تركيب عدادات المياه الذكية في الأحياء.. العار الخدمي!!
بقلم – عادل عبده
مسكينة الدعاية المفضوحة التي تحاول تصوير القرار المرتقب لهيئة مياه المدن ولاية الخرطوم بتركيب عدادات المياه الذكية في الأحياء بأنه خطوة لترشيد استهلاك المياه!! لماذا يحاولون الضحك علينا واستلاب عقولنا؟؟ فالشاهد أن المشروع صيغة واضحة المعالم لجمع المال من المواطنين المساكين واستحلاب مواردهم الشحيحة لخزينة الدولة التي لا تكتف من موارد الجباية والرسوم المتعددة.
خرجت علينا ولاية الخرطوم بهذا القرار الموجع بلا رحمة ولا شفقة وهي تضع عنصر الحياة الإستراتيجي المتمثل في الماء على (فاترينا) العرض التجاري والاستثماري بلا خجل ولا حتى ذرة عطف على المواطن المكدود الذي صار يترنح من عاصفة الغلاء الطاحن التي تلاحقه من كل جنب!!.. هل يعقل أن يدخل الماء في عالم (البزنس) وفضاءات التسويق في بلد يوجد فيه أطول أنهار العالم والعديد من مساقط المياه الكثيرة من أمطار غزيرة وخزانات جوفية واسعة ومنابع موسمية عديدة؟!.. كيف يتم ملء خزانة ولاية الخرطوم من عائدات الماء الذي يعتبر العنصر المنقذ للحياة إذا غاب أطل الموت والعدم فضلاً عن كثرة وجوده وتعدد منابعه، بل من المؤسف أن يصبح السودان الدولة الأولى في أقطار حوض النيل التي تستخدم العدادات الذكية لبيع المياه، بينما توجد دول في الحوض أكثر فقراً من بلادنا لم تطبق هذه التجربة المريرة.
لقد أصابنا هوس الجباية الكثيفة وجمع المال الوفير على كل الأصعدة حتى وصلنا إلى مستوى التهافت على بيع قطرة ماء إلى المواطن المسكين في “زقلونا” و”مايو” و”الدروشاب” من خلال العداد الذكي.. إنه العار الخدمي الذي يعني الفشل الذريع في خدمة المواطنين دون مراعاة تجاوز الخطوط الحمراء في شؤون حياتهم التي لا تقبل المساس، فالشاهد أن وزير البيئة التحتية “أحمد قاسم” لمن يكن موفقاً وهو يتحدث عن قرارهم المرتقب بزيادة تعرفة المياه بنسبة (100%)، فضلاً عن تركيب العدادات الذكية بأحياء ولاية الخرطوم!!
المحصلة ستكون المسؤولية ضخمة أمام مجلس تشريعي الخرطوم وهو يدرس قرار العدادات الذكية وزيادة تعرفة المياه!! هل هؤلاء جاءوا لإسعاد المواطنين أم النكد عليهم؟ لا شك أنهم تحصلوا على الامتيازات والمكتسبات الدستورية بحكم مواقعهم الجديدة، فقد جرت العادة أن يقف رجال الجهاز التشريعي مع أصحاب التدابير في الجهاز التنفيذي ليكون السيناريو في حكم الإعداد الجاهز اللهم إلا إذا حدثت معجزة وخطوة لم تكن في الحسبان!!
الامتحان سيكون عسيراً أمام مجلس تشريعي الخرطوم، فالأمر يتعلق بالزيادة في الماء وليس الدجاج الكويتي والسيارات اليابانية وحلوى (الشوكلاتة) الفاخرة.. لابد أن تدخل قوة الوعي وحساب الضمير في دراسة القرار المرتقب وفي الذهن أن الماء شبه مجان في “مصر” و”أثيوبيا” ومعظم دول الحوض، وأن قدرة “حاج إبراهيم” في الخرطوم لا تحتمل شراء برميل واحد!!