مجرد سؤال؟؟؟
ما ذنبي إذا ولدت فقيراً؟
رقية أبو شوك
ماذنبي إذا كنت قد ولدت فقيراً ؟؟؟.. فالأقدار هي التي ترسم مسيرة حياتنا والإيمان القوي والعزيمة الكبرى التي يريدها الله لنا هي التي تجعلنا نسعى وبكل السبل من أجل الوصول إلى الأشياء التي نريد.
من أجل هذا يجب أن لا ننقص من أدوار الآخرين حتى وإن كانوا فقراء فالفقر ليس عيباً، وإنما العيب فينا إذا همشنا الفقراء ولم نعطهم المناصب التي نالوها بتحصيلهم … فالأسرة الفقيرة تخرج من أصلابها أبناء نالوا قسطاً كبيراً من التعليم بفضل الأبوين الفقيرين ..سهروا الليالي من أجل تعليم أبنائهم ..نعم فاتهم قطار التعليم ولم يتعلموا لظروف عدة ولكن العزيمة التي بالدواخل حتمت عليهم تربية الأبناء أحسن تربية، وتعليمهم ليخرجوا لنا أجيالاً تستفيد منهم البلاد.. فقد يكون معلماً ينهل من يديه الملايين.. وقد يكون طبيباً بلسماً يجعل الله الشفاء على يديه.. وقد يكون مهندساً يخطط ويرسم وينفذ وقد يكون قاضياً عدلاً سخره الله ليكون القاضي العادل لينصف المظلومين .. وقد تخدمه خبراته التراكمية ليكون وزيراً وربما رئيساً وكل هذا لا يهم إذا جاء من أسرة فقيرة ..بالتعليم وبالعلم ترتقي النفوس والهمم (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).. فالعلم هذا ربما يكون علوماً دينية وأخرى تتعلق بالعلم المعروف لدينا والتي ترتبط بالمهنية والله أعلم.
أقول هذا وفي الخاطر استقالة وزير العدل المصري في أعقاب ردود الفعل الواسعة والتي رفضت واستنكرت حديثه حول رفضه لأبناء الفقراء أو بالأصح لابن عامل النظافة أن يكونوا قاضياً، وذلك رداً على سؤاله حول ما إذا كان ابن عامل النظافة يمكن أن يكون قاضياً، وذلك في مقابلة تلفزيونية معه الأحد الماضي..فلماذا لا يكونوا قضاة وقد نالوا من التعليم ما أوصلهم لمرحلة أن يكون قاضياَ.
فالفقر ليس عيباً ..فهل لأنني فقير لا يسمح لي أن أكون قاضياً أو معلماً؟؟ وما علاقة الفقر بذلك ؟؟
وظيفتي هي التي ستحول مسيرة حياتي من الفقر إلى الغنى وكم من أسر كانت تعيش الكفاف ولكنها نالت في نهاية المطاف السعادة والهناء والعيشة الهنية والرغدة فقط لأنها ربت وعلمت وأدبت، لتكون النتيجة مهناً على مستوى عالٍ ودرجات وشهادات عليا حولت المسيرة رأساً على عقب.
فكم من الأسر التي عانت ما عانت في بداية حياتها من تربية وتعليم ولكن الله عوضها صبرها ومعاناتها ..عوضها بأبناء بررة يحتلون أرفع المراكز في أجهزة الدولة وهم فخورون جداً لأنهم جاءوا من فصيلة الفقر وفخورون جداً بفقرهم ويحدثون عنه من يجالسهم في المجتمعات و(لا يدسونه).. لأن التعالي ليس ديدنهم ..يحكون لتكون تلك الحكاوى عظة وعبرة للغير وللأجيال الحالية ليعرفوا كيف كنا وكيف وصلنا الآن ..الفضل من بعد الله سبحانه وتعالى يعود إلى الأسرة الفقيرة التي نظل نكن لها كل الود والتقدير والاحترام لأنها وفرت لنا كل سبل النجاح رغم الفقر.
فالتعليم في الماضي كان المتفوقون فيه هم أبناء الفقراء كانوا يحتلون المراكز الأولى حتى كان أبناء الأغنياء يندهشون منهم، لكونهم يقرأون بالمصباح ليلاً ويتناولون وجبة الإفطار من (الكسرة أو القراصة)، كانوا يحملونها داخل حقيبة المدرسة التي كانت هي الأخرى عبارة عن شنطة من الدمورية ولكنها كانت نظيفة تحكي روعة وجمال الأسرة الفقيرة..هؤلاء كان همهم الأول والأخير هو النجاح بتفوق ليرسموا الابتسامة على وجوه الأسرة التي تتطلع لغد أفضل بسواعد فلذات الأكباد.
فأنا على يقين تام بأن معظم الذين يحتلون المرافق العليا أتوا من أسرة فقيرة .. أسرة لا تعرف مبادئ القراءة والكتابة ولكنها كما أشرت ربت وأدبت وعلمت ..وإنهم جد فخورون بذلك.
كان معظم الآباء الفقراء يعيشون من (رزق اليوم باليوم) ولكنهم يغرسون في الدواخل القناعة وعدم النظر للأشياء التي ليس في أيدينا لأنها ليست ملكنا ..كانوا يقولون لأبنائهم أيضاً ليس عليكم النظر مستقبلاً بأشياء الآباء فعليك أن تبني لنفسك مجداً (فالفتى ليس من يقول كان أبى ولكن من يقول هانذا).
هؤلاء هم أبناء الفقراء سادتي الذين نحسبهم أغنياء من التعفف.
فالفقر ليس رجلاً ولو كان رجلاً لحاربناه بالسيوف وقتلناه ولكن شيئ نحس به نحن ولا نستطيع مقاومته، لأنه ليس لدينا من الأدوات ما يكفينا لمحاربته، ولكن يكفينا فخراً أننا انتصرنا عليه بسلاح العلم والوظائف المرموقة.
العلم يرفع بيتاً لا عماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف