رأي

مجرد سؤال ؟؟؟

رقية أبو شوك

ماذا أصاب تعليمنا ؟؟؟


الطالب .. سواء أكان في مرحلة الأساس أو الثانوي أو الجامعة أو حتى طلبة الماجستير والدكتوارة يكون أكثر حرصاً للمرور بسلام لمرحلة أخرى، وبالتالي فإن الخوف يلازم الطالب حتى وإن كان كبيراً في السن ..فقط من أجل سلامة الأداء ومن ثم التخرج بدرجة عليا تؤهله لمرحلة أخرى وهو يخطط عبر تحصيله الأكاديمي لمستقبله.
مازلت أتذكر حتى هذه اللحظة جميع ما مر أبى منذ أن بدأت مسيرتي الدراسية إلى أن تخرجت .. كنت ومن معي نحفظ عن ظهر قلب وحتى الآن كل من علمني حرفاً لأكن له كل تقدير واحترام وحتى  الذين ضربوني ونبهوني لمعالجة الأخطاء مازلت أكن لهم كل تقدير. وقد عرفت لاحقاً أن سبب الضرب غير المبرح أو التوبيخ ليس إلا لتصحيح الأخطاء .. بل مازلت أتذكر أيضاً المشرفات التربويات اللائي كنّ يزرننا في المدارس بأسمائهن وصفاتهن  وملبسهن ..كنّ يقدمن لنا كل ما هو مفيد لإعانتنا وإعانة معلمينا بالمدرسة، وقد سعدت جداً لتكريم الأستاذة “فاطمة كرار” من قبل رئاسة الجمهورية على ما أذكر قبل أكثر من عام، وتذكرت حينها الأستاذة “ملكة بابكر” التي نهلنا من علمها ونحن مازلنا صغاراً نتعلم أصول الكتابة والنطق بالحروف. وعلى ما أذكر أنها ابنة أخت الأستاذة “فاطمة كرار” إن لم تخني الذاكرة.
كانوا يقدمون لنا الهدايا.. للمبرزين والمتفوقين نهاية العام الدراسي والهدايا وكانت عبارة عن كراسات وعلب هندسة ومحابر وكتب مكتبة ومطالعة وأقلام .. كانت هذه الهدايا تحفيزاً للمتفوقين وحماساً للذين لم يحالفهم التفوق لتكون النتيجة القادمة تنافساً حاداً بين الطالبات من أجل الحصول على جائزة نهاية العام.
فعندما يأتي العام الدراسي الجديد كانت معلمة الصف تطلب منا شرحاً أو تلخيصاً لكتب المكتبة والمطالعة التي أهديت لنا وماذا كتبنا بالكراسات …هل أدت الكتابة ونقل كتب المطالعة بالكراسات إلى تحسين الخط؟؟
كنا نتبارى في ذلك لأن هنالك جائزة أخرى في انتظارنا .. الجائزة يتم الاحتفال بها وسط الطالبات قبل الشروع في العام الدراسي الجديد لتكون بمثابة حماس وتنافس آخر.
هكذا كنا وهكذا كان التعليم.
الآن وأنا أطالع خبراً نشر بصحف الأمس عن تلقي أساتذة لرشاوى من قبل الطلاب في شكل هدايا، حيث أكدت مديرة إدارة تأصيل المعرفة بوزارة التعليم العالي د. “رحاب عبد الرحمن” (إذا أراد طالب مناقشة درجة الماجستير لا يتم تمريره في بعض الحالات إلا بعد إحضار هدايا للأستاذ). وأضافت ( كذلك يتكرر الأمر في مدارس الأساس). بل إن أحد الأطفال شكا من عدم تكريمه مع الناجحين الأمر الذي اعتبرته د. رحاب من أخطر التحديات التي تواجه العملية التعليمية بالبلاد .. انتهى
يا سبحان الله هل وصل التعليم لهذه المرحلة الحرجة فبدل من أن يهدي الأستاذ للطالب الطالب يهدي له.. أي منطق هذا وهل أن الهدايا من قبل الطالب للأستاذ ستؤدي إلى رفع شأنه ورفع درجته العلمية بالعكس، فقد ترفع درجته العلمية من قبل الأستاذ الذي أهدى له ولكن ستبقى درجته العلمية في ذيل القائمة، وهو يترجمها في مستقبل حياته العملية لأن الذي ناله لم يكن الحقيقة.
أيضاً كيف نحرم طفلاً من التكريم وهو أهل له  لنجعله يعيش في جو نفسي،  والجو النفسي السيئ ربما يؤدي إلى أن يكره هذا الطفل المدرسة ونكون بطريقة أو بأخرى ساهمنا في حرمانه من مواصلة التعليم بسبب عدم مقدرته مثلاً على تقديم هدية للأستاذ.. نعم هذا يعتبر تحدياً يواجه العملية التربوية بالبلاد كما أشارت إلى ذلك د. “رحاب”.
ماذا أصابنا وماذا أصاب معلمينا ؟؟؟
فالتعليم مهنة إنسانية كالطب … فالطبيب يكون بلسماً للمريض  والمعلم أيضاً يكون نوراً تضئ به ظلمات الجهل والأمية … فالمعلم هو الذي خرجت من صلبه إنسانية الطب فكيف للبعض منهم أن يمسح تاريخ بطولات المعلمين في رمشة عين، ونحن مازلنا نكن لهم كل الود والتقدير لأنهم أقمار الضواحي  وأيضاً كاد المعلم أن يكون رسولاً، وحتما أن الطفل الذي منع من التكريم لن يردد هذا البيت مطلقاً :
قف للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية