الديوان

أهالي الشواك يتسابقون لنيل أجر إفطار عابري الطريق القومي

يتقدمهم العمدة “أبو كشحة” مرابطاً عند مدخل المدينة
القضارف – الشواك ـــ  سليمان مختار
رمضان في ضواحي وأرياف القضارف له طعم ومذاق خاص لما يتمتع به أهل الريف من ضيافة وكرم فياض. وفي مثل هذه الأيام  والأجواء الملبدة بالغيوم والسحب السوداء الداكنة التي تصد وتمنع أشعة الشمس الحارقة من أن تنسل وترسل لسعاتها الحارقة صوب الأرض البتول وساكنيها في القرى والفرقان التي ترقد في أطراف الولاية القاصية، حيث تجتمع بركات رمضان مع إرهاصات فصل الخريف، خريف الخير والبركات، يجتهد الناس ويتنافسون في عمل الخيرات والتعاون على ذلك، حفاظاً على العادات والتقاليد وسمات التكافل والتراحم خاصة في شهر رمضان التي يعضون عليها بالنواجذ وأصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، فالمواطن أينما كان يتفتق وينداح كرماً للزائرين أينما حلوا.
مدينة الشواك حاضرة محلية الفشقة التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي لولاية القضارف، هي عبارة عن سودان مصغر، إذ توجد بها ألوان الطيف القبلي بالسودان كافة، وتجمع المدينة بين الطابع الريفي والمدني مع غلبة الريفي كلما ارتبط الأمر بالأصالة.
{ طقوس ومظاهر رمضانية
قصدنا مدينة الشواك في اليوم السابع من شهر رمضان الكريم بعد أن تأخر بنا الوقت إثر عطل مفاجئ لحق بالعربة التي كانت تقلنا في زيارة للوقوف وتلمس بعض الملامح الرمضانية في تلك المدينة، وصلنا وأصوات أذان المغرب تعلو من المآذن لتعانق براح المدينة الواسع الرحيب معلنة ساعة الإفطار.. وكانت موائد الرحمن تنتشر على قارعة الطريق عند مدينة الشواك، ويبدو أن الصدفة جمعتنا بمائدة العمدة “معاذ السر البدوي” الشهير بـ”أبو كشحة”، الذي كان يرابط عند مدخل المدينة ليمارس عادته في منع المارة والمسافرين من مواصلة المسير والإفطار في مائدته الرمضانية الدائمة.. وعقب الإفطار تجاذبنا مع العمدة “أبو كشحة” الذي كان يجلس وسط الجمع، وقد ابتدر حديثه بأن مواطني مدينة الشواك ما زالوا متمسكين بعادات الإفطار خارج المنازل أو ما يعرف بـ(الضرا)، ولفت إلى أن تلك العادات الموروثة من الأجداد ساهمت في إذكاء روح الترابط بين المواطنين، وأن الإفطارات الجماعية ساعدت في استيعاب عمال الموسم الزراعي والعاملين في سدي أعالي نهر عطبرة وسيتيت وعابري السبيل. وأضاف إن أهالي الشواك يتسابقون في رمضان لنيل أجر إفطار عابري الطريق القومي.
{ ملامح رمضانية
وواصل محدثنا يقول إن الأجواء الإيمانية تتمثل مظاهرها في توجه الصائمين لأداء صلاة التراويح وإقامة حلقات تلاوة القرآن، وأشار إلى أن وقوع الشهر الفضيل في فصل الخريف أضفى عليه وجهاً آخر،  إذ يتناول الكثير من الناس وجبات الإفطار في البلدات والمشاريع الزراعية لأن ذلك يصادف تحضير الأرض للزراعة.. وختم حديثه بأن مدينة الشواك تتميز بنسيج اجتماعي متماسك إلا أنه يخاف عليها من “ساس يسوس”.
وهنا التقط الحديث العم “عوض أبو حجل” وهو أحد أعيان مدينة الشواك، وقال إن الزائر لمدينة الشواك في رمضان لابد أن تطأ قدماه منزل الراحل “عثمان حاج عمر” رجل البر والإحسان، مشيراً إلى أن داره ظلت على الدوام محفلاً للكرم الفياض في شهر رمضان وبقيت كذلك حتى بعد رحيله. وكذلك لابد أن يمر الزائر على دار الراحل العمدة “عز الدين هجو” عمدة قبيلة التعايشة، حيث بساط الكرم الفياض الذي لا ينضب معينه خاصة في شهر رمضان، ويختتم مزاره بخلاوي الشيخ “فكي جعفر” بالحي الغربي بالشواك ليتبرك بنار التقابة والقرآن التي تضيء المدينة. وقال إن صفات التكافل والتراحم ظلت حاضرة بمدينة الشواك في رمضان وغيره، لا تشوبها شائبة، ولم تتغير ملامحها وأصبحت تمثل الوجه المشرق للمدينة وأهلها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية