شمعة الأمل
تفشى الفقر وسط المجتمعات الريفية.. ونخر في عظم المجتمع، وما عادت الدولة من خلال واجهات وآليات الزكاة والرعاية الاجتماعية قادرة على مواجهة الواقع الراهن.. من تنامي الحاجة خاصة وسط سكان الأرياف التي كسدت تجارتها وزراعتها وظل أهل الخير من القطاع الاجتماعي الذي وهبه الله سعة في الرزق شريكاً أصيلاً في درء آثار الفقر وتخفيف وطأته، وما تقوم به الدولة هذه الأيام من زيارات لأصحاب الحاجات سراً وعلناً وتقديم يد العون للمحتاجين تقوم جهات خيرية إنسانية بتقديم أكثر منه في صمت شديد.. وقد عرف رجال مال كُثر بأعمال الخير في كل شهور السنة وفي رمضان على وجه الدقة.. في الحاضر الماثل هناك أيادٍ بيضاء لرجال أعمال تمتد للبسطاء والمساكين تخفف عنهم غلواء السوق.. ويضفي رجال مال أمثال الطريفي الابتسامة على الوجوه العابسة ويتكفل الرجل في صمت بعلاج المرضى وإطعام الجوعى.. وتتجمع حول كوفتي للشاي في رمضان النسوة ينتظرن عطاءً محدوداً وأيادٍ بيضاء ظلت تمسح الدموع وتجفف الأحزان.
في الأسبوع الماضي قادتني مناسبة اجتماعية لزيارة محلية السوكي بولاية سنار.. وهي منطقة زراعية حالها يسوء كل عام لا لضعف الإنتاج ولكن لبؤس حصاد المزارع وتدني أسعار المنتجات.. وتتمازج في السوكي مكونات السودان الإثنية.. جاء من الشمال التجار وكبار المزارعين.. وجاءت من الشرق مجموعات.. ومن الغرب أخرى ومن الجنوب والوسط.. وكردفان.. وتشكل مجتمع السوكي بوسطية أهل الجزيرة.. وعطاء الصعيد وكفاح أهل الغرب.. حدثني “عبد القادر مصطفى الأمين” أحد قيادات المؤتمر الوطني التي ارتبطت بالنشاط السياسي والاجتماعي بولاية سنار ورفض مغادرة المنطقة.. حدثني عن عطاء لنائب الدائرة السابعة ورجل الأعمال “فضل محمد خير” الذي ظل لمدة 3 سنوات يقدم في رمضان حقيبة صائم للمحتاجين وغير المحتاجين لتبلغ عدد الحقائب التي وزعت هذا العام (16) ألف حقيبة لعدد (30) ألف أسرة بعيداً عن أضواء الإعلام وأبواق الإذاعات.. رغم وجود الوالي “الضو محمد الماحي” في احتفالية السوكي بعطاء رجل معطاء.. ظل يحظى بثقة الناس لينوب عنهم في البرلمان.. ممثلاً لهم وليس ممثلاً بهم كما حال بعض النواب.. أن يساهم رجل أعمال واحد في إطعام (30) ألف أسرة في رمضان بولاية سنار وحدها.. فإن ذلك جهداً ربما فاق جهود ديوان الزكاة في تلك الولاية.. وبالسودان المئات من رجال المال والأعمال الذين يساهمون في درء آثار الفقر.. يطعمون الجائع ويمسحون دموع الباكي.. وما “فضل محمد خير” إلا مثالاً لمئات من النماذج التي تعطي.. رجل الأعمال “إبراهيم بشير” صاحب شركات آمونيا للبترول مثال آخر للعطاء في صمت.. وهو يطوف بنفسه في هجعة الليل قرى دائرة الرهد يتفقد أصحاب الحاجات.. وقد بلغت مساهمته في مشروع نهضة كردفان أكثر من مليار جنيه .. ود. “قاسم بدري” مدير جامعة الأحفاد من أهل المال الذين ينفقون على تعليم الفقراء والمساكين بمنح مجانية وتتحمل جامعته الأحفاد تعليم بعض البنات مجاناً.
إضاءة أعمال الخير وتشجيعها وحث الناس على التكافل والتراحم.. وتخفيف غلواء الفقر ونقص الأموال ينبغي أن يكون منهجاً لتحفيز من يعطي ويبذل ابتغاء وجه الله، فالمجتمع الذي يتقدم على الحكومات جديراً بالاحتفاء وجديراً بقيادة نفسه، إنهم يضيئون شموعاً في ليل طويل موحش.. شكراً لكل من مسح على خد مسكين وأزاح عنه الحزن والكدر.