رأي

المشهد السياسى

الجنائية الدولية تواجه التحديات

موسى يعقوب

الدول الأفريقية وهي الهدف الأول مع دول العالم الثالث لما عرف باستهداف المحكمة الجنائية الدولية في “لاهاي” التي تقف خلفها دول غربية كبيرة، بدأت في السنوات الأخيرة تصحو وتلتئم وتعمل من أجل منافع ومصالح مشتركة مع حسبها ونسبها من الدول الأفريقية التي عانت من ويلات الاستعمار وما ترك من عوامل تخلف.
وقد بدأ ذلك كما هو معروف بـ(الاتحاد الإفريقي) والمنظمات الأخرى فضلاً عن علاقات الجوار، ولعل المؤتمر الكبير الذي انعقد في العاصمة الـ”جنوب أفريقية بريتوريا” مؤخراً بقيادة الرئيس “جاكوب زوما” وبحضور أكثر وأكبر عدد من الدول الأفريقية، يشكل علامة نجاح لتلك الجهود المشتركة ومن بينها وربما أهمها الوقوف مع السودان في استهدافه عبر المقاطعة الاقتصادية واتهامات المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات الأمم المتحدة الخاصة بما يسمى دعم وسند المتضررين من الحرب في دارفور.
السودان ولا سيما عبر الولاية الجديدة لرئيسه “عمر حسن أحمد البشير” صار له اهتمامه الأكبر بالقارة الأفريقية وهمومها ومشاكلها بل طرح في خطابه الأخير فكرة العمل على التنمية في أفريقيا ووقف الحروب وعدم الاستقرار والنهوض بالمرأة والشباب. وأكثر من ذلك فإن اتحاد الأحزاب السياسية الأفريقية يتخذ له من السودان رئيساً ومقراً.. وكثيراً ما تلتئم منظمات متخصصة في العاصمة السودانية – الخرطوم. وأخيراً كان الحضور الكبير لتنصيب السيد رئيس الجمهورية من الأفارقة والعرب وغيرهم، فالرئيس السوداني صار له حضوره.
ولتلك الأسباب مجتمعة كان يتعين عليه الذهاب إلى “جوهانسبرج” لحضور القمة الأفريقية الأخيرة برئاسة الرئيس “جاكوب زوما” وإن كانت الدولة المقر من الدول التي وقعت على (ميثاق روما) الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية التي تسعى دوماً لوضع يدها على الرئيس السوداني، إلا أن ثقة الرئيس “البشير” في الرئيس “زوما” والأفارقة الذين حضروا المؤتمر كبيرة، ذلك علاوة على أن هناك عملاً وجهداً أفريقياً على الانسحاب من المحكمة الجنائية ذات الطابع السياسي والتي تستهدف القادة الأفارقة بشكل عام.
“البشير” ذهب إلى “جوهانسبرج” وبين يديه وخلفه ذلك كله، بيد أن (الغرض مرض) كما يقولون، فالمنظمات المعادية والمعارضة للسودان وللرئيس السوداني اجتمعت لتحرك الأمور سياسياً لمصالحها بحمل طاقم الجنائية الدولية للقيام بما يلزم في دولة موقعة على (ميثاق روما).. فكانت بعض التظاهرات والفرقعات الإعلامية بأن الرئيس السوداني أُلقي القبض عليه في المناسبة.
ولكن من قال (كل ما يتمنى المرء يدركه..؟!)، فقد جاءت النتيجة مخالفة لذلك تماماً، حيث صرح الرئيس “زوما” رئيس القمة ورئيس دولة المقر بأن الرئيس السوداني سيبقى عزيزاً مكرماً إلى أن يكمل عمله في القمة الأفريقية ويعود إلى بلده – السودان – على ما يرام..!
 بذلك انتهت محاولات الجنائية الدولية وآمال من سعوا لرهن الرئيس السوداني وحبسه تحت طائلة اتهامات الجنائية إلى الفشل.. والفشل الأكبر كان في عودة الرئيس السوداني إلى بلده.. وكانت في استقباله بمطار الخرطوم حشود كبيرة من الرجال والنساء والشباب الذين كانت قد هزتهم (الفرقعات) الإعلامية القائلة بالقبض على السيد الرئيس.
رب ضارة نافعة – كما يقولون – فالرئيس الذي احتفل به شعبياً وعند التنصيب، احتفل به بعد عودته من عاصمة جنوب أفريقيا حيث كانت القمة الأفريقية.
والخاسر الأكبر – تبعاً لذلك – وفي كل الأحوال كان:
_ الجنائية الدولية ومن خلفها.
_ أولئك الذين عملوا من أجل ألا يعود السيد الرئيس إلى بلده.
فالمحكمة الجنائية الدولية بعد الصفعة التي تلقتها من الرئيس “جاكوب زوما” أو المسمار الذي ضرب نعشها كما قال الدكتور “غندور” في مؤتمره الصحفي بالمطار، واجهت تحدياً ربما انتهى بها إلى الموت.. وهو الأكبر تقريباً.
وأما من أملّوا وسعوا إلى تحريك الجنائية الدولية وغيرهم ضد الرئيس المنتخب ونظامه، فقد انهالت عليهم المآسي بدعم القمة الأفريقية للرئيس السوداني وبموقف “زوما” الصلب، وأكثر من ذلك بالجماهير التي احتلت المطار وهتفت بدعمها للسيد الرئيس، فالتحدي الذي جعلنا منه عنواناً لهذا المشهد، لم تواجهه الجنائية وحدها وإنما من عوّلوا عليها أيضاً وهم كثر..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية