مسالة مستعجلة
رسائل للولاة الجدد..!!
نجل الدين ادم
منذ أول أمس، وبعد أداء القسم انتهى مفعول المفاجآت التي حلت بالتشكيل الوزاري والولاة، وما عاد هناك إلا أن يتم التسليم والتسلم للدستوريين الجدد ليباشروا مهامهم في الولاية الجديدة.
في جانب الولاة، وهم الأهم في هذه (الشكة)، لابد أن يحاطوا علماً بحجم التحديات القادمة و(تركة) المشكلات التي سيجدونها أو خلفها لهم الولاة المغادرون.. وحساسية الوضع تتضح من خلال اعتماد حزب المؤتمر في هذه المرة على اللا مركزية في توزيع الولاة، أي تكليف ولاة من غير أبناء الولاية بإدارتها، وبرغم أنها كتجربة ليست بجديدة على “الإنقاذ”، فقد نفذت من قبل، إلا أنها محاطة بتحديات عدم تفاعل المواطنين مع القادمين الجدد وغيره من التحديات.
نجاح تجربة تكليف ولاة من غير أبناء الولاية تبدى خلال السنوات الماضية، وولاية الأستاذ “الحاج عطا المنان” على جنوب دارفور خير شاهد، فقد وجد تفاعلاً وتناغماً كبيراً من أهل الولاية، فأبدع الرجل، وما تزال شوارع العاصمة نيالا وصروحها المختلفة تتحدث، وعندما حملته الأقدار إلى العاصمة الخرطوم ليحل والٍ جديد بديلاً له، بكت عليه جماهير جنوب دارفور وطالبت بالإبقاء عليه.
وفي نهر النيل القريبة كان المهندس “عبد الله علي مسار” والياً عليها ووضع بصمات جيدة. وقد وجد الرجل تعاوناً منقطع النظير من أهالي الولاية، الأمر الذي أهله ليقدم الكثير من الخدمات ويجد القبول، على عكس تجربة الوالي المنتهية ولايته الذي دخل دوامة خلافات قيادات الولاية على مستوى الحزب والجهاز التنفيذي فتقاطرت الوفود إلى المركز تحمل شكاوى (متلتلة).. وتنسحب هذه الحالة على ولاية النيل الأبيض والجزيرة وولايات أخرى.. فنجاح التجربة هذه المرة يحتاج إلى قدر من الحكمة.
على الولاة الجدد أن يستبعدوا فرضية أنهم سيجدون الطريق ممهداً لهم ومفروشاً بالورد، وأن الجماهير ستحملهم على الأعناق.. ينبغي على القادمين الجدد أن يضعوا أسوأ الفروض وأن لا يستعجلوا في تغيير حكوماتهم، لاعتبارات أن الوزراء الولائيين والمعتمدين هم الحلقة الأهم في نجاح سياسة الحكم اللا مركزي، وأن التأخير سيتيح فرصة ممتازة للوالي الجديد لقراءة الوضع بنفسه بعدها يمكن أن تكون خياراته في المعالجة وفق معايشته. وبالتأكيد هذا التأخير سيكون بمثابة فترة فاصلة لإنهاء التكتلات لأنها تمثل العنصر الرئيسي في (عكننة) الأجواء في الولاية.
كذلك لا بد أن يكون ما بدأه الولاة المغادرين خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الخدمية أساساً يكملون عليه، حتى لا يبدأ الولاة الجدد من الصفر لأن هذه الحالة لها تبعاتها، منها سخط الجماهير من عدم تنفيذ الوعود.. أيضاً لا بد أن تكون في عملية تشكيل الحكومة الولائية اعتباريه مهمة وهي عدم إبعاد كل الحرس القديم، إذ يحتاج الولاة الجدد للعناصر الناجحة من الوزراء والمعتمدين لإعانتهم في ولاياتهم الجديدة.
الأمر الأخير، وهو الأهم، حسم التفلتات الحزبية.. وأقصد هنا المؤتمر الوطني ومنع أي تكتلات.. يجب على القادمين أن يتعاملوا بالحزم المطلوب مع أية محاولات من هذا القبيل، لأن التجربة أثبتت أن صراعات الحزب كانت هي العلة التي نخرت عظم حكومات الولايات.. اللهم إني بلغت فاشهد.. وبالتوفيق.