مجرد سؤال؟؟؟
رقية أبو شوك
“أحمدون”.. عذراً الكتابة عنك جاءت متأخرة!!!
قبل البدء في كتابة مساحتي هذه أترحم أولاً على روح الأستاذ “عبد الرحمن أحمدون” وكم أنا حزينة جداً على فراقه ولكنها الأقدار وكلنا راحلين ويبقى الأثر الطيب.. كما اعتذر بشدة لكوني أخرت الكتابة عنه أكثر من أسبوعين والسبب أن القلم لم يطاوعني والكلمات تناثرت من رأسي ووقفت عاجزة تماماً عن الكتابة.
هاأنذا أحاول اليوم لأنقش رذاذاً من الكلمات لأستاذ الأجيال الذي تعلم على يديه كم هائل من الصحفيين وطلاب الجامعات الذين يأتون إليه للمساعدة في مجال البحث العلمي المرتبط بالعمل الصحفي أو ذاك المرتبط بالترجمة من الانجليزية للعربية والتي كان يجيدها ببراعة.
عرفته بألوان (الحق والخير والجمال) ألوان الأستاذ “حسين خوجلي” وكان وقتها رئيساً لـ(قسم الأخبار) وكنت معه بالقسم.. استفدت منه كثيراً.. كان يأتي للمكتب باكراً منذ الساعة الثامنة صباحاً ويخرج متأخراً، وعندما أدخل عليه في المكتب كنت “أهظز” معه وأقول له (إنت بتبيع اللبن) لأنه يحضر باكراً ـ كان يضحك من الأعماق ويقول لي انتو جيل تحبوا النوم والكسل ويزيد (الصحفي لابد أن يحضر للمكتب باكراً ليطلع على الصحف ومن ثم يحدد إلى أين هو ذاهب).
كان فخوراً جداً بنفسه يحكي لنا تجربته في المملكة العربية السعودية وحبه للصحافة، ويقول (حب الإنسان أي كان لمهنته يعتبر نجاحاً فالذي يحب مهنته ومؤسسته التي ينتمي لها سيكون له شأن كبير أنه سينجح سينجح لا محالة).
دخلت عليه ذات مرة وبعد السلام قال لي: (أنا اليوم اتخذت قراراً بتعيينك نائباً لرئيس قسم الأخبار)، ضحكت وقلت له وأنا كثيرة المزاح معه: إنت قائل نفسك “حسين خوجلي” عشان تصدر كمان قرارات، رد بالقول: وأنا واثق آن قراري هذا لا يمانع عليه “حسين خوجلي” وقد كان.. كنت نائبته فترة إلى أن تحولت للقسم الاقتصادي وذهب هو رئيس لتحرير (الحياة والناس) (تفاحة الصحافة السودانية)ـ وقبل كل هذا كان مسؤولاً عن صفحة (الناس في بلادي) والتي كان يقوم بإعداد موادها بنفسه بعد أن يستعين من بعد الله على المتدربين، وكانت صفحة يومية تخرج بثوب جميل وكانت من أكثر الصفحات المقروءة لأنها كانت ذات علاقة بالمواطن والشارع السوداني.
أذكر ذات مرة قد أجرى حواراً بصفحة (الناس في بلادي) مع أحد أصدقائه المقربين إليه جداً، وكان صديقه هذا يعرف كل أهل (ألوان).. ناكفه الأستاذ “حسين خوجلي” في الاجتماع قائلاً: (يا أحمدون تحاور لي صديقك)، وأضاف أنا من عرفت “أحمدون” عرفت هذا المهندس صديقاً له).. ضحك وضحكنا.
كان يجيد الانجليزية بطلاقة ويحكي عن تجربته في مجال الترجمة، وعندما يأتي موعد الصلاة ينهض مبكراً بعد أن سبق الأذان بالوضوء.. كان يذكر الجميع بالصلاة والقرآن وقرآن الفجر ويزيد أن قرآن الفجرـ أي صلاة الصبح ـ كان مشهودا لان الملائكة تكون شاهدة على أنك صليت الصبح، كان مؤلفاً شهدت له المكتبة السودانية وإن لم تشغله مهنة الصحافة والتي تأخذ جل وقت الصحفي لامتلأت المكتبات بمؤلفاته.. تدرب على يديه الكثيرون من محبي الصحافة كنا نحن نزهج من كوننا ندرب أو نعلم ولكنه لا يمل طوال الوقت يعيد ويكتب حتى تصل المادة إلى ما يريد. “حسن دلوك” المصمم بألوان آنذاك كان “أحمدون” يكن له كل التقدير حتى وآخر نفس له.
أذكر ذات مرة وأنا مريضة بالمنزل بالآم (الغضروف) بعد أن مكثت بالمنزل فترة من الزمن هاتفني الزميل “دلوك” قائلاً: (يا رقية أنا والأستاذ أحمدون جاين عليكم بالمنزل والآن نحن في الطريق وبالقرب من كبري الدباسين).
اللهم أرحمه بقدر ما قدم.. ونسأل الله ما قدمه من علم ينتفع به وأجعل الجنة مثواه.