ترشيد الأفراح!!
{ انتصر الهلال على فريق سموحة المصري بهدفين دون مقابل، وهو انتصار متوقع على فريق مصري مغمور لم يسمع به أحد إلا في السنوات الأخيرة.. حيث تدحرجت الكرة المصرية لأسفل وفقدت الكثير من بريقها القديم على مستوى الأندية والمنتخب، ولم تعد الأندية المصرية هي الأهلي المدرسة أيام “الخطيب” و”مختار مختار” و”مجدي عبد الغني” و”علاء ميهوب”، وغربت شمس البطولات من ديار الزمالك القلعة البيضاء التي توارت منها نجومية عهد “حسام حسن” و”إسماعيل يوسف”.. والآن لا يستطيع حتى مشجعي الأهلي في مصر التغني بأسماء ثلاثة لاعبين دع عنك نحن السودانيين.. وكنت راعياً للأبقار في كردفان وأحفظ أسماء أغلب نجوم الكرة المصرية، بسبب تأثير الإعلام المسموع وما يصلنا من مجلات (المصور وأكتوبر ورز اليوسف).. الآن الكرة المصرية يمثلها سموحة في الأبطال ويغيب الإسماعيلي فريق الدراويش.. ويغيب الاتحاد السكندري.. والمقاولون العرب، فريق رجل الأعمال “عثمان أحمد عثمان”.. والهلال السوداني انتصر على الأهلي في القاهرة بهدف “ريتشارد”.. ولا تنسى الذاكرة الكروية هدف “صبحي” في شباك الزمالك.
وقد يقول البعض إن هدف “نزار حامد” في شباك سموحة أجمل وأروع من قذيفة “صبحي”، لكن المسافة بين الزمالك التاريخ والبطولات وسموحة المغمور كالمسافة بين ليفربول في بريطانيا وشختار دونيسك الأوكراني.
انتصر الهلال في المباراة الثانية بالبطولة الأفريقية بعد تعادل في معقل الغربان بلوممباشي.. ولا تزال أمامه مسافة بعيدة لبلوغ المربع الذهبي والترقي على حساب منافسيه.. لكن السودانيين بطبيعتهم (عجولين) في كل شيء، يسرفون في الأحلام ويبيعون لأنفسهم الأوهام، أخذوا يحدثون أنفسهم عن حظوظ الهلال في نيل كأس البطولة.. وقد هاجم النقاد والمعلقون بين شوطي مباراة الهلال وسموحة، أداء الفريق، بل ذهب لاعب الهلال السابق “دنيلسون” ليقول إن ما قدمه الهلال من أداء في شوط المباراة الأول هو أسوأ أداء يقدمه الفريق طوال مشاركاته الأفريقية، لتأتي الأهداف في الشوط الثاني وتنقلب الآراء القادحة إلى مادحة.. ويصبح “كاريكا” بطلاً.. و”وليد علاء الدين” هو (بيرلو) السودان.. و”سيف مساوي” هو “سيرجو راموس” القلعة الزرقاء.. مالكم كيف تنظرون؟ وتقيمون الأشياء بعاطفية وتضخمون انتصار الهلال على فريق عادي جداً.. وتضعون اللاعبين في مصاف الأبطال لزيادة الضغط عليهم.. لو بلغ الهلال هذا العام دوري الأربعة، يجب أن نعدّ ذلك خطوة نحو اللقب.. وفي العام القادم نعيد صياغة فريق كرة القدم من جديد.. نهتم باللاعب الوطني الذي أثبت أنه أفضل من المحترف العاطل عن اللعب في الأندية.. ويحمل الواحد منهم (سيديهات) ويجوب البلدان الأفريقية والعربية بحثاً عن مغفلين مثل بعض متنفذي الأندية السودانية للتعاقد معهم.
لقد شاهد السودانيون في المدن والقرى والفرقان لاعباً برازيلياً اسمه “جوليام” جاء به السماسرة من إندونيسيا ليلعب في الهلال، وهو لاعب غير مؤهل لارتداء قميص النيل أبو عشر أو ساردية شندي، فكيف يلعب في فريق مثل الهلال؟ وننتظر منه إحراز الأهداف في شباك مازيمبي والمغرب التطواني؟؟
لا يزال أمام الهلال مشوار طويل و(معمعة) البطولة الأفريقية لم تدخل الأشواط الحاسمة.. أمام الهلال مباراة المغرب التطواني خارج الديار إذا حقق نتيجة إيجابية وانتصر على مازيمبي في أم درمان يقترب جداً من الصعود.. ثم يبدأ الحديث عن مباريات نصف النهائي.. متى نتعلم من الآخرين؟؟ برشلونة هذا الصيف لم يقل إنه سيحصد لقب البطولة حتى بعد انتصاره العريض على الفريق الألماني بايرن ميونخ، ووصوله النهائي ومواجهة عملاق إيطاليا جوفينتوس.. ولكن نحن في السودان نسابق الزمن ونمني النفس ببطولة بعيدة جداً عن الهلال والمريخ.. ونبيع لجمهور كرة القدم الأوهام والأماني.. ولا نفرح برشد كما يفعل العقلاء في العالم.