خلافات المحاصصة .. ما بين التكتيك والتمسك بالمواقف..
هل ترجئ تشكيل الحكومة الجديدة؟!
تقرير- وليد النور
حملت انتخابات العام 2015م العديد من المفاجآت حيث شارك فيها (44) حزباً سياسياً حصل (17) حزباً منها على مقاعد في البرلمان، وحصد المؤتمر الوطني (323) مقعداً في المجلس الوطني من جملة (423) مقعداً، فيما تحصل الحزب الاتحادي الأصل على (25) مقعداً، و حزب الأمة القيادة الجماعية على (7) مقاعد والاتحادي الديمقراطي برئاسة “الدقير” على (5) مقاعد. فيما تحصل حزب الأمة الفدرالي على (4) مقاعد وحزب الأمة المتحد (3) مقاعد، وبقية الأحزاب بين مقعد ومقعدين، وحصل المستقلون على (19) مقعداً.
وينتظر وفق تصريحات قيادات المؤتمر الوطني أن تشكل الحكومة الجديدة، من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، وفق نسبة تتحدد بما حصلت عليه من مقاعد، في دوائر انتخابية خصصها لها الحزب الحاكم، ودعمها خلال الانتخابات.
وعشية تشكيل الحكومة الجديدة، بدا أن المؤتمر الوطني، قد أعاد تقييم تحالفه مع الأحزاب التي كانت مساندة له خلال الأعوام الماضية، من الناحية التنفيذية، ومن ناحية كسبها في الانتخابات، فقرر إعادة النظر في نسبة تمثيلها في السلطة التنفيذية، وبشكل أقل من السابق، الأمر الذي دعا بعض الأحزاب إعلان رفضها أو تحفظها على خطة المؤتمر الوطني للمحاصصة، مثلما فعل حزب الأمة المتحد بقيادة “بابكر أحمد دقنة”، وحزب الأمة القيادة الجماعية بقيادة دكتور “الصادق الهادي”، اللذان قررا رفض المشاركة في الحكومة، بحجة أنها لاتتناسب مع وضع حزبيهما وثقلهما. في وقت حصل فيه الإتحادي المسجل بقيادة “الدقير” على نسبة أكبر، رغم أنه لم يتفوق عليهما كثيراً في عدد المقاعد، كما قال بذلك حزب الأمة المتحد في تصريح لـ(المجهر). وأشار رئيس الحزب وزير الدولة بوزارة الداخلية “بابكر أحمد دقنة” في حديثه لـ(المجهر)، إلى المعايير التي وضعها المؤتمر الوطني لمشاركة الأحزاب في الحكومة، والمستندة إلى عدد المقاعد التي يتحصل عليها الحزب في الانتخابات. وأضاف أن ترتيب حزبه في البرلمان الخامس، لأنه حصل على ثلاثة مقاعد وطبقاً لتلك المعايير الموضوعة، فإن نصيب حزبه،على الأقل، هو وزير اتحادي ووزير دولة، أسوة ببقية الأحزاب التي نالت مقاعد أكبر من حجمها. وأكد “دقنة” أنه أبلغ اللجنة التي كونها المؤتمر الوطني للتشاور مع الأحزاب السياسية حول نصيبها في الحقائب، أن تخصيص منصب وزير دولة فقط لحزبه أمر مرفوض، وأن حزبه سيعلن فض الشراكة مع المؤتمر الوطني حال إصراره على منحه مقعد وزير الدولة فقط. وأضاف قائلاً في تصريحه لـ(المجهر): (نحنا قلنا ليهم العندنا والباقي خليناه ليهم).
وشدد “دقنة” على أن عرض المؤتمر الوطني لا يتفق مع المعايير المعلنة، بأن تتم المشاركة في الحكومة وفقاً لأوزان الأحزاب كما تجسدت في النتائج التي حققتها في انتخابات أبريل الماضي، موضحاً أن المؤتمر الوطني قفل باب التفاوض حول الأمر، باعتباره قراراً لا رجعة فيه. وزاد (أعلنا اعتذارنا عن المشاركة في الحكومة الجديدة لعدم التزام المؤتمر الوطني بالمعايير، التي أعلنها للمشاركة في الحكومة وفقا لنتائج الانتخابات).
ويثير موقف الحزبين التساؤل عما إذا كان رفضهما المشاركة في الحكومة الجديدة نوعاً من المناورة أو التكتيك على الحزب الحاكم، لأجل الحصول على مزيد من المكاسب .
وكان الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، قد رفض العرض المقدم من المؤتمر الوطني، حول مشاركته في السلطة التنفيذية. وقال أمين التنظيم بالحزب، “أسامة حسون”، في تصريح لـ(المجهر) في عددها الصادر أمس، بأن طرح المؤتمر الوطني (لا يليق بحزبنا ووزنه السياسي والجماهيري). وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن الاتحادي الأصل طالب بعدد من المواقع الدستورية تشمل مساعد أو نائب رئيس الجمهورية. فيما منح المؤتمر الوطني الحزب، وفقاً لـ(المجهر)، (3) وزارات مركزية و(2) وزير دولة بجانب وزير ولائي في كل ولاية وما لا يقل عن (20) معتمد رئاسة في الخرطوم والولايات، لكن الجانب الثاني في الاتحادي الأصل سارع إلى تأكيد مشاركتهم في الحكومة دون النظر في حجم المحاصصة. وأشار في حديث أورده(اس ام سي) إلى أنهم ينظرون إلى جوهر المشاركة في القرار وليس الوزارة، الأمر الذي اعتبره البعض تراجعاً من الحزب على خلفية توصية لاحقة دعت “الميرغني” الصغير يتراجع.
ويبدو أن الخلاف الذي برز حول المحاصصة، هو الذي أدى إلى تأجيل إعلان الحكومة الجديدة، واستمرار الوزراء في مواقعهم إلى حين التوافق بين الأطراف المعنية.
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية “حمد الحاوي”، أن إعلان الأحزاب التي شاركت في العملية الانتخابية، ولوحت بالانسحاب من مشاركتها في الحكومة المزمع تشكليها هو موقف غير مبدئي، ووصفه في حديث لـ(المجهر) بأنه نوع من الانتهازية والابتزاز السياسي من أجل الضغط على المؤتمر الوطني، للحصول على أكبر عدد من الوزارات والمكاسب الحزبية، مشيراً إلى أن هذه الأحزاب (حرقت مراكبها) بمشاركتها في العملية الانتخابية، فلا طريق لها سوى المضي في الشراكة مع المؤتمر الوطني إلى نهاية الشوط. وتوقع أن تتوصل إلى اتفاق مع المؤتمرالوطني في غضون الأيام القليلة المقبلة. وقال إن الأمر ربما أدى إلى تأخير إعلان التشكيل الوزاري الجديد أو تسمية بعض الوزارات لحين الاتفاق.
ان يعتقد ان موقف الحزب الاتحادى الديموقراطى الاصل، يعبر عن تباين فى وجهات النظر بين مجموعتين فى الحزب من عملية المشاركة ، ماعبر عن نفسه فى تضارب التصريحات بالانسحاب والمشاركة .
فخلافاً للموقف المعلن برفض المشاركة، فإن رئيس قطاع التنظيم بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل “محمد الحسن الميرغني”، الذي لم يستبعد المشاركة، تحدث عن مقابلة رئيس الجمهورية لحسم الرؤى حول الموضوع.
وطبقا للمركز السوداني للخدمات الصحفية فقد اشار إلي تمثيل حزبه في المجلس الوطني ومجلس الولايات قائلا أن هذا التمثيل ستعززه المشاركة في الحكومة، وتساءل: (كيف بنا ان نقول لن نشارك في الحكومة ولنا هذا التمثيل في البرلمان ومجلس الولايات؟)، وزاد: نحن لا تعنينا نسبة الوزراء او غيرها للمشاركة وانما الشراكة في إتخاذ القرارات ، مشيراً إلي أنهم لم يتلقوا أي طرح من المؤتمر الوطني حول نسب المشاركة حتي يتم الإعتراض عليها، لافتاً إلي تقديم حزبه( 8 ) مقترحات للحكومة لإصلاح حال البلاد.
ويبقي السؤال هل يقف مناورات المحاصصه عند حد الحزب التى خرجت الى طور العلن ام انها ستنتهي بما يريده المؤتمر الوطني.