عبد المحمود أبو لـ(المجهر) (2/2)
{ طالبنا “إيران” بإصدار فتوى تحرم سب الصحابة
{ أسلوب الزجر الذي تمارسه الأسر يولد التطرف
{ الفتوى رأي غير ملزم ونحتاج إلى أمن فكري
حوار – وليد النور
قلل الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار من خطر التشيع في البلاد، وقال إن التشيع ليس مذهباً عقدياً وإنما هو خلاف سياسي،
{ ما هي أسباب انتشار التشيع بالبلاد؟
– الخلافات بين (السنة) و(الشيعة) ظهرت نتيجة لانتشار المفهوم السلفي الحاد والمفهوم الشيعي المتطرف، علماً بأن التشيع ليس مذهباً عقدياً بقدر ما كان في بداياته خلافاً سياسياً حول أحقية سيدنا “علي” كرم الله وجه في الخلافة عندما دخل في صراع مع (بني أمية) وشعر أنصاره بالاضطهاد فتحول التشيع إلى عقيدة، ولكن الآن في تقديري أن التشيع خلاف سياسي وليس دينياً أكثر منه عقدي كل الناس قبلتهم واحدة يؤمنون بالله ربا وبسيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم” رسولا صحيح تختلف التصورات من طائفة لأخرى.
{ هل هناك فرصة للتقارب بين المذاهب؟
– إذا تم الحوار على منهج لتقريب المذاهب مثل الذي اتبعه من قبل (الأزهر) في مرحلة سابقة، بحيث يتم إدخال المذهب (الزيدي) و(الأمامي) و(الاباضي) ضمن المذاهب الإسلامية ومن ثم إدارة حوار بين العلماء وليس المتطرفين ولا السياسيين يمكن أن يكون التشيع عامل إثراء للثقافة الإسلامية، ولكن الدخول في منطقة تفسير النوايا والعقائد والتكفير هو الذي يوصلنا إلى مرحلة الاستقطاب الحاد، وفي تقديري أن الخاسر في النهاية هي الأمة الإسلامية.
{ لكن الشيعة يسبون صحابة رسول الله “صلى الله عليه وسلم”؟
– سب الصحابة جريمة كبيرة ولكنها لا تخرج الإنسان من الملة لأنهم أشرف الخلق بعد رسول الله “صلى الله عليه وسلم” آزروه ونصروه “رضي الله عنهم وأرضاهم”، والرسول “صلى الله عليه وسلم” حذر من المساس بهم، ولكن حتى قضية السب ليست مبدأً عاماً عند كل الشيعة ربما بعض الغلاة أوردها في كتبهم، وبعض المتطرفين الآن سمح لهم بنشرها في وسائل الإعلام وأشك أنهم يمثلون الشيعة.
{ يمثلون من؟
– ربما تكون وراءهم أجهزة استخبارات تريد أن تخلق الفتنة بين المسلمين، وبالتالي يظهرون في أجهزة الإعلام ويقولوا قولاً مستفزاً، ولا أظن أن عقلاء الشيعة وعلمائهم يقبلون بهذا الأمر، ونحن قلنا هذا الكلام لقيادة الجمهورية الإسلامية في “إيران” إنه لا يمكن أن يكون هنالك تقارب في المذاهب وتعاون بين طوائف المسلمين ما لم تصدر فتوى من قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمنع سب الصحابة لأن عند أهل السنة الفتوى غير ملزمة.
{ وماذا عن الشيعة؟
– الشيعة جميعهم يلتزمون بفتوى الإمام، إذ صدرت فتوى من قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحرم سب الصحابة علناً في وسائل الإعلام، مؤكداً أن ذلك يقرب الشقة بين (السنة) و(الشيعة)، وأن عدم استغلال الشيعة لعلاقتهم بالبلدان الإسلامية السنية لنشر المذهب الشيعي ما دام يوجد مذهب مشترك ينبغي الابتعاد عن القضايا التي تثير الفتنة وتوسع دائرتها بين المسلمين، ويجب أن نتجنب لغة الفتنة لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم ما في الصدور، ولكن محاولة نشر المذهب الشيعي وسط السنة يزيد الفتنة، ويجب أن نترك القضايا الخلافية يفصل فيها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
{ أنتم في هيئة شؤون الأنصار تخلطون الدين بالسياسة في ممارستكم للدعوة؟
– قضية خلط الدين بالسياسة ليست من الإسلام في شيء لأن الإسلام هو دين ودولة ومنهج حياة، يحكم حياة المسلم منذ ميلاده وحتى وفاته، والسياسة هي ليست لعبة قذرة كما يسميها الناس، السياسة الشرعية في الإسلام هي فعل يقوم به المرء أقرب إلى الصلاح وأبعد من الفساد، ولكن الفصل بين السياسة والدين وعلماء الدين وآخرين هو ليس من الإسلام وإنما دخيل على أمة الإسلام، المسلمون جميعاً يعلمون أن الإسلام منهج حياة لذلك نحن في هيئة شؤون الأنصار نؤمن بالدين دولة وإذا فصلنا بين الاثنين سنكون مثل الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه.
{ تتهمون الحكومة بأنها تتاجر باسم الدين.. كيف يستقيم ذلك؟
– هنالك فرق بين أن تجعل الدين منهجاً لنشاطك وعملك وبين أن تقول ما أراه أنا هو الدين وما يراه غيري ليس ديناً ونحن مؤاخذاتنا للحكومة أنها احتكرت رؤية واحدة اعتبرتها الدين والإسلام، وأن دعوتنا لحوار إسلامي إسلامي من أجل الاتفاق على منهج إسلامي على شرعية السلطة في الإسلام، وكيف نتعامل مع غير المسلم لنضمن في الدستور البنود التي تمثل المسلمين كلهم في السودان، ولكن الحكومة اتخذت رؤية لحزب سياسي واحد واعتبرته الإسلام وما سواه غير ذلك، وهذا خلافنا مع الحكومة.
{ كثرة إخراج الفتاوى في الفترة الأخيرة بعضها من جهات رسمية وغيرها وصلت حد التكفير ثم التراجع؟
– الفتوى رأي غير ملزم ولك أن تأخذ بها أو لا عكس القضاء لان أحكامه ستكون ملزمة، ونحن من دعاة الفتوى الجماعية لتكون أقرب للصواب، والفتاوى التي يتراجع عنها أصحابها ربما اتخذت على عجل، ولكن يجب التريث في إصدار الفتوى ومعرفة الموضوع بجوانبه كافة حتى لا نعرض الدين لهزة تجعل المجتمع يتعرض إلى بلبلة فكرية لأنه مقدس ومنظم لحياتنا، ولذلك كثير من الفتاوى التي تكفر وتفسق وتزندق فتاوى غير دقيقة، ونحن مطالبون في الدعوى أن نسير ولا نعسر أو ننفر.
{ المعروف أن الإسلام دخل إلى السودان بالطرق السلمية وكان للمشايخ دور كبير في تنشئة المجتمع.. لكن ظهر أخيراً وبطريقة مخيفة التطرف والغلو خاصة وسط الشباب؟
– طبعاً الإسلام دخل عن طريق السلم هذه حقيقة، ولذلك الآن نجد المزاج السوداني مزاجاً تسامحياً ويظهر ذلك من خلال الممارسات الاجتماعية، فالسودانيون يشاركون بعضهم البعض في الأفراح والأتراح وحتى التدين فيه رقة وتسامح، أما الأفكار المتطرفة غالباً وفدت من الخارج لتنقل ثقافة بيئات ومجتمعات أخرى إلى السودان ما تلبث إلا أن تجد نفسها منبوذة، وأعتقد أن أنجع وسيلة للتعامل مع هؤلاء الشباب هي الحوار مع العلماء المعتدلين الذين يمثلون الوسطية، ويجب أن تتاح لهم فرص في أجهزة الإعلام ليصوبوا على الشبهات التي تشوش على الشباب أفكارهم.
{ إذن هنالك حاجة إلى آلية توعية وضبط؟
– نحن الآن بحاجة إلى الأمن الفكري مثل الأمن الاقتصادي والسياسي والوطن، الأمن الفكري الذي ينبع من الوسطية الإسلامية التي تنظر للكون نظرة ايجابية، والإسلام له تصور واضح للكون لاسيما أن الدين قائم على الحنفية السمحة والرسول “صلى الله عليه وسلم” قال له ربه (وإنك لعلى خلق عظيم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
{ ما هي الأسباب التي أدت لانتشار التطرف؟
– للتطرف أسباب فكرية بعض الناس شحنوا أذهان الشباب، وأسباب سياسية منها الاستبداد السياسي الذي انتشر في العالم الإسلامي ومنع الحوار بين العلماء والمفكرين والشباب، ثم أسباب اجتماعية الأسرة عندنا تتعامل مع الأبناء بأسلوب الزجر والأمر والنهي، والزجر هذا أسلوب تربوي لا يلاءم إنساناً، المرحلة الحالية والأسلوب الصحيح هو الحوار والنقاش الهادئ تعليمهم الخطأ والصواب ليتجنوا الخطأ، أسباب اقتصادية والفقر قاتل والبعض يمرون بظروف اقتصادية سيئة ولا يستطيعون الموازنة بين دخلهم ومنصرفاتهم، تتكامل هذه العوامل فتنشئ عقلية قابلة للتطرف والانفجار، ويأتي بعض (الوعاظ) يحفظون بعض النصوص فيدغدغون مشاعر هؤلاء الشباب ويدفعونهم نحو التطرف، المطلوب الآن تضافر الجهود وتوسيع مواعين الدعوة لإخراجهم منه.
{ مع من تتضافر الجهود؟
– تتضافر بين العلماء والحكومة والإعلام والتربية والتعليم والجهات ذات الصلة كافة لمكافحة التطرف وإبراز الإسلام بصورته الوضاءة.
{ ظهور (داعش) ودولة الخلافة الإسلامية في هذا الظرف تحديداً؟
– لا أشك مطلقاً أن وراء (داعش) استخبارات عالمية خططت بدقة متناهية وعمل مدروس لهذا التنظيم، وأتاحت له فرصة الانتشار مثل السرطان في الدول الإسلامية، نفاجئ أن السلاح يتوفر لـ(داعش) بصورة كبيرة، بجانب فرص في أجهزة الإعلام، فضلاً عن استخدامهم لأسلحة متطورة جداً لا تتوفر للأشخاص العاديين، وهذا العمل مؤكد تقف وراءه استخبارات معادية للإسلام تريد تشويه صورته وتهيئة المنطقة لكارثة، نسأل الله أن يجنبها منها، من عناوينها مضت سنوات دون انعقاد (جامعة الدول العربية) و(منظمة المؤتمر الإسلامي)، وكل دولة مشغولة بنفسها وقضاياها الداخلية، وهذا يؤدي لضعف الوحدة بين الدول ويهيئ المنطقة لتدخل خارجي الذي سنكون كلنا من ضحاياه.
{ هل نتوقع مشاركة السودانيين في (داعش)؟
– السودانيون كغيرهم من الشعوب يتأثرون بما حولهم، وكل إنسان يرى نفسه أنه غير مهيأ في البيئة التي يعمل فيها، وبعض الأفكار التي تدغدغ مشاعرهم وتحقق بعض طلباتهم يظنون أنهم بهذه المشاركة يقيمون دولة الخلافة الإسلامية، ولو سألوا أنفسهم هل الهدف من دولة الخلافة قتل الأبرياء وترويعهم أم الهدف هو بسط الرحمة؟ والرسول “صلى الله عليه وسلم” أُرسل رحمة ولم يرسله للعذاب للعالمين، فأين مظاهر الرحمة في هذه الممارسات وديننا الحنيف لا يؤخذ من المتطرفين ولا الشباب الذين يحفظون بعض النصوص، ولكن نأخذه من كتاب الله وما صح من سنة رسولنا “صلى الله عليه وسلم”، ويوجد في المجتمع علماء ربانيون يفهمون الإسلام فهماً صحيحاً، والقضية كلها مطبوخة من جهات لا تريد خيراً للإسلام يشوهونه بهذه الممارسات ويبعدوا الراغبين الدخول فيه.
{ أين هيئة شؤون الأنصار من الدعوة ومعالجة ظواهر التطرف والغلو؟
– أعتقد أن هيئة شؤون الأنصار مؤهلة لخدمة الدعوة الإسلامية في هذه المرحلة لأنها متحررة من أي مذهب تلتزم فقط بالكتاب والسنة، وأنها تتواصل مع كافة الجماعات الإسلامية ولا تكفر أحداً ولا تزندق وتطرح الإسلام بصورة شاملة، وفي مفهوم الدولة تنحاز الهيئة إلى دولة المواطنة وبسط الحريات والانتقال السلمي للسلطة والتنمية المتوازنة، فضلاً عن تبنيها للتواصل الحضاري مع أصحاب الحضارات ومع الديانات لبسط العيش المشترك، والتقيت مع قيادة مكافحة التطرف والغلو ومتوفر لها كادر شبابي مؤهل بصورة جيدة وتنقصها الإمكانات لان الدعوى بحاجة إلى مبالغ كبيرة لإنشاء المدارس والمعاهد.
في تقديري أن الجهاد في هذه المرحلة هو دعم الدعاة الوسطيين ليتمكنوا من مواجهة الجهل والوصول إلى كافة المناطق لمكافحة التطرف والغلو وإبراز ديباجة الإسلام في صورته الوضاءة.