تحالفات عاصفة الحزم… مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية
“البشير” قال ستأتي بخير كثير
وليد النور
يقول الخبراء إن السياسية هي فن الممكن بمعنى أنه ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بين الدول، في إشارة إلى أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح. من منطلق هذا التوصيف يمكننا فهم التحالفات الإقليمية والدولية التي حكمت الدول والمتغيرات التي تقتضي حدوث تحولات في مسار هذه التحالفات، فالناظر للتحالفات الإقليمية على صعيد المحيط العربي يجد أن هناك متغيرات في طور التشكل، وبدأت أكثر وضوحاً في موقف السودان الذي قفز من مركبة الدول التي كانت محسوبة على التيار العربي المتشدد، إلى محور كان يوصف بأنه أكثر اعتدالاً ويضم دولاً أبرزها دول الخليج والمملكة العربية السعودية بمشاركته في عاصفة الحزم ..ويبدو أنه دخل في هذا التحالف وفق دراسة وحسابات دقيقة ربما تقوده لمواقف أخرى وقد ينعكس ذلك على أوضاعه الخارجية والداخلية.
ومن جانبه بعث رئيس الجمهورية المشير”عمر البشير” بتطمينات إلى المواطنين بأن التحالف الجديد فيه خير كثير للمواطنين، وأكد لدى مخاطبته للأقباط بنادي المكتبة القبطية بأم درمان جاهزية الدول العربية، للشروع في قيام مشروع الأمن الغذائي العربي الذي دعا له السودان. وتابع: (العرب جاهزون ونحن جاهزون)، موضحاً أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة في تحسين العلاقات الخليجية. وأنهى الرئيس “البشير” الأسبوع المنصرم زيارة إلى السعودية وقبلها في فبراير المنصرم زيارة إلى دولة الإمارات، وذلك تتويجاً لقرار اتخذته السلطات العام الماضي بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية.
موقف السودان الداعم لعاصفة الحزم أربك خطط القوى المعارضة بالداخل التي كانت تعول على هذا المحور في تغيير النظام، من خلال ضغطه على السودان اقتصادياً وإعلامياً أو توفير المكان لمناشط المعارضة. وما يدل على ذلك زيارة “الصادق المهدي” للإمارات وبقاؤه في مصر كما ظلت قيادات من الجبهة الثورية أمثال “ياسر عرمان” تتحدث صراحة عن أن علاقتها متميزة بهذه الدول. وعلى ضوء هذه التحولات يصبح السؤال المشروع هل ستستمر المعارضة في الاحتفاظ بعلاقتها مع دول الخليج ومصر والسعودية، أم ستبحث عن تحالف آخر يضم دولاً أبرزها إيران، خاصة بعد أن أعلن وزير الخارجية “علي أحمد كرتي” عدم وجود تحالف سوداني إيراني. وفي هذه الحالة هل نتوقع أن تستقبل إيران شخصيات سودانية معارضة إذا حاول مثلاً “الصادق المهدي” اللجوء إليها على خلفية علاقته ببعض قياداتها، على الصعيد الآخر هناك من يصفون التحالف الجديد الذي أصبح السودان جزءاً منه بالظرفي لذلك يسألون عن إمكانية صموده. (المجهر) في سياق تقديم قراءة للتحالفات الإقليمية الجديدة التي يمكن أن تنتظم في المنطقة العربية وموقع المعارضة السودانية من هذه التحالفات سألت عدداً من المراقبين.
وفي هذا الإطار يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بروفيسور “الطيب زين العابدين”، إن الخطوة التي اتخذها السودان بمشاركته في التحالف الجديد مع دول الخليج (عاصفة الحزم) ضد جماعات “الحوثي” و”علي عبد الله صالح” الذي أمر جنوده بعدم اعتراض جماعة “الحوثي” وهم يحتلون المدن إلى أن وصلوا العاصمة “صنعاء”، خطوة صحيحة وستعزز من موقف السودان في الوطن العربي. وأضاف أن السودان بدأ في تصحيح المعادلة المختلة مع دول الخليج منذ العام 1990م، عندما وقف مع “صدام” وهو المعتدي على الكويت وتوترت علاقاته بجيرانه العرب. وأكد “زين العابدين” أن حركة “الحوثي” ستنتهي قريباً لأنها تمثل فقط (3%) من سكان اليمن. وقال إن التدخل الإيراني كان واضحاً من خلال زيادة رحلاتها الجوية إلى رحلتين خلال اليوم إلى “صنعاء” في حين عدم وجود تبادل تجاري كبير بين الدولتين، إنما الغرض هو تزويد جماعة “الحوثي” بالسلاح. وسخر “الطيب زين العابدين” من تصريحات “كرتي” بأن العلاقة بين السودان وإيران كانت عادية. وقال: كيف تكون العلاقة العادية والسفن الحربية الإيرانية كانت ترسو لمدة ثلاثة أيام في ميناء بور تسودان، فضلاً عن انتشار المراكز الثقافية في طول البلاد وعرضها. وزاد إن الخارجية تعلم بأن إيران لا تسمح بإقامة مراكز للسنة في “طهران”. وأرجع تصريح “كرتي” نسبة لتعدد جهات اتخاذ القرار في السودان. وقال: (إن البلد جايطة وكل زول شغال على كيفو). واستبعد “زين العابدين” اتجاه المعارضة للتحالف مع إيران في الوقت الراهن. وأوضح أن إيران تختار حلفاءها بعناية وحسب مصالحها، فتحالفت مع “بشار الأسد” على الرغم من أنه من الشيعة العلويين، وحتى الحوثيين في اليمن هم الطائفة الزيدية ولكن الجبهة الثورية ما معروف مذهبها شنو لذلك تحالف المعارضة لا يستطيع إقامة تحالف مع إيران .
فيما قال المحلل السياسي د.”عمر حمد الحاوي”، إن الحكومة وعقب دخولها في تحالف عاصفة الحزم مع دول الخليج تجاهلت المعارضة الداخلية، وعلل ذلك برفضها المشاركة في اللقاء التحضيري برعاية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى في “أديس أبابا”. وقال الاتجاه الصحيح هو قيادة حوار إيجابي مع المعارضة في الداخل وتحسين العلاقات الخارجية في وقت واحد لترتيب البيت من الداخل، قبل الاعتماد على تحالف الخارجي مؤقتاً. وأشار إلى أنه من الصعوبة بمكان الاعتماد على التحالف الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية، لأنه قائم على القضاء على الحوثيين في اليمن وليس له برامج واضحة. وتابع إن الحديث عن الدفاع المشترك والجيش العربي الموحد هي قضايا استهلاك سياسي، مثله مثل اجتماعات الجامعة العربية. وأردف إن التحالف الخليجي سينتهي بانتهاء المعارك مع الحوثيين وخروجهم من العاصمة اليمنية “صنعاء”. واستبعد اتجاه المعارضة للتحالف مع دولة إيران التي نفت الحكومة على لسان وزير الخارجية “علي كرتي” وجود تحالف إستراتيجي معها، لأنها من أحزاب وتوجهات فكرية مختلفة. وقال حتى حزب الأمة بقيادة “الصادق المهدي” ورغم وجود علاقات طيبة مع إيران، لكنه لن يتجه للتحالف معها وسيعتمد على تحالف نداء السودان وبرلين. وأوضح أن علاقة تحالف المعارضة بدول الخليج خاصة السعودية لن تتأثر بمشاركة الحكومة في عاصفة الحزم، لاسيما أن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى زيادة شرعية التحالف وعدد الدول المشاركة فيه.