بين ولايتين!!
{ هل النسبة التي حققتها ولاية الخرطوم في الانتخابات الحالية تمثل بالضرورة نجاح أو اخفاق القيادة التنفيذية والسياسية للولاية ؟؟ وهل قياس النجاح والفشل في الانتخابات يقرأ) بعيداً عن مؤثرات سياسية أخرى أكثر عمقاً كالأمن.. والنشاط المناوئ لأحزاب المعارضة ومركز ذلك النشاط؟؟ انتهت الانتخابات وتبقى إعلان النتيجة الرسمية من جهة المفوضية في السابع والعشرين من الشهر الجاري أي بعد أربعة أيام من الآن لتنقضي مرحلة .. وتطل أخرى؟
ولاية الخرطوم تعتبر أكثر الولايات إثارة سياسية، ومحط أنظار السياسيين “وبريق منصب الوالي بالخرطوم جعلها منطقة (حفر ودفن) وأطماع وأشواق.. والخرطوم حققت نسبة جيدة جداً في الانتخابات الحالية.. لم يخسر المؤتمر الوطني مقعداً في البرلمان القومي ،وحصل أغلب حلفائه في الدوائر (المفرغة)على مبتغاهم وفازوا بسند المؤتمر الوطني رغم أن بعضهم من المغمورين سياسياً واجتماعياً.. وعلاقتهم بالخرطوم نفسها علاقة طارئة.. ولكنهم نجحوا في الانتخابات وأصبحوا ممثلين للولاية.
{ نعم هناك ولايات نسبة التصويت فيها أعلى من الخرطوم ولكن هل تواجه تلك الولايات التحديات التي واجهتها العاصمة.. من حيث النشاط السياسي المعارض للحكومة المركزية ،وليس ولاية الخرطوم وتحمل حكومة د. عبد الرحمن الخضر كل تبعات القرارات الاتحادية.. مثل زيادة سعر المحروقات.. وأحداث سبتمبر.. الاضطرابات في الجامعات.. وحملة (ارحل) التي قادتها المعارضة.. وكل هذه المؤثرات جعلت إقبال المواطنين على الانتخابات في الخرطوم.. أقل من بعض الولايات.. وأي قراءة لا تأخذ في اعتبارها هذه المؤثرات هي قراءة متعجلة وغير منصفة.. وقد (اجتهدت) ولاية الخرطوم في تحسين الخدمات والمواصلات العامة ، واقترب د. عبد الرحمن الخضر من المواطنين وكان والياً رؤوفاً ورحيماً بشعبه.. لم ينصرف إلى الاستثمار والمشروعات الاقتصادية كلياً مثل “د. عبد الحليم المتعافي” حتى ضعف المؤتمر الوطني ووهن في عهده.. لكنه اهتم بالخطاب السياسي النظيف من عبارات التجريح “والعنتريات “وأي تقييم منصف لتجربة ولاية الخرطوم لا يأخذ في اعتباره مثل هذه المؤثرات لهو تقييم يفتقر للموضوعية!!
أما الولاية الثانية التي كانت منطقة مواجهة مفتوحة هي جنوب كردفان التي دفع عبد العزيز آدم الحلو القائد العسكري الحقيقي للجبهة الثورية شعار (انتخابات ما في) .. واندفعت الحركة الشعبية بكل قوتها العسكرية لتعطيل الانتخابات وتحقيق ماعجزت عنه كل المعارضة ودفعت جنوب كردفان ثمن الانتخابات أرواحاً بلغت “140” شهيداً وجراحاً لنحو” 150 “جريحاً.. وخرج من “كادقلي” العاصمة آلاف المواطنين خوفاً من قاذفات ا”لكاتيوشا.”. رغم ذلك جرت الانتخابات في مناخ مناسب لم يخسر المؤتمر الوطني إلا دائرة واحدة هي (أبو كرشولا )وخسر حلفاء المؤتمر الوطني دائرتي” الدلنج “التي فاز بها الإصلاح الآن (بالشبكاك).. ودائرة كادقلي الغربية التي تنازل عنها المؤتمر الوطني للحركة الشعبية ولكنها سقطت لأن المواطنين لم (يبغضوا) شيئاً في الدنيا غير اسم الحركة الشعبية.. وصمد آدم الفكي في وجه الحرب ،وصبر على أذى القريب قبل البعيد.. لتحقق جنوب كردفان في هذا المناخ نسبة عالية جداً مما جعل الرئيس يوجه بكتابة خطاب إشادة وبقدر ما تختل معايير التقييم والتقويم فإن ولاية جنوب كردفان هي الأخرى قد حققت ذات ما حققته ولاية الخرطوم بل يعتبر قيام الانتخابات نفسه انجازاً يستحق عليه آدم الفكي التقدير والثناء.. وكذلك قيادة الفرقة “14 “والشرطة بقيادة اللواء عبد الرحمن دارفور وجهاز الأمن بقيادة العميد “النقي “ومواطني الولاية ونائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس “علي دقاش “وكل الصابرين الصامتين والذين دفعوا ثمن ولائهم شهداء.. وجرحى. . ومصابين.