مجرد سؤال ؟؟؟
(عندكم زول ممتحن) ؟؟؟؟
رقية أبو شوك
نتيجة امتحانات الشهادة السودانية لها طعم خاص جداً تنتظرها كل الأسر بفارق الصبر حتى وإن لم يكن أحد من أبنائها ضمن الطلاب الممتحنين، وهؤلاء يسألون (عندكم زول ممتحن؟؟؟).
ولأن إعلان نتيجة الشهادة السودانية تعتبر عيداً أخر فقد أعجبتني جداً المادة الصحفية المميزة التي أعدتها الصحفية المميزة أيضاً الأستاذة فاطمة عوض بـ(المجهر) السبت الماضي، وقد تناولت خلالها أوائل الشهادة السودانية منذ العام 1960 وحتى العام 2014م.
قرأته حرفاً حرفاً …منهم من تعرفت عليهم واخزون لم أتعرف عليهم وقفت في المهندس الشهيد “محجوب شريف” الذي كانت له صولات وجولات في كهرباء العاصمة القومية وأبراج كهرباء العاصمة تشهد على ذلك، فالنوابغ دائماً يكون عملهم وبصمتهم التي يتركونها من ورائهم دروساً للآخرين وعلماً تستفيد منه الأجيال، ولكن الموت غيبه منا وفي عز إنجازه وكذا الشهيد الدكتور “عوض السماني” ود.”كبلو وآخرون تشرفت بهم (المجهر) في تقريرها (السبت) الماضي …فهؤلاء هم أبناء السودان النوابغ الذين تزينت بهم صفحات تاريخنا الأبيض الجميل وتزينت بهم لوحة شرف وزارة التعليم العام والعالي.
ولأن الشهادة السودانية وإعلان نتيجتها كما أشرت بأنها عيد للأسر فهي أيضاً تترك في أذهان الناس الكثير من الأسئلة على شاكلة (الأول جاب كم ومن ياتو مدرسة وهو أساساً من وين ؟؟؟ ).
التميز أيضاً ذو علاقة وطيدة بالأصل وأقصد هنا الولاية التي تعود جذوره إليها وكذلك المنطقة والعائلة والأسرة التي ينتمي إليها .
أقول هذا وفي خاطري المكالمة التي استقبلتها من المواظب جداً على (المجهر) وقراءتها الأستاذ (أحمد سودان) وهو من أبناء الولاية الشمالية تحديداً الغريبة فقد قال لي: (أول الشهادة السودانية هذا العام الطالبة عائشة هاشم هي أصلاً من الولاية الشمالية ومن منطقة الغريبة) قلت له: معقول ..ولأنني أعرف الغريبة أضفت في ردي له (الغريبة معروفة جداً بالعلم وأهلها يحبون أن يعلموا أبناءها حتى وإن ضاقت عليهم الظروف الاقتصادية). وقد كان مربي الأجيال الأستاذ المرحوم عبد الحليم القاضي من هنالك.. التربوي المعروف والذي تخرج على يديه المئات بل آلاف من الطلاب ونهلوا العلم منه وكذلك البروفيسور العالم الجليل “محمود ود أحمد” الذي استنبط عينة الذرة المعروفة والتي سميت باسمه (ود أحمد). وهذه العينة يعرفها جيداً المزارعون …معروفة بإنتاجيتها العالية ..هذا العالم الذى انتقل الى جوار ربه مؤخرا وهو الآخر من أبناء الغريبة .
التحية لأهل الشمالية وهم (ينجبون) النوابغ التي تزينت بهم لوحات الشرف، فكانت مدرسة كورتي الثانوية ودنقلا وكريمة ومروي.. كانت هذه المدارس معروفة جدا بأنها تذاع ضمن العشرة الأوائل آنذاك وعبر المذياع.
فكان الناس يتجمهرون ويجلسون وأمامهم المذياع الذي يبدأ في إذاعة أوائل الشهادة السودانية المساقين العلمي والأدبي.
ياله من زمن جميل ليته يعود الآن ليعود للتعليم بالشمالية ألقه القديم …ألقه وتوفق أبنائه الذي جاء بالاجتهاد الشخصي حيث الأمية التي تضرب معظم الأبوين.. ولان معظمهم كانوا أميين فأنهم كانوا يحرصون على تعليم أبنائهم أضف إلى ذلك كانوا يقومون بالمذاكرة ليلاً إما على ضوء المصباح أو بنور (القمرة) أو يكتفي البعض بالمذاكرة طوال النهار حتى لا يصاب(بالجيوب الأنفية) جراء دخان المصباح الذي غالباً ما يكون نوره من وقود الجازولين، إذ أن (الجاز الأبيض) كان للأسر المقتدرة فقط.
هكذا كان التعليم في الشمالية زمان وهكذا كان الأبناء يتفوقون، الآن ماذا أصابنا وتدنى التحصيل بعد أن توفرت كل المعينات، سؤال يفرض نفسه وبحاجة إلى إجابة سريعة حتى يصلح حال التعليم هنالك.