في انتظار حكومة جامعة.. مانعة!!
{ ليس مهماً كم وزارة يحصل عليها كل حزب (حليف) للمؤتمر الوطني، بل الأهم كيف ستدير هذه الأحزاب تلك الوزارات، وبأي صنف من الرجال والنساء.
{ ولو كنت مكان قيادة (المؤتمر الوطني) لاكتفيت لحزب الأغلبية الساحقة بوزارات الدفاع، الخارجية، الداخلية والمالية.. فقط (أربع) وزارات.. وأفسحت للآخرين في القوى السياسية والتكنوقراط المجال واسعاً للتمدد في وزارات الحكومة المقبلة.
{ فإذا كان الرئيس ونائباه وأحد مساعديه، فضلاً عن مدير عام جهاز الأمن والمخابرات، من صفوف الحزب الكبير، فما الحاجة إلى المزيد من السلطة في وزارات الصناعة، التجارة، الإعلام، الإرشاد والأوقاف والتربية والتعليم وغيرها من الوزارات؟
{ وما دام (المؤتمر الوطني) ليست له سياسات ورؤى محددة في ما يتعلق بالتربية والتعليم مثلاً، فلا فرق إذاً بين وزير تربية يأتي من (الاتحادي الديمقراطي) أو من (مؤتمر البجا)، فقد سادت في عهد وزراء (الوطني) مدارس (البزنس) و(الإنترناشونال) التي لا تدرس العربي والدين!! ورياض الأطفال التي تدرس الناشئة من المناهج الأردنية والسعودية والبريطانية، حيث لا منهج سوداني!!
{ وأن يكون للمؤتمر الوطني (أربع) وزارات فقط.. فهذا يريح قيادة الحزب من ضغوط المجموعات والجهات والقبائل لجهة تعيين منسوبيها وزراء ووزراء دولة، لتبقى الوظائف المتاحة في المستويات الأدنى من وظائف الدولة، والبناء يكون دائماً من أسفل وليس من أعلى، ثم تنتقل الغالبية للعمل في الحزب وفي قطاعات المجتمع المختلفة، ليكونوا بين الناس.. خدمة وعلاجاً.. تكافلاً وتراحماً.. دعوة وديناً.
{ لكن المشكلة ستكون في الأحزاب (الحليفة) نفسها، هذا بعد أن يقتنع المؤتمر الوطني بالإفساح لغيره والاكتفاء بحصة محدودة من الوزارات، فقد كشفت التجربة السابقة عن مشاركات باهتة وأداء ضعيف في الجهاز التنفيذي من وزراء دفعت بهم أحزاب متحالفة مع المؤتمر الوطني والحصيلة كانت (صفراً) كبيراً.. ليحل في بعض الأحيان وزير الدولة من حزب الأغلبية- على قلة خبرته هو الآخر- محل الوزير الأول الغائب!!
{ حالة غياب مساعد الرئيس السيد “جعفر الميرغني” المستمرة لنحو عامين عن مكتبه بالقصر الرئاسي وعن البلاد، فلا هو مستقيل ولا هو مقال، حالة غريبة ومزعجة وهي نموذج سالب لمشاركات الأحزاب في السلطة.
{ الحزب الاتحادي- “الدقير”- قد يكون الأفضل في الدفع بوزراء ووزيرات ذوي قدرات وإمكانيات وشخصية، وأرجو أن تحذو بقية الأحزاب حذوه.
{ لست مقتنعاً بضرورة أن تكون الحكومة القادمة (حكراً) على الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، فالذين خاضوا غمار المنافسة حصلوا على مقاعد تناسب جهدهم وزيادة في البرلمان، وليسوا في حاجة إلى مزيد تحفيز.
{ فإذا كانت الضرورة الوطنية تدعو لإشراك (مؤتمر البجا) مثلاً في الحكومة.. كفصيل سياسي بالغ الأهمية، على أن يبقى حزب آخر في خانة (المعارضة البرلمانية).. فليكن.
{ حزب (المؤتمر الشعبي) أيضاً لم يشارك في الانتخابات، لكن وزنه وثقله وتأثيره المعلوم أكبر من أثر معظم الأحزاب التي شاركت، فإذا وافق على المشاركة فهذا أفيد بلا شك للدولة ولاستقرار البلاد. فلم لا يكون “المحبوب عبد السلام” وزير الإعلام القادم، و”أحمد الطاهر حمدون” والياً على شمال دارفور، و”كمال عمر عبد السلام” أحد مستشاري الرئيس؟ ما المانع؟ فواقع الحال يقول إن (المؤتمر الشعبي) مثل الظهير الأقوى للمؤتمر الوطني في مشروع الحوار الوطني.
{ في انتظار حكومة جامعة.. مانعة.. مبشرة.