باعة الاستوبات: الأرزاق في انتظار الإشارة الحمراء
ظاهرة أوجدتها إزالة الأسواق الثابتة
الخرطوم – نجدة بشارة
نشطت في الآونة الأخيرة البضائع المعروضة على الاستوبات بالشوارع الرئيسية بشكل كثيف وملفت للنظر حتى كادت الاستوبات أن تتحول إلى أسواق ذات إيقاع سريع، تجد فيها مختلف السلع والمنتجات، وفيها وجدت هذه التجارة المتحركة القبول من بعض المارة وقوبلت بالرفض والاستهجان من آخرين وصفوها بالظاهرة المزعجة.
ويرى مراقبون أن سياسة المحليات التي اتبعتها مؤخراً بإزالة أغلب الأسواق الحيوية وتشريد الباعة والفريشة أدى إلى هروب هؤلاء الفريشة إلى الاستوبات لأكل العيش.(المجهر) استطلعت عدداً من الباعة الجائلين بالاستوبات عن الظاهرة.. وأسباب كثافة انتشارها في الآونة الأخيرة. ويرى البائع “حسن الشريف” أن عرض البضائع في الاستوب يحقق عائداً سريعاً دون التعرض لمطاردة المحليات أو دفع رسوم، وقال: كنت أعمل بموقف بحري قبل قرار المحلية بإزالة السوق وتحويله إلى دكاكين ثابتة وإيجار عالي، فما كان أمامي غير اللجوء إلى طريقة أخرى لأكسب لقمة العيش فلجأت إلى الوقوف في الاستوب وعرض بضاعتي على أصحاب السيارات المتوقفة لبضع لحظات فأحصل على القليل من الربح بعد التوقف طيلة النهار.. وبسؤاله عن أنواع البضائع المرغوبة من قبل المارة أشار إلى أن هنالك أكثر من 30-40 بائع بالاستوب الواحد، وقال إن البضائع متنوعة منها إكسسوارات السيارات، ملابس الأطفال، لعب الأطفال، الفاكهة، الانتيكات..
في المقابل ابتدر “أحمد حمزة” حديثه قائلاً: لجأنا إلى الاستوبات لتلافي المضايقات التي نواجهها من قبل الجهات الحكومية في الأسواق والمحال التجارية الثابتة.. وقال: أعمل يومياً على عرض بعض السلع منها ملابس الأطفال والأواني المنزلية، ونلجأ دائماً إلى عرض البضائع المرغوبة وينشط العرض حسب المواسم مثل رمضان والأعياد والمدارس…. إلخ، وأكد أن التجارة في الاستوبات تحقق أرباحاً جيدة نسبة لارتفاع أسعارها مقارنة بالأسواق ولحوجة بعض الزبائن لها.
وحسب الخبير الاقتصادي الأستاذ الجامعي “صلاح فضل السيد” فإن ظاهرة البيع على الاستوبات بها خطورة على الباعة في وسط السيارات المسرعة لتخطي الاستوب، وقال إن هؤلاء الشباب يسابقون الثواني المعدودة لحين الأرزاق ويعرضون بضائعهم في وقت إضاءة الشارة الحمراء.. ويرى “فضل السيد” أن البضائع المعروضة غالباً ما تكون موسمية تقابل احتياجات الناس.
وأشار بأصابع الاتهام للمحليات التي لم تعر هؤلاء أدنى اهتمام، وقال: إن المحليات لجأت إلى إزالة الأسواق الكبيرة كسوق بحري وسوق جاكسون دون أن توجد بدائل للباعة والفريشة الذين يلتقطون أرزاقهم من هذا العمل.. فبدلاً من أن تعالج مشكلة صغيرة خلقت مشكلة أكبر بوقوف أعداد كبيرة من الباعة في الاستوبات بجانب المتسولين لتكون ظاهرة أكثر خطورة على العاصمة الحضارية في الأسواق الثابتة.
وطالب جهات الاختصاص بالتدخل لمعالجة هذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم يوماً بعد الآخر. وعلى المحليات توفير الفرص لهؤلاء الباعة ليعيشوا عيشة كريمة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد.