شهادتي لله

"غندور" وأسلافه .. جرد الحساب

..غريب بل عجيب .. أن يصوب البعض من العضوية سهام النقد لأداء حزبهم (المؤتمر الوطني) خلال فترة الانتخابات، ليخلص إلى ضعف القيادة الحزبية عبر (ثغرة) ضعف التصويت، وفوز عدد من المرشحين (المستقلين) بعضهم انشق من الحزب الحاكم، ما اعتبر إشارة إلى غياب (قبضة) الضبط التنظيمي أو ما يمكن أن أسميه (سياسة العصا والنهرة) بدلاً من (العصا والجزرة)!!
ودعوني أسأل هؤلاء (الحادبين خالص) على فاعلية الحزب وقوته، عن حجم وعدد القيادات (العليا) التي غادرت (حوش) المؤتمر الوطني، بالإقالة أو الاستقالة أو محاولة (الانقلاب العسكري) عليه، قبل عهد البروفيسور “غندور” الوضيء ؟!
هل نسيتم احتجاجات وتداعيات (مذكرة الألف أخ)؟ ولماذا تصاعدت حرب المذكرات على الشبكة العنكبوتية في تلك الفترة التي ضاقت فيها القيادة بالآخر .. أخاً مسلماً أو غير مسلم؟!
في أي عهد غادر رجال من (العيار الثقيل) حزب المؤتمر الوطني مثل الدكتور “غازي صلاح الدين العتباني”، و”حسن عثمان رزق”، والعميد “صلاح الدين كرار” والفريق “محمد بشير سليمان” وغيرهم من الكوادر بالآلاف – اختلفنا أو اتفقنا معهم – ثم أسسوا حزباً (خصماً) للمؤتمر الوطني أنشط  في معارضته من بعض أحزاب (التحالف)؟! متى خرجوا .. ولماذا خرجوا .. ومن كان مسؤول الحزب آنذاك؟!
أليست تلك (الانشقاقات) الزلزالة التي بدأت بمفاصلة الرابع من رمضان الشهيرة المدمرة نهاية العام 1999،  مروراً بخروج مجموعة الشهيد “مكي علي بلايل” المؤسسة لحزب (العدالة)، ثم خروج تيار (منبر السلام العادل) بقيادة المهندس “الطيب مصطفى” والدكتور الوزير السابق “بابكر عبد السلام” من رحم الحزب الحاكم  والحركة الإسلامية، وليس انتهاءً بميلاد (حركة الإصلاح الآن) .. أليست كلها اهتزازات وانشطارات تعبر عن وجود (أزمة) حزبية كبيرة؟! فهل كان “غندور” مسؤولاً أو حتى واحداً من الـ(10) مسؤولين الذين كانوا يمثلون سلطة القرار في الدولة مع الرئيس، طيلة كل تلك (المطبات الحزبية)؟!
فكيف كان الأداء جيداً .. وكانت القبضة (حديدية) بينما أذكى مستشاري الرئيس ورئيس كتلة الحزب البرلمانية يخرج مغاضباً مؤسساً حزباً معارضاً؟ وأين كانت تلك (القبضة) ومستشار الرئيس (الأمني) يقاد مع زمرة من العسكريين والمدنيين إلى المحاكم العلنية بتهمة التورط في تدبير (انقلاب عسكري) وتقويض النظام الدستوري؟!
لم نرَ (قبضة) حديدية ولا فولاذية ولا يحزنون، بل كانت الفترة السابقة (سرابية ظلامية) محشودة بجملة من اتفاقيات التنازل والهوان، أدخلت البلاد في (جحر ضب) وهزت مكانة الرئيس “البشير” الإقليمية والدولية  بدءاً باتفاقية (نيفاشا) مروراً بـ(أبوجا) وتفاهمات (اللجنة السياسية المشتركة) مع جنوب السودان بقيادة الفريق “صلاح قوش” التي أنجبت أزمات الحدود (14 ميل مثالاً) وسكتت عن كل تجاوزات الحركة الشعبية بعدم تنفيذ اتفاقية (نيفاشا) وصناعها واقفون يتفرجون ثم يرددون على مسامعنا بعد (الانفصال الكارثة): المشكلة لم تكن في الاتفاقية .. بل في تنفيذها …!!! مثل هذه الفلسفة الباردة الفارغة التي أحسن ترديد نصوصها الأستاذ “سيد الخطيب” وصحبه من فريق الفشل النيفاشي، كانت واحدة من محطات الاهتزازات الحزبية والحكومية التي أفضت إلى بلدين وشعبين، أحدهما ما زال هائماً في الغابات، هارباً من الرصاص!!
