بكل الوضوح
عامر باشاب
“أحمدون” طراز نادر من الصحفيين
{ يبدو أننا صرنا لا نقوى على الصدمات المفاجئة وألم الفراق وأصبحنا نحتاج لوقت طويل حتى نفيق من صدمة رحيل إنسان عزيز، وبعدها نلملم قوانا لنكتب عن مآثره وعن بعض الذكريات التي جمعتنا به. خلال اليومين الماضيين وقبل أن نفيق من صدمة رحيل أستاذنا الصحفي القدير “عبد المولى الصديق” نعى الناعي أستاذنا الصحفي والروائي الكاتب الدرامي والسينارست الفنان “عبد الرحمن أحمدون”.
{ و”عبد الرحمن أحمدون” للذين لا يعرفونه طراز نادر من الصحفيين الذين صبروا صبراً جميلاً على مهنة المتاعب، فأعطاها كل وقته وفكره دون أن ينتظر أن تعطيه شيئاً، ولم تكن تهمه مناصب ورتب بلاط صاحبة الجلالة، لم يبهره بريقها بل كان يوجه كل همه نحو العمل والعطاء الصحفي المتواصل آناء الليل وأطراف النهار.
{على الرغم من ترأسه لمعظم الأقسام الصحفية بصحيفة (ألوان) وأصبح رئيساً لتحرير تفاحة الصحافة السودانية (الحياة والناس)، لكن المناصب لم تستطع أن تغير في شخصه بل هو الذي أضاف إليها شيئاً من تواضعه وبساطته.
{ في كل المواقع التي عمل بها كان يتعامل مع المحررين وحتى المتدربين كواحد منهم.
{ أول ما تعرفت عليه بمؤسسة (ألوان) كنت أظنه من الشخصيات الصارمة، ولكن سرعان ما خاب ظني حينما عرفته عن قرب، فوجدته إنساناً رقيقاً يحمل قلب طفل يحتشد بالبراءة وبالمحنة.
{كان يتمتع بقدرات مهولة في الكتابة الصحفية وتحرير الملفات والصفحات الاجتماعية والثقافية.
{هو أحد الذين تركوا أثرهم في مسيرتنا الصحفية وفي مدرسته عرفنا بأن التحرير الصحفي علم وفن، حيث كان في بداياتنا الأولى يقول لنا كلما أبدعت في كتابة الخبر أو التقرير الإخباري كلما استطعت أن توصل المعلومة للقارئ بشكل جذاب.
{ فرقتنا الأيام بعد حادثة “خليل” التي غابت بسببها ألوان لأكثر من عامين، وقبل أن تجمعنا صفحات (المجهر) السياسي التقيت استأذنا الراحل “أحمدون”
بعد طول غياب بعمارة دوسة في مكتب الزميل والمخرج الصحفي الفنان “عيسى عبد الله”، وحينها كان مشغولاً بآخر كتاباته الدرامية مسلسل يحمل اسم (جريدة عبد الله)، وهو عبارة عن دراما اجتماعية ناقدة وكان يأمل أن يرى النور عبر الفضائية السودانية في الموسم الرمضاني السابق، ولكن لم يتحقق أمله بسبب عدم توفر ميزانية لإنتاج العمل.
{ نسأل الله له الرحمة والمغفرة ولأسرته الصبر والسلوان.