الجنرال والرابع من رمضان
{ لماذا يحتفل الجنرال “بكري حسن صالح” سنوياً بالرابع من رمضان في منزله ويجمع عدداً كبيراً من الناس، ويقيم وليمة عامرة بطيب الكلام وحفاوة الاستقبال قبل وفرة الطعام والشراب؟؟ للجنرال قصتان مع الرابع من رمضان وكلاهما في دائرة العام، لكن قبل ذلك هل “بكري حسن صالح” جنرال؟
قبل شهور كتبت عن الجنرال “أحمد خميس” الوالي الذي ذهب مع رياح التغيير الأخيرة، ومنحته صفة الجنرال التي أغضبت الفريق أول “فاروق علي محمد”، رئيس منتدى اللواء “صافي النور”. وقد خصص الفريق أول فاروق درساً مجانياً صباح ذلك (السبت)، لتعريف أعضاء المكتب بجهل الكاتب برتبة (الجنرال) والتي لا تطلق إلا لقادة الجيوش من فريق وفريق أول ومشير.. ويقول الفريق “فاروق” :إن لقب جنرال حكر على منسوبي الجيش فقط ولا تطلق على ضباط الشرطة أو الأمن، مهما بلغوا من الرتب!! والفريق أول “بكري” هو (جنرال) كبير بتعريف الخبير “فاروق”، بحكم توليه منصب وزير الدفاع وهو شخصية يتناقض مظهرها الخارجي مع دواخلها فالصرامة التي تتبدى في وجه الرجل شيء، ودواخل الجنرال شيء آخر.. واحتفالية الجنرال “بكري” التي درج على إقامتها سنوياً في الرابع من رمضان .. هي تعبير عن ذكرى حميمة إلى قلبه.. فهل كان حدث الرابع من رمضان الذي زلزل كيان الدولة والحزب والحركة الإسلامية يستحق عند الفريق “بكري” الاحتفاء؟ في اعترافات خاصة: قال الجنرال “بكري” إن جسده ما كان يعرف مرض السكري قبل الرابع من رمضان، لأن الضغوط والأحزان والاجتماعات الليلية ومحاولات رأب الصدع داخل الكيان الواحد، قد أصابته بداء السكري وهو شخصية عاطفية لا يميل قلبه للضغائن والأحقاد، فكيف إذا مست شغاف قلبه وباعدت بين من يحب من الأصدقاء وزملاء الكفاح، وردود الثورة التي حملها “بكري” على كتفيه، وهناً على وهن حتى استوت في ليلة الـ(30) من يونيو جنيناً كاملاً، رأى النور بفضل الضباط الذين حملوا الأرواح على الأكف، كما يقول.
تعود احتفالية الفريق “بكري” بالرابع من رمضان لعام 1997م حينما وقعت الحكومة اتفاقية للسلام مع فصائل منشقة عن الحركة الشعبية، وكان نصيب الفريق “بكري” وزير رئاسة الجمهورية حينذاك الإشراف على مجلس خاص بجنوب كردفان ضم العائدين من التمرد، مازالوا واقفين في المنطقة الوسطى بين الحكومة والمعارضة والمؤلفة قلوبهم وأصحاب الجلد والرأس من أهل الإنقاذ.. وأسندت لـ”محمد الأمين خليفة” مهمة مجلس تنسيق الولايات الجنوبية برئاسة “رياك مشار”.. وفي الرابع من رمضان عام 1997م أقام الفريق “بكري” مأدبة إفطار لأعضاء المجلس الانتقالي للسلم ولقيادات المنطقة من خارج المجلس في منزله بضاحية سجن كوبر، ولأن الدناقلة أوفياء لمن تجمعهم بهم تصاريف الزمان وأقدار الأيام ظل الفريق “بكري” محافظاً على ذلك التقليد، ما أن حل الرابع من رمضان إلا واستنفر أسرته الصغيرة والكبيرة لصناعة القراصة، وجعل الدعوة مفتوحة لأهل جنوب كردفان، وتمر بها نوبة وحوازمة مسيرية فلاتة برقو جلابة.. يتجاوز المعارضة والحكومة.. يلتقي الناس بقلب مفتوح يحادثهم في الخاص والعام.
لكن في الرابع من شهر رمضان هذا العام أطلق “عوض الله الصافي” مبادرة تحدث بأسى وحزن عميق عن الحرب التي فرقت بين الناس ومزقت أحشاء المنطقة. وطالب “بكري” بصفته الرجل الثاني في الدولة وفي الحركة الإسلامية وفي القصر، أن يحدثنا عن كيف تقف الحرب ومتى.. وقد أوفى “بكري حسن صالح”، حينما أكد أن المفاوضات ستنعقد قريباً وليته أعلن في ذلك اليوم، أن قطار التفاوض سيقوده في رحله القادمة د. “مصطفى عثمان إسماعيل” الذي ما أسند إليه ملف، إلا وكان النجاح حليفه. شكراً “بكري” فالرابع من رمضان خشم بيوت، لكم موعد مع الاحتفال، ولنا موعد، إن شاء الله ، وكل سنة وبلادنا بخير.