رأي

بكل الوضوح

معالم وملامح انزاحت من شارع حياتنا
عامر باشاب
 
{ مع زحمة الدنيا وضجيجها، ومع دوامة الحياة الطاحنة ومع ساقية العمل الصحفي المدورة على طول دون توقف.. كلما وجدت سانحة للانفراد بالذات لأتجاذب أطراف الحديث مع النفس أنتهزها فرصة لاسترجع شريط الذكريات، وطبعاً (الذكريات صادقة ونبيلة وتوحي للحبايب أشياء كثيرة).
{ ومع صدق الذكريات وجمالها أسرح وأدور في ارتحال طويل عبر قطار الحياة لأتوقف “شوية” مع الزمن في (المحطات الحنينة القصرت مشوار سفرنا).
{ محطات الزمن الجميل والدنيا الحلوة وأيامنا الخوالي، وكلما يتوقف بي قطار الذكريات في واحدة من محطات الزمن الجميل، تجدني أضرب كفاً بكف متحسراً على (أيام مضت يا حليلا) وأشياء ضاعت، وفضائل غابت، وقيم انقرضت، وكثير من اللافتات المدهشة والمعالم البارزة والملامح الأصيلة التي تلاشت وانزاحت من شارع حياتنا مع سبق الإصرار والترصد.
{ البيت الكبير والحوش الفسيح والأسرة الممتدة، الجد والأعمام والأخوال والعمات والخالات و(الجار القبل الدار) و(الشارع البربي) و(المدرسة الكانت فعلاً أساس) و(المعلم ود الناس) و(السوق الما مطلوق) و(التاجر القنوع) البخاف الله ويتحرى الحلال والبركة في المال، و(العامل الشريف) و(الموظف النظيف) والحرص على العمل بالثانية والدقيقة والساعة والتفاني من أجل الصالح العام، والحفاظ على المال العام وخدمة وطنية يومية في كل المواقع.
{ أعود تاني من تاني للمحطات الحنينة وأتذكر اللمات والملمات و(إيه الدنيا غير لمة ناس في خير أو ساعة حزن).
{ لمة الناس، كل الناس، مع البكور حول كفتيرة شاي اللبن بالحليب الصافي كصفاء شروق شمس الصباح، والصباح رباح.
{ واللمة التي تليها لمة أفراد الأسرة عند ساعة الفطور. أما اللمة الكبيرة و(الخطيرة جد) هي اللمة التي كان يحرص عليها كل أفراد الأسرة للتجمع حول صينية وجبة الغداء، وهذه اللمة كانت عبارة عن برلمان أسري مصغر، فيه تطرح القضايا الأسرية الكبيرة للمداولة والنقاش، وفيه تحل المشكلات العسيرة وتعالج الأمور الخطيرة، وبهذه اللمة دائماً ينعدل المسار وينصلح الحال عند الكبار.. ومنها يتعلم الصغار الحكم والدروس والعظات.
} وضوح أخير
{ السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة: ترى هل يعود ذا الزمن؟
{ هل يعود الزمن الجميل الذي لم نكن نعرف فيه الزيف والخداع والغش والمكر والخيانة؟!!
{ الزمن الذي لم نسمع فيه أبداً عن مفردات مثل (الفساد) و(العنف) و(الاغتصاب)؟!!
{ ولم نر فيه الضغائن والغبائن، ولم نسمع فيه عن الجهوية والقبلية والصفوية والعنصرية، زمن كان فيه النيل أبونا والجنس سوداني.
{ يا ترى هل يعود ذا الزمن؟!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية