لا نهاجم "مصر" ولا رئيسها
بعث لي صديق مقيم خارج السودان رسالة تعليقاً على مقالي أمس بعنوان (سقوط “حمودة ” الكذاب) قال فيها: لماذا لا تهاجمون الرئيس المصري مثلما يهاجم بعض الصحفيين والإعلاميين المصريين الرئيس “البشير”، وتبرر الحكومة المصرية بأنهم (إعلام خاص) وليس حكومياً، وأنتم في (المجهر) وغيرها أيضاً صحافة خاصة وليست مملوكة للدولة، هاجموا رئيسهم بالمثل بدلاً من الرد على صحفيين؟!).
قلت له: نحن أوعى من هؤلاء ، مع أنهم يظنون غير ذلك. ونحن نعلم أنه ليس هناك الآن إعلام (خاص) وحر مائة بالمائة في مصر، خاصة في ما يتعلق بالرئاسة والقضايا الأمنية والمصالح الإستراتيجية في العلاقات الخارجية في مصر .
ولكننا نعلم أيضاً أن هناك (قلة) من الإعلاميين المصريين لهم صلات وعلاقات بالسفارة الإسرائيلية أو الأميركية بالقاهرة مثلاً، وآخرين أصدقاء لسفارات دول عربية لها رؤى سالبة في ما يتعلق بسياسة حكومة السودان، وهذه الدول تستغل مستخدمة (المال)، ساحة الإعلام الواسعة والمؤثرة في “مصر” و “لبنان” بالإضافة إلى فضائيات وصحف تصدر بتمويل (عربي) أو (صهيوني) من “لندن” وعواصم أخرى .
ولأننا واعون لأهمية “مصر” الآمنة والمستقرة والرائدة؛ فإننا لا نهاجم مصر، ولا رئيسها سواء كان المشير “عبد الفتاح السيسي” أو “محمد حسني مبارك” أو “محمد مرسي”، فكلهم بالنسبة لنا رؤساء جمهورية مصر العربية الشقيقة.
هذا الفهم الإستراتيجي لا يستوعبه صحفي الابتزاز “عادل حمودة” ، ولا (السواطة) “لميس الحديدي” ولا زوجها الأخرق “عمرو أديب”، ولا ذلك النكرة نائب رئيس تحرير جريدة (الجمهورية) وغيرهم من أراجوزات الإعلام المصري (الهابط) .
نحن لا نهاجم مصر؛ لأننا إن فعلنا إنما نسيء لأنفسنا وتاريخنا وشعبنا، فقد كنا يوماً بلداً واحداً، وشعباً واحداً، ليس في زمن (الخديوية) والملك “فاروق” – ملك مصر والسودان، لا.. بل منذ عصر (الفراعنة) قبل (7) آلاف سنة.
كان (الفراعنة) نوبيين من جنوب مصر وشمال السودان من “الأقصر” إلى “مروي” وحتى “البجراوية” حيث ما زالت تشمخ أهراماتنا على أرض ولاية نهر النيل وبعدد يفوق أهرامات “الجيزة” الثلاثة !! وهذا يؤكد أن الحضارة الفرعونية بدأت من الجنوب وانتهت شمالاً، وهذا ما أكده عالم الآثار السويسري “شارل بونيه” قبل عدة سنوات .
“مصر” بالنسبة لنا.. ثقافتنا وكتبنا ومجلاتنا من زمن “إحسان عبد القدوس” إلى زمن “أنيس منصور”، وهي رواياتنا من (ثلاثية) “نجيب محفوظ” إلى عمارة يعقوبيان “علاء الأسواني”.
ومصر عندنا هي عملاق الفن الأسمر ابن عمنا “محمد منير” الذي ما يزال يردد في حفلاته وعلى شاشات الفضائيات العربية أغاني “وردي الكبير” و “شرحبيل” و “وردي الصغير” : (الاسم الكامل إنسان.. الشعب الطيب والديَّ.. المهنة بناضل بتعلم.. تلميذ في مدرسة الشعب…) يرددها بحلاوة وطلاوة دون أن يحفظ لفناني السودان حقوقهم الأدبية.. ونحن (مسامحنو)، لأنه في الأصل نوبي وسوداني وإن تنكر!! ومثله من السودان قائد ثورة يوليو 1952 الرئيس المظلوم اللواء “محمد نجيب”، وبعده تمتزج دماء الرئيس المؤمن “محمد أنور السادات” بدماء السودانيين، حيث تتشابك الجذور وتمتد الأواصر، وقد خدما في السودان، كما خدم ثالثهم الرئيس الخالد “جمال عبد الناصر حسين”!!
نحن لا نهاجم مصر؛ لأننا منها وهي منا، ولكننا سنستمر نرد على أصدقاء (الموساد) في الإعلام المصري الذين يسعون لتخريب العلاقات السودانية المصرية وضرب أساساتها لخدمة الأجندات الصهيونية في المنطقة.