خطاب رئيس..!!
تنتهي حملات المؤتمر الوطني الانتخابية اليوم بلقاء ينتظر أن يخاطبه مرشحه للرئاسة “عمر حسن أحمد البشير” باستاد الخرطوم كآخر ولاية بعد جولات بدأت منذ شهر، طاف خلالها الرئيس ولايات السودان البالغ عددها (15) ولاية، تحدث فيها جميعاً عن المستقبل والحاضر وكيف كان السودان وإلى ماذا صار.. وما هي أسباب نمو الاقتصاد وما هي خطط الحكومة للنهوض بالبلاد!!
ربما أحصى المقربون من إعلام القصر عدد الساعات التي تحدث فيها الرئيس، أو ينبغي لهم ذلك وإعداد حزمة الالتزامات التي جاءت على لسان “البشير” في الولايات، وهي التزامات سياسية وليست وعوداً انتخابية جوفاء على طريقة (سنبني لكم).. وبالنظر إلى مضمون خطابات الرئيس في كل ولاية، نجده قد تحدث مطولاً في الجزيرة عن المشروع وكيفية النهوض به وخطط الحكومة للارتقاء بالزراعة في السنوات القادمة.. ولم يغمض “البشير” عينيه عن حقائق الواقع في مشروع الجزيرة، لكنه جهر بكلمة الحق حينما اعترف بتدني الإنتاج وتدهور اقتصاديات الجزيرة.. وتواجه حكومة ما بعد الانتخابات التزامات كبيرة نحو مشروع الجزيرة وتوطين القمح والألبان.. والاستفادة من المياه التي وفرتها تعلية خزان الروصيرص بشق ترعتي الرهد وكنانة.. وترتبط قضايا الجزيرة بالزراعة في ولاية كسلا التي كان ينتظر مساهمة سد أعالي نهر عطبرة في زيادة المساحات المزروعة فيها.
وفي حديث الرئيس بالمنطقتين الملتهبتين بالحرب والصراعات، تعهد بتحقيق السلام في هذا العام حرباً أو سلماً، ولكن خيار الرئيس الشخصي أن يتم السلام من خلال التفاوض لإنهاء معاناة سكان الولايتين النيل الأزرق وجنوب كردفان. وبعث خطاب الرئيس الأمل في النفوس بأن معاناة الأهالي التي استمرت لسنوات طويلة في طريقها للنهاية، وأن حمامات الدم وسنوات النزوح والدموع والأحزان قد غربت شمسها.. والحرب لن تؤدي للاستقرار، لكن التفاوض والحل السياسي هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه الحكومة.. وحري بالمسؤولين في الحكومة وأهالي المنطقتين التمسك بما جاء على لسان “البشير”.
وفي الشمالية ونهر النيل كان خطاب الرئيس ملامساً لقضايا الناس وأشواقهم في زيادة الإنتاج الزراعي والحيواني بعد أن وضعت الحكومة (لبنة) النهوض الاقتصادي بتشييد سد مروي الذي جعل كل أراضي الولاية الشمالية في دائرة الأرض المروية.. لكن حتى اليوم الاستفادة من تلك الأراضي قليل جداً والبنية التحتية في الولايتين الشماليتين من طرق ومطارات واستقرار أمني وسياسي يجعل مستقبل الزراعة وسد حاجة السودان من القمح رهيناً بالشمالية ونهر النيل.
وفي دارفور تغيرت لهجة الخطاب السياسي للمؤتمر الوطني وأخذ الرئيس عهداً بتنفيذ (اتفاق الدوحة) الموقع مع الحركات المتمردة، وقال إن ذات الاتفاق أي (الدوحة) مفتوح لاستيعاب ما تبقى من الحركات التي تحمل السلاح، وبما أن عمر (اتفاقية الدوحة) قد شارف على الانتهاء بحلول يوليو القادم ويفترض إجراء استفتاء لأهل دارفور لتخييرهم ما بين نظام الولايات المتعددة أو الإقليم الواحد، فإن الرئيس بدا واثقاً جداً من أن السنوات القادمة ستشهد تطوراً كبيراً على صعيد إنهاء النزاعات القبلية.. والتوصل لاتفاق مع الحركات المتمردة المتبقية.. وفي ذات الوقت إعادة دارفور إلى ما كانت عليه قبل سنوات.
إذن نحن أمام فترة رئاسية جديدة، لها التزاماتها المختلفة من السنوات الماضية.. وتعدّ خطابات الرئيس في الولايات الخمس عشرة بمثابة برنامج للمؤتمر الوطني ينتظر التفعيل ثم التنفيذ الصارم.