ في حسم الصراع بين الطرفين؟
_ هذا الكلام غير صحيح.. فوجود د. “أمين حسن عمر” والمشاورات التي يقوم بها بين الأطراف كافة المحلية والإقليمية جزء من عمل المؤتمر الوطني، ولا يمكن للحدث الذي وقع ليلة (الأربعاء) أن يكون بسبب تباطؤ المؤتمر الوطني.. فالوطني حريص على تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار في دارفور.
{ لكن المؤتمر الوطني من قبل أتى بـ”مني أركو مناوي” لمدة خمس سنوات وفشل في تنفيذ (اتفاقية أبوجا) وعاد إلى التمرد مرة أخرى؟
_ ما ذنب المؤتمر الوطني إذا كان “مني أركو مناوي” قد خلق مشكلة في أم درمان استخدمت فيها المدافع الرشاشة ضد الدولة؟؟ لا توجد دولة محترمة في الدنيا تسمح بذلك.
{ ولكن الاتفاقية نصت على بقاء الحركات محتفظة بسلاحها إلى حين تنفيذ الترتيبات الأمنية؟
_ نعم.. الدولة سمحت بذلك من أجل إحلال السلام في دارفور، لكن حركة “مني” خرقت الاتفاق باستخدامها السلاح وسط المدنيين، ولا يمكن أن تسمح الرئاسة بالفوضى.. والمفترض أن نركز على مصلحة المواطنين في دارفور.
{ ما هي الطرق التي يسلكها الوطني لتضميد الجراح بين حزبي التحرير والعدالة؟
_ نحن ظننا حسن بالحزبين، وما وقع بينهما من تشاكس هو نتيجة لحرصهما الشديد على تنفيذ بنود (اتفاقية الدوحة) للسلام، لكن لكلٍ طريقة في التنفيذ، فيجب أن نقدم النصح للطرفين لأن المستفيد في النهاية هم أهل دارفور، ونحن لسنا مع طرف ضد الآخر.
{ هل هنالك صراع قبلي بين الحزبين؟
_ لا أعتقد ذلك.. لكن هنالك حزبين مختلفين في تنفيذ ما وقعا عليه في الدوحة، وكانا حزباً واحداً.
{ لماذا تأخر تنفيذ المشروعات إلى السنة الرابعة من عمر السلطة الإقليمية؟
_ السلطة الإقليمية تم تكوينها في العام 2011م، لكن السنة الأولى كانت للتأسيس وهذه المشروعات كان مخطط لها أن تنفذ، لكن قبل التنفيذ يجب أن تمر بعدة مراحل منها المسح الجغرافي والاتفاق مع الولايات ومن ثم وضع التقديرات المالية وتوفير الدعم الذي تم.. وفي العامين الأخيرين تمت الإجراءات كافة المتعلقة بالعطاءات وفرزها، والدولة وفرت مبلغ (800) مليون جنيه رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها.
{ أين دعم المانحين وقطر؟
_ كل المشاريع التي تمت (ما في ود مقنّعة دفع فيها مليم واحد)، كلها تمت بتمويل من الدولة، رغم ذهاب البترول وفقدان جزء كبير من الميزانية، ولا يمكن أن تنفذ مشاريع السلطة الإقليمية دون بقية ولايات السودان.
{ لكن ولايات دارفور تعاني من الحرب وليست كبقية الولايات؟
_ لا يمكن أن تحول الميزانية إلى ولايات دارفور بسبب الحرب، لتقوم حروب في الولايات الأخرى بسبب نقص الخدمات.
{ كيف تموّل مشاريع الإعمار بالسلطة الإقليمية؟
_ هنالك ثلاث نوافذ، أولاها نافذة إعادة الإعمار وهي من المكون المحلي، ونافذة دولة قطر التي تمول مشاريعها عبر منظمة قطر الخيرية وأنشأت عدداً من القرى بدارفور، ثم نافذة المانحين وهي دعم الاتحاد الأوروبي والصين وبعض الدول الأخرى وتتم مشاريعها عبر (UNDP)، والمشاريع التي تم تنفيذها من المكون المحلي ومولتها وزارة المالية الاتحادية نفذت عبر عطاءات عن طريق البنك بفتح اعتمادات لوزارة المالية، وتتم وفق إجراءات العطاءات المعروفة عبر مقاولين يرسو عليهم العطاء ويبدأون العمل، ويتم منحهم شهادة إنجاز من الولاية تتم مطابقتها مع وزارة المالية وتحول إلى البنك للصرف.. وبهذه الطريقة لا يمكن أن يكون هنالك مجال للحديث عن الفساد.