الديوان

عائلة "باموبليس" اليونانية تستعيد ذكرياتها بمقر صحيفة (المجهر)

تمتعت بعلاقات قوية مع رؤساء السودان
الخرطوم ـ سيف جامع
“كانت هنا حديقة المنزل مليئة بالببغان والطيور النادرة التي جلبها والدي من جنوب أفريقيا، منزلنا كان يضج بالحياة وتفوح منه رائحة الزهور التي تتفتح في كل جانب رائع أنه لم يتغير كثيراً” هكذا بدأت مدام “باموبليس” حديثها وهي تدلف إلى مقر صحيفة (المجهر) الذي كان منزل الأسرة الثرية التي غادرته إلى “انجلترا” منتصف تسعينيات القرن الماضي، بعد أن قضت فيه أكثر من (50) عاماً.
لم تصدق السيدة وابنتها أن المنزل كما هو في حالته التي تركته عليها الغرف والصالة وغيرها من منافع المنزل الذي كان يمتلكه اليوناني السيد “باموبليس” رجل الأعمال وصاحب العلاقات المتميزة مع عدد من رؤساء السودان، حيث عاصر “الأزهري” و”عبود” و”النميري” وأقام علاقات مع الزعماء التاريخيين مثل “عبد الرحمن المهدي” و”محمد أحمد محجوب”، لكن كغيرهم من غادروا السودان في السنوات الماضية ما يزالون يحتفظون بحنين إلى الوطن.
حسب رواية مدام “باموبليس” وهي سيدة بريطانية الجنسية في السبعين من عمرها لكنها تتمتع بحيوية الشباب أن منطقة الخرطوم كانت تسكنها العائلات التجارية الكبيرة، وسردت السيدة جوانب عدة من حياتها التي بدأتها في منزلهم العتيق بمنطقة “الخرطوم شرق”، حيث كان المنزل يومها يستقبل الضيوف ورجالات المجتمع، لكن بموت الوالد قررت الأسرة هجرة السودان والاستقرار في “بريطانيا”، عاشت العائلة المجد والعز بإدارتها للأعمال التجارية خاصة صناعة المناشف واستيراد إطارات السيارات، وكشفت مدام “باموبليس” عن اسم زوجها الذي اشتهرت به وأن والد زوجها ويدعى السيد “باموبليس” حضر إلى السودان في بداية 1900 مشتغلاً في التجارة واستقر به الحال في السودان.
أما عن سيرتها فقالت إنها بريطانية الجنسية وارتبطت بزوجها اليوناني وعاشت معه في منزلهما بوسط الخرطوم إلى أن توفي وانتقلت الأسرة بعدها إلى ضاحية العمارات ثم غادرت الأسرة إلى “لندن” وتزوجت ابنتها ببريطاني جاء أيضاً معهم إلى السودان في زيارتهم القصيرة.
وطافت العائلة على المنزل وفي كل ناحية منه كانت تحكي الأم وابنتها ذكريات جميلة لم ينسوها، وعندما دخلت ابنتها “تينا” إلى مكتب رئيس التحرير صرخت بصوت عالٍ اووووو(My bedroom) ثم بدأت في استعادة شريط الذكريات، وقالت بلغة عربية متواضعة إنها كانت تقف في شباك الغرفة وتنفث دخان السجائر إلى الخارج حتى لا يعرف والدها بأنها تدخن، وعندما شاهدت الخزانة الملحقة بالغرفة استغربت كثيراً بأنها لم يحدث لها أي تغيير وأنها ظلت مغلقة، وأضافت (كنا نحفظ المشغولات الذهبية وحاجياتنا بهذه الخزانة).
وتحكي مدام “باموبليس” أنها حينما وصلها خبر وفاة والدها من “لندن” حزنت كثيراً وظلت تبكي فقام زوجها بإهدائها قرداً ليضحكها ويزيل حزنها.
واصطحب رئيس التحرير الأستاذ “صلاح حبيب” الأسرة في جولة إلى أركان المنزل ووقفت العائلة على بيتها السابق الذي تم بيعه لمالك جديد لكنه لم يتغير وظل محتفظاً بالكثير من شكله الهندسي، حيث يشبه إلى حد كبير منازل الريف الانجليزي من ناحية المساحة والتكوين الهندسي، فضلاً عن الحديقة الخلفية وغرفة المسافرين وصالة الاستقبال.
وفي مقارنة بين الأوضاع بـ”لندن” و”السودان” أفادت العائلة أن “لندن” أجواءها باردة والأسعار هنالك مرتفعة وأنها حضرت إلى السودان في إجازة قصيرة هذا الصيف. ومن الملاحظات التي أبدتها العائلة زيادة أعداد المواطنين بالخرطوم مقارنة بالسابق، ومن المفارقات قالت السيدة “باموبليس” إن الكهرباء كانت لا تشهد قطوعات قط قبل خمسين سنة رغم عدم وجود أجهزة تكييف وغيرها من سبل الراحة التي ينعم بها السودانيون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية