والي جنوب دارفور "آدم الفكي" في حديث الصراحة والمفاجآت (2 – 2)
هناك سياسيون يعملون بشريحتين واحدة مع المؤتمر الوطني والثانية مع التمرد
أخطأت الحكومة في تصنيف النازحين واعتبارهم متمردين!!
ما كنت أتوقع خروجي من جنوب كردفان ولكني جندي في الإنقاذ
لا خلاف بيني و”د. التجاني السيسي” في الدوحة (شرقاً)
حوار – يوسف عبد المنان
في الجزء الثاني من الحديث مع المهندس “آدم الفكي” والي جنوب دارفور يتحدث الوالي عن هموم ومشكلات الولاية ومستقبلها السياسي.
{ هناك شكاوى من تعدد القوات النظامية مما يصعب السيطرة عليها؟؟
– نعم في هذه الولاية الجيش قوة.. والدعم السريع قوة والاحتياطي المركزي قوة ثانياً الناس هنا أيام الحروبات أصبح أي شخص يستطيع تكوين قوة خاصة به بدعوى حماية نفسه ومنطقته، وبالتالي لا تستطيع أن تتهم جهة بعينها أنها وراء الفوضى التي تحدث.. نحن الآن (شغالين) في ثلاثة مسارات.. قوات حرس الحدود الآن تم ضبط حركة العربات الخاصة بهم.. الأخوة في جهاز الأمن جاءوا بعربات صغيرة لضباط الأمن الآن وصلت أكثر من مائة عربة حتى لا يصبح مظهر الضابط في السوق يقود عربة بها مدفع دوشكا وعشرات الجنود.. بدأنا في تجميع الأسلحة في (هناكر) كبيرة لجمع الأسلحة، لكن القضية تحتاج إلى صبر لأنها ظاهرة لن تنتهي قريباً.. هناك تجار حرب في دارفور بعض الناس يعملون (بشريحتين) شريحة مع المؤتمر الوطني وشريحة مع الحركات المتمردة، هناك من لهم ارتباطات خارجية لا يريدون استقرار الأوضاع في جنوب دارفور لأنها ولاية الأخطر على السودان.. حدودنا مع أفريقيا الوسطى حوالي (60) كيلو متراً.. والجنوب قريب جداً وتشاد.. لذلك لو حدثت أية اختلالات هنا قد تنتقل سريعاً للأبيض والضعين وكوستي.
{ هل معسكرات النازحين تشكل أيضاً تحدياً أمنياً للولاية خاصة وقد عجزت النخبة الحاكمة طوال السنوات الماضية عن إحداث اختراق سياسي من جهة مواطني المعسكرات سوى ما قام به الوالي الأسبق “د. عبد الحميد موسى كاشا”؟
– رؤيتنا للمعسكرات يجب إعادة الثقة معهم، أنا بعد وصولي نيالا أرسلت لقادة النازحين هم لديهم كباتن هنا وكباتن في الخرطوم وكباتن في الخارج، هذا شيء طبيعي.. لكن المعسكرات بها (495) ألف نسمة، لو الكباتن (95) ألف يبقى هناك (400) ألف مواطن لا علاقة لهم بالتمرد.. أبناء النازحين عند زيارتنا لـ(معسكر كلمة) وافتتاح مشروعات الإعمار وإنشادهم لنشيد العلم وتمجيد السودان، هذا موقف مهم.. هناك خطأ في تصنيف النازحين بأنهم جميعهم متمردون هذا خلق شعوراً سالباً.. النازحون كثير منهم لا علاقة لهم بالتمرد.. مثل الذي حدث في سوريا خوفاً من الموت الإنسان يهرب إلى الأماكن الآمنة.. عندما تكونت المعسكرات أصبح صوت حركات التمرد عالياً والحكومة صنفتهم كمتمردين، هذا جعل التمرد يستفيد من تصنيف الحكومة واستقطاب النازحين.. لذلك القضية تحتاج لإعادة ثقة بين الناس في المعسكرات.. لقد تناول معنا قادة النازحين وجبة إفطار رمضان في منزلي، وقال بعضهم إنهم لأول مرة يدخلون بيت مسؤول حكومي.
