مجرد سؤال ؟؟؟
جاء ليسرقنا فسرقنا قلبه!!
رقية أبو شوك
وصلتني رسالة عبر (واتساب) أحسبها من أجمل ما قرأت، لذا وددت أن تشاركوني الإعجاب حتى نكون جميعاً مثل هذا الرجل الحكيم.. الرسالة تقول:
جلس رجل حكيم على ضفة نهر، وفجأة لمح قطاً وقع في الماء.. وأخذ القط يتخبط محاولاً أن ينقذ نفسه من الغرق. وقرر الرجل أن ينقذه فمد له يده فـ(خمشه) القط. فسحب الرجل يده صارخاً من شدة الألم، لكن لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى مد يده ثانية لينقذه فـ(خمشه) القط، فسحب يده مرة أخرى صارخاً من شدة الألم. وبعد دقيقة راح يحاول للمرة الثالثة!!
وعلى مقربة منه كان يجلس رجل آخر يراقب ما يحدث، فصرخ الرجل: أيها الحكيم لم تتعظ من المرة الأولى ولا المرة الثانية وها أنت تحاول إنقاذه للمرة الثالثة؟؟
لم يأبه الحكيم لتوبيخ الرجل، وظل يحاول حتى نجح في إنقاذ القط، ثم مشى الحكيم في اتجاه ذلك الرجل وربت على كتفه قائلاً: يا بني من طبع القط أن (يخمش) ومن طبعي أنا أن أحب وأعطف، فلماذا تريدني أن أسمح لطبعه أن يتغلب على طبعي؟
يا بني: عامل الناس بطبعك لا بطبعهم مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم التي تجرحك وتؤلمك في بعض الأحيان. ولا تأبه لتلك الأصوات التي تعتلي طالبة منك أن تترك صفاتك الحسنة لمجرد أن الطرف الآخر لا يستحق تصرفك النبيل.
عندما تعيش لتسعد الآخرين سيبعث الله لك من يعيش ليسعدك (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).. كن جميل الخلق تهواك القلوب.. فلا تندم على لحظات أسعدت بها أحداً حتى وإن لم يستحق ذلك.
يقول ابن القيم: (الدين كله خلق فمن فاقك في الخلق فقد فاقك في الدين).
(انتهى)
ألم أقل لكم إنها من أجمل ما قرأت!!
نعم القط من طبعه (الخمش)، لكن نحن بني الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، يجب أن نتحلى بالأخلاق الطيبة الكريمة والرسول صلوات الله عليه وسلامه كان خلقه القرآن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وهو قدوتنا.. يجب أن لا نحرج أحداً وأن لا نقول له كلاماً لا يرضيه ويحبطه ويدمره.. فالكلمة الطيبة صدقة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ).. يا لها من معانٍ سامية.. الأصل ثابت والفرع في السماء.. فحتى الذي يسأل الناس يجب أن لا نتضجر منه ونزجره وننهره بحجة أنه يسأل: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ).. فصاحب الأخلاق العالية هو أرفع درجة ومكانة عند الله سبحانه وتعالى.. فلنكن كشجرة النخيل:
كن كشجرة النخيل عن الأحقاد مرتفعا
ترمى بحجر فتعطي أطيب الثمر
وأيضاً يجب أن نكون كشجرة الصندل تعطر فأس قاطعها، فالدنيا ذاهبة ونحن ذاهبون ولن يبقى إلا الأثر الطيب والمعاملة الطيبة التي نُذكر بها ونحن قد ودعنا الدنيا إلى الآخرة حتى ننعم بجنة عرضها السموات الطيبة.
إن التطبع بطائع الآخرين السيئة والتعامل معهم بالمثل لا يجدي، يجب أن نعلمهم الدروس والعبر حتى يستفيدوا ويتركوا طبعهم ويتحلوا بالطبائع الجميلة.. واللص الذي دخل بيت “مالك بن دينار” رحمه الله ليسرق وخرج تائباً، أكبر دليل على الكلمة الطيبة والتي هي كما قيل مفتاح القلوب.. والقصة أن اللص نظر فإذا بـ”مالك” يصلي وعندما سلم ونظر إلى اللص قال: (جئت تسأل عن متاع الدنيا فلم تجد؟؟ فهل لك أن تسأل في الآخرة من متاع؟؟)، فاستجاب اللص وجلس وهو يتعجب من الرجل.. فبدأ مالك يعظه حتى بكى وذهبا معاً إلى الصلاة.. وفي المسجد تعجب الناس لأمرهما.. أكبر عالم مع أكبر لص أيعقل هذا؟؟فسألوا “مالك” فقال لهم: (جاء ليسرقنا فسرقنا قلبه).. وهذا تأكيد أن الكلمة الطيبة مفتاح القلوب.