ومن بين اتفاقيات المؤامرة والهوان ما عرف بالاتفاقية الإطارية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – قطاع الشمال .. اتفاقية (نافع – عقار) التي سعى من بعد تمزيقها قادة الحركة الشعبية ومساندوهم في الخرطوم لإعادة الحياة لها (بأيديهم وكرعيهم ) ثم لم يفلحوا!!
مضى عهد رجال نحترمهم ونقدرهم ولكننا نشهد عليهم بفشلهم البائن في كل ملفات السيادة والأمن والعلاقات الخارجية والاقتصاد .. مضى زمن “شيخ علي”، و”نافع علي نافع”، و”صلاح قوش”  و”سيد الخطيب وإدريس عبد القادر” وكل فريق السياسة والسلام والمفاوضات في الحزب الحاكم من العام 2002 إلى العام 2011 .. مضوا إلى مرحلة المشاورة والاستماع لآرائهم ضمن نواب البرلمان .. فحواء السودان ولادة .. وكفى الآخرين ظلماً .
بالمقابل، فإنني لست مع حشد قوائم الترشيح في مكتب الرئيس بمن يسمونهم (شباب) بلا معرفة ولا قدرات ولا كاريزما ولا دربة … حسبنا من الشباب أربعة أو خمسة وزراء لا أكثر يتأهلون لقيادة الحزب والدولة، وليس حشد أي (خموم) بملء خانات أكثر من الواقعي والمنطقي لقطاعات مثل الطلاب والشباب والمرأة وغيرها ..  أنا مع المنافسة ولو جاءت القدرات بـ(ثماني) وزيرات و(عشرين) وزيراً تجاوزوا سن (الستين).
دعونا نباهي ونفتخر بوزراء (شباب) من عينة “معتز موسى” و”أحمد الكاروري” و”مشاعر الدولب” يملأون العين وليس وزراء يملأون خانات لا يستحقونها .. فقط لأنهم (شباب)!!
في عهد البروف “غندور” صار مساعد الرئيس يفاوض الإدارة الأمريكية علناً في مقرها بواشنطن، لا سراً مع صغار الموظفين!!
وفي عهده، تتحلل الدولة من (قبضة) لوبي الاتفاقيات المضروبة التي هزت استقرار واقتصاد بلادنا لسنوات مضت وسنوات قادمات!!
وفي هذا العهد صار الرئيس “البشير” وسيطاً دولياً محترماً بين الرئيسين المصري والإثيوبي لحل أزمة سد النهضة، وكان الاتفاق الذي عجزت إسرائيل عن إقراره محضنه “الخرطوم” . 
وفي هذا العهد لم يخرج على الحزب قادة كبار مهمون ومؤثرون بل ثلة مرشحين (مستقلين) من المستوى الوسيط  لا ذكر لهم، بينما عاد بعض الخارجين للحضن الدافئ مثل عضو مجلس قيادة الثورة العميد “صلاح كرار” وغيره .
والانتخابات هذه المرة كانت أكثر طهارة ونزاهة، وليس فخراً لأحد أو جهة أن يملأ صناديق الاقتراع بورق مزور (مخجوج) ويحشد الكشوفات بأسماء الأموات .. فما الداعي لذلك ؟!!
في هذا العهد تقاتل القوات المسلحة و(الدعم السريع) في تخوم (بحر العرب)، كاسرة شوكة حركة العدل والمساواة التي اقتحمت علينا “أم درمان” العزيزة بكل جرأة و(قوة عين) في وضح نهارات مايو عام 2008 . 
في هذا العهد صار السودان عضواً أساسياً في حلف (العرب) الإستراتيجي والحربي، بينما كنا في زمن (مفاوضات الاستهبال) مع أمريكا لا في العير ولا في النفير، نقدم كل شيء ثم لا نأخذ شيئاً .. قدمنا الجنوب .. (ربع) أرضنا وشعبنا ونصف حضارتنا وتاريخنا وقبضنا الريح … ففي عهد من كان كل ذلك الخذلان .. في عهد “غندور”؟ !!
للحقيقة والتاريخ ..لا مقارنة –  سادتي – بين العهدين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية