أخبار

لقمة الخبز

انصرفت الحكومة عن مشاكل الجماهير وعامة الناس إلى قضايا الصفوة من انتخابات وتشكيل حكومة ومحاصصات، في تقسيم كعكة السلطة بين الأحباب والمريدين المؤيدين والشركاء من كل جنس ولون.  وتركت قضايا معيشة الناس وقفة الملاح والسوق يشهد ركوداً شديداً، والإنتاج الزراعي الوفير العام الماضي لم يجد أسواقاً خارجية، حتى تستفيد الدولة ويعوض المزارعون عن كدحهم وكفاحهم طوال موسم انقضى، كانت الإنتاجية فيه عالية والحصاد وفيراً. ولكن التسويق هو نقطة الضعف الوحيدة التي هزمت المزارع . وكان حرياً بحكومتنا أن تبحث عن منافذ لصادر الذرة والسمسم والفول، ولكنها لم تفعل وحتى حدودنا مع الأشقاء في الجنوب سدت دروبها الخلافات حول القضايا الأمنية، وتزدهر مهنة التهريب والمهربين. وبدلاً من الاستفادة من عائد الصادر أصبح المستفيدون أفراداً وبعض القطط السمان.
لم تجتهد وزارة التجارة ولا المالية ولا الخارجية في فتح أسواق جديدة لصادراتنا في أفريقيا وآسيا، واعتمدت الحكومة على قروض الأشقاء وهبات من الدول الصديقة وعائدات البترول التي تآكلت وأصبحت  لا جدوى منها، بل بات النفط لعنة علينا بعد أن كان نعمة لنا.
الآن البلاد على مقربة من بدء العام الدراسي الجديد، وهو موسم ضغط شديد على جيوب الغلابة والفقراء الكادحين إلى ربهم كدحاً . ومن بدء العام الدراسي  يحل شهر رمضان بتبعاته على الناس. وعلى النقيض من أسعار المنتجات الزراعية الضعيفة، فإن ضروريات رمضان وقفة الملاح تشهد تصاعداً في الأسعار خاصة الزيوت واللحوم والألبان الجافة والغاز . ولا تجد قضايا معيشة المواطنين أي اهتمام من المسؤولين في الحكومة، الذين تشغلهم عنها شواغل السياسة ومعاركها التي لا تقدم حلاً لمشكلات السواد الأعظم من الناس، ولكنها تحل قضايا طبقة المستفيدين من الوزارات والولايات.  وهم حفنة صغيرة من السياسيين.
  يعاني المواطنون أشد المعاناة في الحصول على الخبز الحافي . ولا يجدون حتى الحد الأدنى من الاهتمام . وحينما تطل أزمة من الأزمات تجتهد الحكومة في درء آثارها الأمنية وتبعاتها، أكثر من تصويب النظر نحو حل تلك القضايا وأصبحت كل آمالنا معلقة على القروض التي من وراء الحدود تأتي، وتعول حكومتنا على الاستثمارات العربية التي يتوقع أن تنهال على بلادنا، ولكن المناخ الداخلي لا يساعد صاحب مال وثروة على القدوم إلى دولة، كل أخبارها قتل ونهب واضطرابات واحتقانات في الساحة تنذر بانفجارات في قادم الأيام. المعارضة تساهم في تشويه صورة البلاد بعنتريات وتهديد ووعيد، والحكومة لا تقصر في تشويه صورة نفسها .
إزاء الواقع الذي نعيشه فإن ضروريات الحياة تبقى هي الفريضة المنسية، وواجب الحكومة الذي تخلت عنه. ليتها في الأيام القادمة تفكر لحظة واحدة في الالتفات لمشاكل الناس وتتحسس ألامهم وأوجاعهم التي يعانون منها.
 وقد بلغت المعاناة مبلغاً لا يطاق واستحالت الحياة الكريمة لطبقات من المنسيين في الزمان والمكان إلى جحيم.  ولذلك تطاولت صفوف طالبي الهجرة أمام أبواب سفارات الدول العربية والأوربية هروباً من الوطن ومرارة العيش فيه. وانسداد حتى بصيص الأمل في تغيير الواقع الذي نعيش وطرق السودانيون في السنوات الأخيرة حتى أبواب إسرائيل أو دولة الكيان الصهيوني. وهم يبحثون عن لقمة العيش وبعضهم يبحث عن منافذ للهجرة الخارجية عبر ركوب الصعاب بالبحار والصحاري، ولا يأبهون لمخاطر ذلك على حياتهم، مادامت بلادهم قد لفظتهم أو خيل لهم ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية