بين "سلفاكير" و"مشار"اتفاق حرب الـ(20) شهراً…عقبات التنفيذ
تقرير- عماد الحلاوي
(الأوضاع الإنسانية تسوء في جنوب السودان .. العديد من التقارير كشفت عن فظائع ارتكبت هناك من بينها إحراق أناس في منازلهم… إن مدى ومستوى الوحشية التي ميزت الهجمات ضد المدنيين يشير إلى عمق من الكراهية يذهب إلى ما هو أعمق من الخلافات السياسية).. هكذا وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، “ستيفن أوبرين”، في إيجاز أمام مجلس الأمن الوضع في جنوب السودان.
بهذا الوصف انتبه المجتمع الدولي لما يجري في جنوب السودان.. وتفجر القتال بين الجيش والمعارضة المسلحة في أحدث دولة بأفريقيا في ديسمبر 2013 واستمر منذ ذلك الوقت رغم التزامات “كير” و”مشار” العديدة بوقف العنف.
وقتل أكثر من (10) آلاف شخص كما شرد نحو (1.5) مليون شخص ويواجه الكثيرون صعوبة في الحصول على غذاء كاف.
من جهتها، قالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان، “أيلين مارغريت لوي”، أمام مجلس الأمن إن اتفاق السلام، إذا وقع، سيكون (خطوة أولى فقط)، مشيرة إلى العديد من العقبات.
وحذرت من أن (السلام والاستقرار والازدهار لن تتحقق في جنوب السودان بين عشية وضحاها).
وقال سفير نيجيريا “جوي أوغوو” رئيس المجلس للشهر الحالي، إن الدول الأعضاء (تؤكد استعدادها للتحرك فوراً إذا لم يوقع الرئيس “سلفا كير” على الاتفاق غداً كما سبق أن وعد).
القيادي الجنوبي “عبد الله دينق نيال” شكك في إمكانية صمود الاتفاق، إلا أنه يرى فيه الخيار الأفضل للجنوب.
وقال لـ(المجهر) إن بديل عدم التوقيع يعنى استمرار الحرب، والذي يؤدي بدوره إلى تفكيك الدولة وبالتالي فنائها.
وأكد على أن الجهود الدولية لإحلال السلام في الجنوب جهود مقدرة من قبل أهل الجنوب، ولكنها لا تمثل صمام أمان لتنفيذ الاتفاق وإحلال السلام.
أما المحلل السياسي البروفيسور “الطيب زين العابدين” بدا متفائلاً في أن الاتفاق سيحقق نتائج جيدة باستمرار الضغط الدولي ومعونة دول الجوار خاصة السودان، فالجنوب يعتمد كلياً على البترول وهو متوقف الآن، ولا يمكن استمرار هذا الوضع.
وأشار “زين العابدين” إلى أن صورة الاتفاق النهائي معروفة ومتفق عليها وتبقى الخطوة الأصعب في التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بالسلطة والسيطرة على ولاية الوحدة.
وكان الرئيس “سلفا كير”، رئيس دولة جنوب السودان، امتنع في 17- أغسطس عن التوقيع على اتفاق سلام في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، فيما وقع خصمه، قائد المتمردين، “رياك مشار” بالفعل على الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت (20) شهراً… إلا أنه واجه احتمال فرض عقوبات عليه وأن تقوم الأمم المتحدة بفرض حظر على تصدير الأسلحة لبلاده.
ووقع “كير” النص فقط بالأحرف الأولى ونددت حكومته بالاتفاق معتبرة أنه (استسلام)، لكنه وافق على توقيع اتفاق من شأنه أن ينهي حرباً أهلية مستمرة منذ (20) شهراً في البلاد، كما أعلن متحدث باسمه أمس الأول (الثلاثاء).
وقد اقترحت حكومة الجنوب مشروع الاتفاق، غير أنها طلبت (15) يوماً إضافياً للتوقيع عليه بشكل نهائي.
وكان وسطاء قد هددوا بفرض عقوبات دولية على طرفي الصراع في السودان مالم يوقعا على الاتفاق الاثنان في العاصمة الإثيوبية.
وحذرت الأمم المتحدة أمس من عدم توقيع رئيس جنوب السودان الرئيس “سلفا كير” على اتفاق السلام مع المتمردين في بلاده. وقالت الأمم المتحدة إنها مستعدة للقيام بتحرك فوري ما لم يوقع رئيس جنوب السودان على اتفاق السلام والذي من المقرر أن يوقعه لإنهاء شهور من الحرب الأهلية الدموية .
وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية إن هذا الاتفاق يحدد كيفية اقتسام الزعيمين السلطة فور تشكيلهما حكومة مؤقتة.
تفاصيل من الاتفاق
ويقترح الاتفاق أن يبقى “كير” رئيساً في الوقت الذي يصبح فيه “مشار” نائباً للرئيس.
واتفق الطرفان المتحاربان أيضاً على الالتزام باتفاق لوقف إطلاق النار وقع في يناير 2013 ولكنه خرق مراراً.
وحذر دبلوماسيون إقليميون الطرفين المتحاربين من أن الإخفاق في تنفيذ الاتفاق قد يؤدي لفرض عقوبات عليهما.
ويعتبر هذا الاتفاق جزءاً من جهد دولي لإقرار السلام في دولة جنوب السودان، تشارك فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والنرويج والصين والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما شارك فيه زعماء أوغندا وكينيا وإثيوبيا بجانب السودان.
وأعربت روسيا والصين عن تحفظات حيال مشروع النص كما فعلت بعض الدول الأفريقية، لا سيما بشأن العقوبات التي تستهدف أولئك الذين يعتبرون عائقاً أمام اتفاق السلام.
وبدأت الحرب في جنوب السودان في ديسمبر عام 2013 حين اتهم “كير” نائبه السابق “مشار” بمحاولة الانقلاب عليه، ما أثار موجة من أعمال العنف امتدت من “جوبا” إلى كل أنحاء البلاد واتخذت أحياناً طابعاً اثنياً وشهدت ممارسات وحشية.
ويحتاج أكثر من (70%) من سكان جنوب السودان (12 مليون نسمة) إلى مساعدات عاجلة. ونزح نحو (2,2) مليون من منازلهم، وفق الأمم المتحدة التي حذرت من أن بعض المناطق مهددة بالمجاعة.