النازحون ينقسمون إلى ثلاث فئات، الأولى تعتقد أنها يجب أن تعود لقراها وزراعة مزارعها التي تركتها، وهناك فئة ترفض العودة للقرى القديمة وتطالب بتخطيط المعسكرات وجعلها مدينة مثل سائر المدن في دارفور، وهناك فئة ثالثة تريد أن يبقى المعسكر كـ(مسمار جحا) ضد الحكومة والدولة.. الفئات الثلاث موجودة في كل المعسكرات لكن الذين يرغبون في العودة الطوعية عددهم كبير جداً.. والذين يطالبون بالتخطيط أيضاً عددهم كبير.. ولكن الأقلية مع الاحتفاظ بالمعسكرات، لقد حاورت النازحين في القضية الإنسانية كيف لسوداني يسمح لنفسه أن يبقى في قطعة عرضها (10) أمتار وطولها (10) أمتار لمدة (13) سنة حتى المرافق الصحية نجد صعوبة في إنشائها.. كيف يتعذب هذا النازح في وطن مساحته مليون ميل مربع كما يقولون، طبعاً هذا قبل الانفصال.. لقد أقر النازحون بأن هذه حياة ذل.. المعونات الأجنبية التي تقدم للنازحين تم خفضها بنسبة (70%) الفرد الآن نصيبه في الشهر “ملوة” من الذرة.. يجب أن نعمل مع الأغلبية من النازحين.
{ العودة الطوعية تواجهها مشكلات كبيرة.. النازحون حينما خرجوا من قراهم قبل (13) عاماً جاءت فئات أخرى وقطنت تلك القرى واستولت على مزارع السكان الأصليين؟!
– لدينا في “قريضة” عندما نزح السكان جاء مواطنون آخرون وسكنوا مساكن الذين نزحوا، قبل أيام عقدنا لقاءات بين السكان الأصليين والسكان الذين وفدوا إلى المنطقة، توصلنا معهم إلى أن المزارع (الفارغة) يتركوا الناس الجدد يزرعون فيها، لكن المزارع تخذها البعض تجارة عندما وجدوا الأرض خالية من الزراعة (استأجروها لآخرين) مثل هذه القضايا تحتاج لمعالجات تتصف بالحكمة.
{ النازحون الراغبون في البقاء بالمدن.. هل لديكم استعداد لتمليكهم الأراضي؟؟
– لماذا لا يملكون أراضي أم بدة كانت معسكر نازحين الآن أصبحت محلية، و”الحاج يوسف” وكرتون كسلا كان أيضاً منطقة نازحين وجبل أولياء و”دار السلام”، هؤلاء الآن مواطنون هم يتحدثون عن حواكير.. طيب أنت الأرض التي نقيم فيها ما أرض ناس آخرين.. لماذا لم يطردوك منها؟؟ لقد قطعنا خطوات كبيرة مع النازحين وبدأنا التفاهم حول كل القضايا، لدينا السكة الحديد تصل حتى منطقة “صليعة”.. القطار يصل هناك بعدد (55) عربة، ولكن عند وصوله “صليعة” يرفض سكان المعسكرات أن يصل القطار نيالا وتضطر الحكومة لنقل البضائع بالعربات الصغيرة ويستغرق وصول القطار قرابة الشهر.. بالتفاهم مع النازحين ثم فتح الطريق على أن تتولى قوات اليوناميد حراسته.. اتفقنا على وصول الإسفلت إلى المعسكر لأن “عبد الواحد محمد نور” لديه وجود بهذه المعسكرات، ولكن هناك ايجابيات كبيرة داخل المعسكر هناك (106) ألف طالب يدرسون بالمنهج الوطني وهؤلاء قضيتهم يريدون الحفاظ على هوية السودان، الحركة الشعبية في جبال النوبة درست الطلاب المنهج الكيني وفي المعسكرات الآن بتشاد يتم تدريس المنهج التشادي.. هؤلاء يريدون فصل جبال النوبة.. بالمعسكرات هناك ايجابيات.
{ أصبحت نيالا الآن قبلة لكل من يملك عربة غير مرخصة وقد تكون بلا أوراق لأن الوالي اتخذ قراراً بترخيص العربات بعد دفع رسوم جمارك لا تتعدى الـ(60) ألف جنيه للعربة؟؟
– حينها ووجدنا هناك عدد كبير جداً من عربات الدفع الرباعي بلا ترخيص، بعض هذه العربات جاءت من تشاد والبعض الآخر من ليبيا ومن أفريقيا الوسطى.. إذا قررنا عدم تحرك أية عربة غير مرخصة هل تستطيع السيطرة على تلك العربات.. عقدنا اجتماعاً مع أصحاب السيارات الذين اعترفوا بأن سياراتهم بعضها استولوا عليها من العمليات العسكرية مع الحركات المسلحة وبعضها من ليبيا أيام “القذافي”، اتفقنا معهم وإدارة الجمارك على خفض أسعار الجمارك للعربة.. ويتم ترخيص العربات.. أي عربة نهبت من الخرطوم أو تمت سرقتها من القوات النظامية تظهر أرقامها أثناء الترخيص.. أي عربة ليس لها سجل تذهب للمرور للحصول على اللوحات وتدفع رسوم الجمارك وتصبح عربة شرعية.. بعد ذلك إذا ارتكبت جريمة نستطيع الوصول إليها.. قرار منع الدفع الرباعي قرار غير صحيح حتى الآن سجلت لدينا (30) ألف عربة في انتظار الترخيص ودفع الرسوم المقررة (60) ألف جنيه للعربة الواحدة.. هناك عربات لاندكروزر جديدة يملكها مواطنون بلا أوراق.. وهناك عربات جاءت من ليبيا.. لو تركنا هذه العربات بلا ترخيص سترتكب بها جرائم.. الأفضل أن يتم ترخيص العربات وتصبح لديها لوحات ويكون لديها سجل.. البديل هو ستبقى هذه العربات وتعتبر مهدداً أمنياً كبيراً.
{ قد تتسلل بعض العربات من الخارج لانتهاز هذه السانحة؟؟
– لا قبل بدء الترخيص حصرنا العربات حتى لا تدخل عربات من الخارج.. قبل هذا القرار كانت العربة اللاندكروزر الجديدة موديل 2014م، تباع في نيالا بمبلغ (300) مليون وفي الخرطوم بمليار جنيه.. لذلك يتم (جذر) العربات وبيع أجزائها في الخرطوم، هناك سوق للعربات في الخرطوم يسمى سوق نيالا.. بدلاً من ترك الأمور هكذا لا بد من حلول.
{ حدث الآن انتقال من أورنيك (15) الورقي للأورنيك الإلكتروني ولكن مع هذا الانتقال فقدت الولايات إيرادات ضخمة ونعيش الآن حالة فقر مدقع؟؟ كيف تتم معالجة الفجوة الإيرادية؟؟
– نعم هناك فجوة إيرادية حدثت جراء هذا الانتقال، لكن لإصلاح مثل الداء لا بد من الصبر عليه، نعم ستحدث فجوة ونقوم بعلاجها لكن بعد فترة سوف يتعافى الاقتصاد.
{ هناك محليات الآن أصبحت فقيرة جداً ونجد معتمداً لا يستطيع صرف وقود لسيارته؟؟
– سوف تتم معالجة هذه الفجوة.. لابد من الاستمرار في العلاج المُر، وزير مالية جنوب دارفور كان وكيلاً لوزارة المالية الاتحادية الأخ “يوسف الحسين”، وبحكم علاقته تقدمت ولاياتنا في تطبيق القانون.
{ في ظل ضعف الشبكة وشح الكهرباء كيف تطبق العملية خاصة في المحليات؟
– لا ما كثيرة.. الشبكة ليست صعبة.. كل المشكلة أن المحصلين لا يريدون التحصيل الإلكتروني، هنا في الولاية وجدت مقاومة شديدة ورغبة في العودة لأورنيك (15)، ولكني رفضت ذلك إذعاناً لتوجيهات المركز حتى لا تعود الممارسات السابقة.. بعد الحقنة الخامسة وتناول المشروبات بعد يبلغ المريض العافية.
{ في مدينة نيالا تذبذب في التيار الكهربائي وهناك انقطاع دائم للتيار من بعض الأحياء؟؟
– نيالا كمية الكهرباء (17) ميقواط والحاجة الحقيقية حوالي (30) ميقواط.. بعض الفنادق لا تدخل ضمن المناطق الإستراتيجية.. كل المدينة بعد الساعة الثاني عشر ليلاً كل المدينة تتم إضاءتها في ساعات النهار يتم توزيع الكهرباء على الأحياء.. الآن وصلت اسبيرات لكهرباء نيالا بموجبها سوف يرتفع الإنتاج إلى (22) ميقواط.. تم الاتفاق مع السلطة الإقليمية لدعم كهرباء نيالا بعشرة ميقواط لتصل الكهرباء إلى (32) ميقواط هذا تيار كهربائي مناسب جداً.. بدأنا خط نيالا، كاس، والفولة نيالا الذي ينتهي في عام 2017م.
{ ما هو مشروع “آدم الفكي” الوالي في جنوب دارفور؟؟
– الآن نعد في مشروع جنوب دارفور لمعالجة قضايا السلام والتنمية.. هذا المشروع طويل قضية الوحدة والنسيج الاجتماعي ودرء آثار الحرب من القضايا التي تشكل لدينا أولوية وإخراج القبائل من قضايا الحكم والسلطة.. سوف نقوم بعملية إحصاء دقيق للأطباء والاختصاصيين.. والكوادر المساعدة من أجل إنسان الولاية، لدينا مشكلات في الصحة والمياه لا تزيد عن (50%) من حاجة المدينة.
وجدت ولاية جنوب دارفور تنتج (50%) من إجمالي إنتاج الفول السوداني من كل الإنتاج السوداني ولا يوجد إلا فقط (50) جراراً زراعياً.. نفترض أننا ضاعفنا عدد التراكتورات الزراعية كم يبلغ الإنتاج من الفول السوداني.. هذه الولاية يومياً هناك (2) ألف جلد ولا توجد مدبغة واحدة كل الجلود تذهب إما للخرطوم يتم تهريبها لدول الجوار الأفريقي.. أنظر الآن لمطار نيالا الدولي كيف هو مطار بائس ويحتاج إلى صيانة.. لذلك نصمم الآن في مشروعنا في أقل من شهر لإخراج جنوب دارفور من نفق الحرب لفضاء السلام.
نسبة التعليم في الولاية (28%)، نسبة التعليم قبل المدرسي (14%) كذلك نحن أمام تحدٍ كبير جداً نحتاج لوقت لإنجاز ما نحن نخطط له.
{ كيف هي العلاقة بين السلطة الإقليمية وحكومة الولاية؟؟
– السلطة الإقليمية حققت إنجازات كبيرة جداً وتم إنشاء مدارس ومرافق صحية.. وأنا كوالٍ عندما أذهب الخرطوم لا بد من أن التقي برئيس السلطة الإقليمية “د. التجاني سيسي” لأنه رئيس وأقوم بتنويره بكل الموقف في الولاية.. لقد اتفقنا أن تنعقد اجتماعات خاصة بقضايا الأمن في الولايات الخمسة.
أنا عرفت “د. السيسي” لأول مرة بعد تعييني والياً.. وهو شخصية محترمة جداً، نحن يجمعنا (اتفاق الدوحة) الذي نعمل من أجل نجاحه.. وبالتالي لا ينبغي أن يكون هناك توتر.. الآن حركة التحرير مشاركة معنا في الحكومة بنائب رئيس لجنة لأن عضوية التحرير والعدالة نائب برلماني واحد في جنوب دارفور.. وأبو قردة لديه وزارة.. وتوزيع الوزارات الحزبية مسؤولية الخرطوم. فقط أنا كوالٍ أحدد معايير وكفاءة المرشحين للوزارات.. لقد وجدت وزيرين من خارج الولاية، هما وزير المالية والتخطيط العمراني ولديهما أداء ممتاز جداً لذلك تم الإبقاء عليهما.
{ هل كنت تتوقع أن تأتي لجنوب دارفور؟؟
– أبداً حتى في آخر لحظة كنت على قناعة بأنني سأبقى في جنوب كردفان، ولكن للقيادة رأي آخر وأنا جندي في الإنقاذ أينما اختارت القيادة أنا على استعداد.