مسالة مستعجلة
إلا .. (الركشات) !!
نجل الدين ادم
بكل سهولة قرر مجلس وزراء ولاية الخرطوم في اجتماعه أول أمس برئاسة والي الولاية إيقاف التصاديق الجديدة للركشات كوسيلة لنقل الركاب، على ضوء نتائج دراسة قامت بها لجنة مختصة برئاسة وزير البني التحتية والمواصلات، تناولت آثار استخدام الركشات من حيث الأثر البيئي والفني والأثر الاقتصادي والاجتماعي والأمني والسلامة المرورية. كل هذه الآثار التي عجلت بقرار حظر عمل الركشة كوسيلة مواصلات ووقف التصاديق الجديدة للركشات في علم الغيب، على الأقل بالنسبة للمواطن العادي، اللهم إلا إذا رأى المجلس أو اللجنة أن يحتفظ بها لنفسه وأن يطبق قراره الذي يريد والسلام .. وفي هذه الحالة لم يكن من داعٍ لتكلف لجنة تقوم وتقعد وتأتي بما ترغب الحكومة! .
وأنا أقرأ هذا الخبر تساءلت في نفسي وأظن أنَّ آخرين شاركوني هذه الحالة الاستفهامية، ماهي الآثار الاقتصادية والاجتماعية السالبة التي يتحدثون عنها، أن تعول الركشة الواحدة (4) أو (5) أسر وتقيهم من الجوع والعطش، وأن تكفي الحكومة شرور العطالة بصورة عامة والمتخرجين بصورة خاصة الذين يكون سبيلهم الوحيد قيادة ركشة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. هل هذه آثار اجتماعية سالبة؟! .. ولمعلومية اللجنة الموقرة التي قامت بالدراسة، أن وسيلة المواصلات الوحيدة ما بعد الساعة الثانية عشر في كل محليات الولاية هي الركشة، وأنها وسيلة النقل الوحيدة التي تعمل على مدار الـ(24) ساعة، عندما يغادر أصحاب الحافلات والبصات المواقف، وينقطع سبيل المواطن في الوصول إلى منزله أو إنقاذ مريض إلى أقرب مستشفى !!، وإذا قُدر للركشة المغلوب على أمرها دخول وسط الخرطوم وعبور الكباري، لحلت مشكلة المواصلات التي عجزت عنها حكومة الولاية .. وأصحاب المركبات يتعمدون افتعال الأزمة دون أن يجدوا المساءلة .. شيء غريب حقاً.
والسؤال الجوهري هل توغلت اللجنة المكلفة بالدراسة في تفاصيل عمل الركشات، الإيرادات التي تحققها لأسر تقف على هامش الفقر، فرص العمالة التي توفرها، الخدمات التي تقدمها لكل صاحب حاجة لنقله في أوقات متأخرة من الليل الخ .. وهل قامت اللجنة بعمل ميداني ودخلت الأحياء التي لا تتوفر لها مواصلات عرضية سوى الركشات واستطلعت الناس؟، السؤال الأهم .. هل تكفي حوادث ضبط أصحاب ركشات يقومون بترويج الخمور بالركشات واستخدامها لأغراض أخرى، ومساهمتها في عدد من حوادث المرور إلى اتخاذ قرار بوقف عملها كوسيلة للمواصلات تماماً؟!.
الولاية هي الجهة المسؤولة عن ضبط النظام وبإمكانها سد أي ثغرة سواء في الجانب الأمني أو غيره، وتلافي الآثار كافة مع الاحتفاظ بالمزايا الإيجابية.
قانون واحد يكفي الجميع شرور تبعات القرار الذي يبدو أن الدراسة فيه كانت من منازلهم!.
السيد الوالي أرجو أن تعيدوا النظر في القرار مع كامل احترامنا له وتشكيل لجنة أخرى محايدة تقوم بدراسة فنية، تعتمد فيها الحقائق المجردة وأن تعرض النتائج على الملأ، حينها لن يعترض أحد على القرار، وحتى ذلك الوقت نقول لكم (أي حاجة إلا الركشات) .. ودمتم.