رأي

"جلال الدقير".. هل يحرق الشعرة مع المؤتمر الوطني؟!

بقلم – عادل عبده
هنالك قصة مأثورة في التاريخ العربي بعد الخلافة الراشدة تحمل في ثناياها حكمة ذات رسالة حول موقف المؤتمر الوطني من الاتحادي المسجل بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث يذكر أن “أبا نواس” دخل على الخليفة “هارون الرشيد” وهو يحمل إناءً به خمر فقال له الخليفة: ما هذا يا رجل؟ فرد “أبو نواس”: إنه لبن يا سيدي.. هنا تعجب الخليفة قائلاً: هل يوجد لبن أحمر اللون؟ فكانت إجابة “أبي نواس” على وجه السرعة: لقد احمرَّ خجلاً منك يا سيدي!! فالحكمة الواضحة من هذا السياق تعكس بأن المؤتمر الوطني القابض على تلابيب العملية الانتخابية لم يكن خجولاً ولا حريصاً على الوفاء حيال الاتحادي المسجل، فتعامل بكل قسوة وجحود مع حليفه القديم الذي فتح معه أبواب الانفتاح وأزال عنه العزلة في الزمن العصيب، والشاهد أن المؤتمر الوطني استبدل الاتحادي الأصل بالاتحادي المسجل في خطوة مغايرة للمنطق والحجة والبراغماتية السياسية، فالاتحادي الأصل مصاب بالدوار، فقد طرد رموزه الكبار ويمشي على ساق واحدة وانحصر في بوتقة صغيرة واستعصى عليه استكمال لوازم العملية الانتخابية، بينما الاتحادي المسجل انبلج نوره الساطع على جميع مراكز الاقتراع وانتزع العديد من الدوائر من خلال منافسة حرة رغم وجود الدوائر المفرغة.. علاوة على ذلك فقد نظم الاتحادي المسجل هياكله الداخلية ودلق الدماء في شرايين البطارية الحزبية وأقام مؤتمر الشباب على النسق العصري وحشد أكثر من ثلاثة آلاف امرأة في المؤتمر النسوي!!
ماذا جرى للمؤتمر الوطني في تعامله مع حليفه القديم؟ وما هي حساباته في المفاضلة بين الاتحادي الأصل والاتحادي المسجل؟ وهل يحاول الحزب الحاكم التنصل من مبادرة الحوار الشعبي الشامل بكل ما تحمل من زخم وأفكار وألق؟!
مهما يكن فإن ضفة الاتحادي المسجل تغلي كالمرجل بناءً على قناعات العضوية التي تتحدث عن وجود مؤثرات نافذة قادت إلى حصولهم على هذه المرتبة في الانتخابات التي أغضبتهم ولا تتناسب مع جهدهم وحراكهم الكثيف ووزنهم الصحيح.
الدم ما زال ينزف في باحة الاتحادي المسجل والاجتماع الخطير حول تقييم نتائج الانتخابات الأخيرة في الطريق.. فهنالك الضغوط الكثيفة والاحتجاجات الواسعة حول ضرورة إحداث خطوة تصم الآذان.
فهل يحرق الدكتور “جلال الدقير” الشعرة مع المؤتمر الوطني؟ أم أن هنالك مراجعات ربما تتبلور على فرضية العتاب الذي يلوح بين الأصدقاء عند ظهور الملامة؟؟ ربما تكون هذه الخطوة مليئة بالحسابات الدقيقة والمشاورات الكثيرة والتحديق في الأفق البعيد.
المحصلة أن الجُرح كبير على جسد الاتحادي المسجل وجاء في وقت حساس وعصيب من خلال مرحلة حرجة ودقيقة في المسرح السوداني، فالواضح أن قيادات الحزب المتمثلة في “جلال الدقير”، “السماني الوسيلة”، “أحمد علي أبو بكر”، “أحمد بلال”، “إشراقة سيد محمود”، “حسن هلال” و”أمين البيلي” قد توحدوا جميعاً في الشعور بالغضب والغبن، مرتبطين بالقيادات الوسيطة والقواعد.. إنه اختبار حقيقي وموقف عصيب من خلال مشهد سيريالي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية