شهادتي لله

الكهرباء والمياه .. إدارات فاشلة!

ومثلما تختلق وزارة الكهرباء هذه الأيام حججاً ومبررات لإقناع قيادة الدولة والبرلمان والرأي العام بتمرير زيادة على تعرفة الكهرباء، دخل وزير البني التحتية بولاية الخرطوم المهندس “أحمد قاسم” على الخط، وأعلن أنهم بصدد الدفع بمقترح زيادة فاتورة المياه بنسبة (100%)!! هل هؤلاء وزراء قادرون على ابتكار الحلول وتحقيق الإنجازات دون اللجوء إلى (جيوب) المواطنين؟!
لماذا لا تتم الإطاحة بأي وزير يعجز عن حل المشكلات المتعلقة بخدمات الشعب حتى ولو لم يمضِ على تعيينه (3)شهور؟!
في “الأردن” أصدر الملك قرارات بإقالة وتعيين وتعديل (11) حكومة  بـ(11) رئيس وزراء .. فقط في الفترة من العام (2000م) إلى العام (2015م) بواقع سنة وأربعة شهور لكل حكومة!! و”الأردن” أكثر استقراراً سياسياً، اقتصادياً وأمنياً من السودان، فلم لا تتم إقالة وزير الكهرباء ووزير البني التحتية بولاية الخرطوم، ليأتي بعدهما من يستطيع وضع خطط وبرامج لاستدامة خدمات الكهرباء والمياه في بلاد يجري على أراضيها أطول أنهار العالم؟!
وعندما يتحدث الوزير “معتز موسى” عن زيادة تعرفة الكهرباء وأنه لا مفر منها، فإن متوسط فاتورة الكهرباء في “مصر” القريبة يتراوح من (2) جنيه .. جنيهين لا غير إلى (10) جنيهات مصرية في الشهر، لشقة متوسطة الحجم!! وهذا يعني أن فاتورة الكهرباء تعادل ما لا يزيد عن (عشرة جنيهات سودانية) في الشهر لمنزل يتكون من غرفتين وهول وصالون وحمام ومطبخ!!
أي أن متوسط تكلفة الكهرباء للمواطن المصري (في الشهر) – كما يقول “عادل إمام” – تساوي قيمة (2) سندوتش شاورما و(4) سندوتشات فلافل!!
في السودان .. ولمنزل يتكون من ثلاث غرف وصالة وحمام ومطبخ، فإن متوسط فاتورة الكهرباء (في فصل الصيف) لا يقل عن (500) جنيه وقد تصل لـ(1000) جنيه مع الترشيد .. تقل قليلاً في موسم الشتاء. ( شوف دي كم سندوتش طعمية بأسعار الخرطوم).
ولا يقولن أحد إن “مصر” تنعم باستقرار الكهرباء التي تكفي أكثر من (90) مليون نسمة، من إنتاج (السد العالي) الذي بسببه تم ترحيل آلاف الأسر من أهلنا في “وادي حلفا”، فهذا الزعم مردود ومكذوب، إذ أن الكهرباء الواردة للشبكة المصرية من توليد “السد العالي” لا تزيد في أحسن الأحوال عن(2000) .. ألفي ميغاواط .. بينما تنتج عدة محطات حرارية أخرى ما لا يقل عن (13000) .. ثلاثة عشر ألف ميغاواط من الكهرباء، هذا غير آلاف الميغاواطات المتوقعة من  محطات إضافية قيد الإنشاء!!
كم محطة حرارية كانت ستقوم في السودان بطاقة تساوي أضعاف إنتاج “سد مروي” لو تم توجيه التمويل في هذا الاتجاه؟! أما في ما يتعلق بفاتورة المياه في (شمال الوادي)، فإنها لا تتجاوز (17) جنيهاً مصرياً لشقة متوسطة في مدينة (أكتوبر) الطرفية بالقاهرة التي تحتاج لنحو (40) دقيقة بالسيارة لتبلغ مشارفها من كورنيش النيل!! في “مصر” حيث يصلها النيل شريطاً ضعيفاً ضحلاً بعد قطعه آلاف الكيلومترات من المنابع في “أوغندا” و”إثيوبيا”، لا تزيد فاتورة (الموية) المشت من عندنا .. عن ما يعادل(20) جنيهاً سودانياً!! بينما يدفع كاتب هذا المقال (45) جنيهاً سودانياً شهرياً، وبيتي لا يبعد سوى (مائة وخمسين متراً) عن شاطئ النيل الخالد!!
يمر النيل من أمام منزلي مسافراً إلى القاهرة، فيصلها بعد أسابيع، ورغم ذلك تبيعه الحكومة المصرية هناك بواقع (17) جنيهاً للشقة في ضواحي القاهرة!! بينما يطالب هنا في”الخرطوم” المهندس “أحمد قاسم” برفع فاتورتنا إلى نحو (100) جنيه!!
أزمتنا في السودان في من نختارهم لتولي أمور الشعب وهم أعجز وأضعف من أن يتصدوا لهذه المسؤوليات.
أزمتنا إدارية .. هندسية  طاحنة.. فغالب أصحاب القدرة والخيال من الإداريين والمهندسين إما هاجروا خارج البلاد، أو قابعون في بيوتهم مهملين .. لا يسأل عنهم أحد ولا تشاورهم جهة .
أكثر ما أزعجني من تصريحات الأيام الماضية ما قاله مدير هيئة المياه القديم الجديد المهندس “خالد علي خالد”، عن أن سبب أزمة المياه في أحياء جنوب الخرطوم مؤخراً هو(سوء استخدام المياه) .. دا حالتو المدير الجابوه فزع وحلال المشبوك!! يعني الناس ح يكونوا عملوا بالموية شنو؟! ما يستحموا يعني؟ وللا ما يشربوا؟! علماً بأن أطباء الكلى يشتكون دائماً من عدم شرب المواطن السوداني لكميات كافية من المياه يومياً، ما تسبب في تزايد أمراض المسالك البولية!! إذا كان هناك سوء استخدام وإهمال، فهو من هيئة المياه – نفسها – التي تترك المواسير مكسورة في الشوارع أياماً وليالٍ، رغم البلاغات، فتهدر كميات كبيرة من المياه تتحول لبرك ومستنقعات متعفنة يتوالد فيها البعوض والذباب وأرتال الجراثيم (شخصياً بلغت عن ماسورة يتكرر كسرها بالحي فلم يأتِ عمال الهيئة لإصلاحها لعشرة أيام .. فاضطررت لإصلاحها باستجلاب عمال من السوق.. وقس على ذلك أداء وعمل الهيئة).
اللهم إنا نسألك اللطف والتخفيف.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية