الدائرة الانتخابية (1) أبو حمد تشتعل.. ومرشحان من المؤتمر الوطني يتنافسان..
(8) ساعات من مسجد الشهيد “إبراهيم شمس الدين” إلى طريق التحدي …”ود عباس” ينازل “البرجوب”
أبو حمد – طلال إسماعيل
لم يكن الشيخ “معاوية زروق” خطيب مسجد الشهيد “إبراهيم شمس الدين” يدري في صلاة (الجمعة) الماضية أن المئات من أنصار المرشح المستقل للدائرة (1) أبو حمد المعتمد الأسبق “مبارك عباس” يستمعون إلى خطبته باهتمام بالغ وهو يسوح في شرح أسماء الله الحسنى ويتناول المعاني والدلالات في اسمه “المتعال”، لكن القادمين إلى المسجد تعجبوا إلى عشرات العربات التي تحمل صورة “مبارك عباس” وهي تنتظر، قبل أن تتحرك في موكب واحد إلى أكثر الدوائر الانتخابية جدلاً وصراعاً وترقباً للنتائج من قبل قيادات المؤتمر الوطني، دائرة أبو حمد التي تحمل رقم (1) في الدوائر الجغرافية لمفوضية الانتخابات. وصار مسجد الشهيد “إبراهيم شمس الدين” رمزاً من رموز ومعالم طريق التحدي حينما يتوجه الإسلاميون منه بمختلف انتمائهم إلى ولاية نهر النيل، هو محطة للانتظار، وملهم للآمال وإعادة الذكريات.
مرشحان من المؤتمر الوطني يتنافسان في الدائرة رقم (1):
لم يستطع المؤتمر الوطني أن يحسم (المستقلين) من الترشح في بعض الدوائر الجغرافية نتيجة لإشكاليات كثيرة ظهرت في الانتخابات ومن ضمنها الدائرة رقم (1) في أبو حمد بولاية نهر الني،ل حيث ينافس معتمد أبو حمد الأسبق “مبارك عباس” ورمزه الانتخابي (النخلات) منافسه مرشح المؤتمر الوطني “محمد أحمد سليمان برجوب” ورمزه الانتخابي “الشجرة”. ويحكي “مبارك” للصحفيين في تدشين حملته الانتخابية بأبو حمد يوم (الجمعة) الماضي الأسباب التي جعلته يترشح مستقلاً، ويقول: (عدد من قيادات المؤتمر الوطني تقدمت بمبادرة وتم الاجتماع في الأسبوع الماضي بمكتب “البرجوب” وخرج الحوار مع “البرجوب” بأن يتفاوض معي، وفعلاً وجاء إلي في البيت وجلسنا لمدة (4) ساعات أو تزيد نتحاور في أمر الدائرة الانتخابية، واتفقنا أن نذهب إلى نائب رئيس المؤتمر الوطني الأسبق “نافع علي نافع” كوسيط بيننا وبين الحزب قبل قفل باب الترشيح، وأوضحنا لدكتور “نافع علي نافع” أن هناك عهداً بين المواطنين في محلية البحيرة وأبو حمد أن تكون الدورة البرلمانية مرة للمناصير ومرة للرباطاب، ود.”نافع” قال إنه يعلم بهذا الاتفاق و”البرجوب” يعلم بهذا الاتفاق، لأننا في الانتخابات السابقة وقفنا مع “البرجوب” ضد “صلاح كرار” – على الرغم من انتماء كرار لأبو حمد؛ حفاظاً على هذا العهد، ود.”نافع” وعد بأن يرفع هذا الأمر لقيادات المؤتمر الوطني في الولاية والمركز، وجاء الرد من قيادات الحزب في ولاية نهر النيل أنهم يرفضون سحب مرشح الحزب “محمد أحمد سليمان البرجوب” بحجة أن ذلك يحرجهم أمام عضوية الحزب، وقبلنا هذه المسألة، المؤتمر الوطني لا يريد أن يحافظ على السلام الاجتماعي في الولاية، نحن ـ الاثنين ـ ننتمي للمؤتمر الوطني حتى هذه اللحظة، لكنني الآن مرشح مستقل ولا علاقة لي بالمؤتمر الوطني، وهنالك (5) مرشحين في دوائر المجلس التشريعي للولاية مترشحون مستقلين ولم يسحبوا ترشيحهم من الشريك وأبو حمد والبحيرة).
الطريق إلى أبو حمد..وأغنية ” اقرعوا الأجراس”
في الطرق إلى أبو حمد استغرقت الرحلة (8) ساعات بعربات الليموزين – كانت الأسطوانات تصدح بأغنية (اقرعوا الأجراس) تحث المناصير والرباطاب للتصويت للمرشح المستقل “مبارك عباس” برمزه الانتخابي (النخلات) التي تنافس الشجرة، مرشحان من حزب واحد يتنافسان ورمزا الاثنين يحملان دلالة متشابهة. وتقول الأغنية: (الزمن فاتنا واقرعوا الأجراس يا رباطابنا ومناصيرنا انتخبوا “ود عباس”.. طالبوا بحقوقكم ما يصيبكم يأس وانتخبوا النخلة عشان تشيل الكأس). ولم تنس الأغنية أن تخاطب شجاعة المناصير وجسارتهم بالقول: (يا مناصيرنا انتم ليكم بأس من جدكم نعمان كللكم فراس).
احتشد المئات في حفل تدشين الحملة الانتخابية لمبارك عباس في أبو حمد يستمعون إلى شعراء المناصير والرباطاب وجاء ممثلون لكل القبائل من الجعليين والبشاريين والعبابدة والنوبة يعلنون دعمهم لود عباس، أكثر من (3) ساعات للاحتفال المنظم وضعت المؤتمر الوطني أمام تحدٍّ حقيقي.
تلقى “مبارك عباس” تعليمه الأولي والأوسط في محلية أبو حمد قبل أن يلتحق بمدرسة وادي سيدنا في العام 1965 ومنها إلى الكلية الحربية في عام 1970 وعمل في وحدات القيادة الوسطى والدفاع الجوي ببورتسودان وتقاعد للمعاش الاختياري في العام 1980 وبعد ذلك عمل في الزراعة بمنطقة القمور في محلية أبو حمد. وعمل في النشاط الطوعي وكان معتمداً لمحلية أبو حمد في العام (2002-2003) أثناء اندلاع أزمة المتأثرين من قيام سد مروي.
ويقول “مبارك عباس”: (أنا رشحت من قبل قائمة المؤتمر الوطني وكنت خارج السودان ولم أطلب من أحد أن يقدمني للترشيح ولم أكن راغباً في ذلك، وعندما عدت للسودان وجدت أن الكلية الشورية اختارت مرشحاً آخر، والمرشح الذي تم اختياره كان نائباً عن هذه الدائرة – يقصد “محمد أحمد البرجوب” – ولدينا اتفاق في هذه الدائرة أن يتم توزيعها في كل مرة، مرة محلية البحيرة والمرة الثانية لإخواننا في محلية أبو حمد، وهذا الاتفاق سارٍ منذ العام 2000 وتراضينا عليه، واستمر هذا الوضع حتى بداية الترشيح للدورة الجديدة 2015 وفوجئنا بأن الكلية الشورية للمؤتمر الوطني اختارت المرشح السابق – يقصد “البرجوب” – وهذا مخالف للاتفاق الذي تم بين المنطقتين ولعلاج هذه المسألة ولكي لا يفقد المواطن حقه في النيابة عنه في المجلس الوطني، وحفاظاً على هذا الاتفاق، تقدمت للترشيح لكي أكون ممثلاً لهم في الدائرة حفاظاً على الحق وما تم من الكلية الشورية كان خاطئاً لأنهم يعلمون أن هذه الدورة من حق أهل محلية أبو حمد ولم يراعوا هذا الاتفاق، وهذا إخلال بالعهد الذي تم بيننا).
وأشار “مبارك” إلى أن قضايا محلية أبو حمد كانت من أبرز الأسباب التي دفعته للترشيح وقال: (محلية أبو حمد من أقل المحليات حظاً في ولاية نهر النيل في التنمية خاصة البنيات التحتية للتنمية ومنها الكهرباء. ومعلوم أن الكهرباء خرجت من سد مروي وغمرت مياه السد أجزاء كبيرة من هذه المحلية مع محلية البحيرة، وهي أكثر منطقة تأثرتن سلباً بقيام السد، لأنه أغرق أراضيها وهجر المواطنين ولنم يحصلوا على حقوقهم كاملة حتى الآن خاصة الذين بقوا في محلية البحيرة، ومن هجروا إلى العلياب والفداء يواجهون مشاكل عديدة لاستقرارهم في هذه المناطق، الكهرباء وصلت إلى معظم أنحاء السودان وهي المفارقات أن لا تصل إلى محليتي البحيرة وأبو حمد حتى هذه اللحظة، وفي الدورة الانتخابية السابقة في العام 2010 كان برنامج المؤتمر الوطني في ولاية نهر النيل الذي طرحه الوالي وجميع المرشحين هو وعد المواطن بأنه ليس هنالك مسافة بينهم وبين وصول الكهرباء سوى فوز الشجرة، وقد فازت الشجرة ومضت (5) سنوات ولم تصل الكهرباء حتى الآن، ونحن فقدمتا (5) سنوات في عمر التنمية، والزراعة تأثرت كثير بارتفاع أسعار المحروقات وعدم وجود الكهرباء التي طلعت من أبو حمد والبحيرة، وهذه أكبر قضية يتحدث عنها الناس).
وأشار “مبارك” إلى أن قضايا الخدمات من القضايا المهمة جداً. وقال: (لقد تعود حزب المؤتمر الوطني بصفة خاصة لأنه الحزب الأكبر في الساحة والحزب المؤثر في الساحة وعدم وجود أحزاب أخرى منافسة له في الساحة، المؤتمر الوطني يمني الناخب بأنه سيقدم الخدمات فهنالك وعود أشبه بالرشاوى تقدم أيام الانتخابات، وهذا عمل خاطئ وغير أخلاقي أيضاً”. ويرتكز البرنامج الانتخابي للمرشح مبارك عباس على تثبيت حقوق المتأثرين في محلية البحيرة وأشار إلى أنهم لم يصرفوا حقوقهم كاملة ولم يصرفوا بعض التعويضات وقال إن المتأثرين عادوا ليبنوا بيوتهم بأيديهم، وكصوت أمثل هؤلاء الناس علىَّ أن أرفع هذا لمسامع أجهزة الدولة عبر البرلمان وللمسئولين في الأجهزة التنفيذية بالمركز، ونستطيعه بوسائل أخرى أن ننال حقوقنا، وليس الحديث في البرلمان وحده هو الوسيلة أن ننال بها الحقوق).
وأشار “مبارك” إلى علاقة الصداقة التي تجمعه بمنافسه مرشح المؤتمر الوطني للدائرة (1) “محمد أحمد البرجوب”. وقال:(وقفت معه في الانتخابات الماضية عام 2010 وكنا سند أساسي له بالفوز وانتخابات عام 2000 أيضاً وقفنا مع “البرجوب” لأنه قدم من أبناء المناصير ودعمناه لهذا السبب وليس لأي سبب آخر).
ونبه “مبارك” إلى أن الاتفاق ما بين الرباطاب والمناصير رعاه اتحاد أبناء المناصير الذي طلب أن تكون دورة عام 2010 من نصيبهم ولم ينافسهم أي مرشح من منطقة الرباطاب.
وقال “مبارك” إن محليتي أبو حمد والبحيرة قدمتا للسودان الكثير تضحية بالأرض ولكنها قوبلت بجزاء سنمار، ولم تفِ الدولة بنصيبهم في التنمية وخصوصاً في مجال الكهرباء، ونحن منطقة زراعية تعتمد على الإنتاج الزراعي في معاشها، ولدينا قضايا مهمة جداً في مجال التعدين وتطور الشباب والإنتاج الزراعي وتحسين الخدمات في الدائرة.
ويبدي “مبارك” ثقته بالدخول للمجلس الوطني عبر دائرة أبو حمد بنسبة 200% ويقول: (المؤتمر الوطني حكم الناس لفترة طويلة ووجد فرصة أن يقدم للمواطن الخدمات ولكنه فشل في ذلك، وفشل في إقامة البنيات التحتية).
ونبه “مبارك” إلى أن المجتمع يقوم في محلية أبو حمد بالخدمات بنفسه، وأضاف بالقول: (نريد من الحكومة أن تقدم لنا في الزراعة ومن بعد ذلك تقوم بأي حاجة، المواطن يبيع (10) جولات تمر لنشتري برميل جاز واحد مقارنة بالأعوام السابقة التي كانت تساوي قيمة جوال التمر (5) براميل جاز في معادلة 1 إلى 50).
وتناول “مبارك” التدهور الزراعي الذي أصاب محلية أبو حمد التي كانت تنتج (75%) من مساحة القمح في ولاية نهر النيل. وقال: (نزرع الآن (صفر%) في الولاية وأصبحنا نستورد القمح والمواشي نأتي بها من كردفان).
وأطلق “مبارك عباس” على مستشفى أبو حمد مسمى (الحجر) الذي افتتح منذ العام 1962 لا يكبر ولا يفوت ويعمل فيه طبيب واحد.