طه علي البشير.. الجلوس على رقائق السحاب..!
بقلم – عادل عبده
الرائحة السودانية النادرة الدافئة تعطر المكان بعبق البخور ونكهة البحر وحلاوة التمر في أمسية السبت 2 مايو الجاري بفندق (السلام روتانا) تعانق الخيوط الذهبية في “العفاض” و”المدينة عرب” وأفئدة جماهير الأزرق وقواعد حزب الحركة الوطنية وكل مقامات الأحباب، فالحدث الباذخ واللفتة البارعة كانت متمثلة في التكريم الأسطوري للدكتور “طه علي البشير” في تلك الليلة الساحرة التي خطفت الألباب والأبصار.
كان الحضور أنيقاً وحاشداً ورائعاً، فقد كانت المشاركة فاعلة شملت جميع رموز المجتمع على الصعيد الحكومي والرياضي والحزبي والاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن أصدقاء ومعارف الدكتور “طه”، فقد جاءت وجوه من كل الوجوه وأعمار من كل الأعمار، حيث لم يظهر في الاحتفائية الملحمية سوى نفر قليل لا تعجبهم مشاهدة الحكيم “طه علي البشير” مخضباً بالتيجان والورود يستند إلى جدار العافية والفلاح.
ما هي دلالات قيام ليلة التكريم الباذخة؟؟ إنه منهج الإلهام الإبداعي والوفاء العميق من أصدقاء وتجمع شركات الحكيم “طه” بعد أن منحته جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا الدكتوراة الفخرية لعطائه المفتوح في مجالات الاقتصاد والتعليم والرياضة والعمل الإنساني، فكانت الصورة الصادقة لهؤلاء بأن “طه” يمثل زميلاً يتعامل معهم بالتناصح قبل أن يكون مخدماً يدلق عليهم الفرمانات.
ملحمة الاحتفائية الجميلة انعكست في الكلمات الرائعة والشهادات النبيلة والتقريظ الفخيم حيال المحتفى به، فكان حديث “الجاك إبراهيم” ممثل شركات الحكيم الذي تحدث عن دوره في دعم الاقتصاد الوطني، ثم كلمة السفير “عبد الرحمن سر الختم الذي وصف الدكتور “طه” بأنه على رأس قائمة رموز السودان الأوفياء والنجباء في مختلف المجالات، ثم كلمة الأستاذ “كمال عبد اللطيف” الذي قال بأن تاريخ المحتفى به يشهد له بجلائل الأعمال الكبيرة حتى جاء دور الشاعر “كامل عبد الماجد” الذي صدح قائلاً: (لا عجب أن يكرم الناس الذهب)، وأيضاً في ثنايا البرنامج الكبير تألق الفنان “خالد الصحافة” والفنانة “فهيمه عبد الله” وفرقة (تيراب الكوميدية).
كانت لحظة التكريم مترعة بالنشوة والجمال زاد من إيقاعها وألقها جلوس “طه علي البشير” على رقائق السحاب بعد تفاعله المؤثر مع الحضور الكثيف، حيث قام بتكريمه وزير الثقافة الاتحادي “الطيب حسن بدوي” وقد ظهر في المنصة السفير “عبد الرحمن سر الختم” و”محمد الشيخ مدني” والقطب الهلالي “أحمد دولة” والوزير السابق “كمال عبد اللطيف” و”السمؤال خلف الله” والبروفيسور “كمال شداد”، فضلاً عن ذلك فقد انبثق تبادل الود والعرفان بين أسرة المحتفى به وجامعة السودان، عندما قام الدكتور “أحمد نجل الحكيم طه” بتكريم أسرة جامعة السودان في مشهد بهيج.
قبل ذلك وقف الدكتور “طه علي البشير” على المنصة يلقي كلمته.. كان الاطمئنان والسرور يملأ جوانحه وهو يرمق الحضور الكبير بنظرات الفارس المغوار المستلهمة من الأساطير الإغريقية، فأجزل الشكر والثناء لجامعة السودان على الدكتوراة الفخرية التي قال بأن فخرها لا يقتصر على شخصه الضعيف، بل هي فكرة تسمو برمزيتها ودلالتها لتؤكد معنى الشراكة التي تصنع النجاح، في ثنايا كلمته دق الحكيم “طه” على وتر حساس وواقعي عندما ذكر بأن التعليم في زمانهم كان متاحاً وميسوراً والعمل كان متوفراً ومتدفقاً، وأكد “طه” على ضرورة الولاء للوطن والمواطنين في خضم هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها السودان.
كان الحكيم “طه علي البشير” علماً بارزاً ومتفاعلاً في الاقتصاد الوطني و(البزنس)، وكان رجل الأيادي البيضاء في الحقل التعليمي، وعلى صعيد الرياضة كان صاحب (الأوزة) الذهبية في رئاسة نادي الهلال، وفي مجال السياسة وحزب الحركة الوطنية كان قيصر الرفض لمنهج “الحسن الميرغني” المتصالح مع الشمولية.
لا يفوتنا التذكير بالمشاركة الحزبية السياسية التي ضمت البروف “البخاري الجعلي” والدكتور “علي السيد” و”أبو سن الدابي” و”الخليفة ميرغني بركات” والمهندس “محمد فايت” و”محمد طاهر جيلاني”، فضلاً عن الإعلام الرياضي المتمثل في “دسوقي” و”شجرابي” و”أحمد محمد الحسن” وبقية الكوكبة.
مرت احتفائية التكريم الأسطوري للدكتور “طه علي البشير” بمذاق فريد ومؤثرات لامعة ستكون باقية في الذاكرة الإنسانية.