بكل الوضوح
عامر باشاب
تيار مباشر من المحبة..!!
{ ما زال الكثير النقاد والباحثين الاجتماعيين والخبراء والمراقبين في الوسط الفني ينظرون بعين الاستغراب والدهشة إلى جماهير مطرب الشباب الراحل “محمود عبد العزيز”، وأعتقد أن الشيء الذي ظل يرفع (تيرمومتر) الدهشة والاستغراب عند الجميع في كل عام بعد رحيل (الحوت) هو العشق الخرافي والوفاء النادر الذي حظي به فنان من جمهوره حتى بعد رحيله، وهي الظاهرة الأولى من نوعها أن يأتي جمهور لمسرح حفل تأبين نجمهم الأول بذات الدافع والحرص والجدية التي كانوا يأتون بها إلى المسارح التي كان في حياته يقيم فيها حفلاته الجماهيرية، ويكتمل مشهد اللقيا بين مطرب وجمهور في الغياب والحضور بذات الحب وذات الإعجاب وبنفس الإحساس.
{ (وما جزاء الإحسان إلا الإحسان).. هذا هو التفسير الأوحد لوفاء (الحواتة) النادر لنجمهم وحزنهم النبيل عليه، ولا شك أن (الحوت) الفنان عاش حتى مات يحسن إلى جمهوره بحرصه الدائم على تقديم الأغنيات الأصيلة الخالية من أمراض الهبوط، بالإضافة إلى تواضعه وتواصله المباشر معهم من على خشبة المسرح الغنائي.
ولا شك أن (الحوت) الإنسان عاش حتى مات يحسن للفقراء والمساكين ولكل صاحب حاجة مقدماً لهم بيمينه ما لا تعلم يسراه، بالإضافة إلى تواضعه وتواصله معهم في مسرح الحياة.
{ وما يؤكد تواضع وتواصل (الحوت) الفنان مع جمهوره علامة (الحواتة)، تلك العلامة الشهيرة، وهي تقاطع اليدين مشكلتين علامة (أكس).. ولهذه العلامة قصة حدثت في إحدى حفلات الأسطورة “محمود عبد العزيز” بمسرح (نادي الضباط) حينما أشار بها معاق مستخدماً العصاتين اللتين تساعدانه في الحركة للفت انتباه نجمه الأول (الحوت) معبراً له بها عن عشقه المطلق لصوته ولإبداعاته ولشخصه، فما كان من (الحوت) إلا أن رد التحية بذات العلامة، مستخدماً يديه محدثاً ذات التقاطع الذي أوصل تيار المحبة المباشر بين مطرب ومعجب، لينتقل التيار إلى كل الجمهور داخل وخارج المسرح.. ولعل هذا التيار التقاطعي من الحب والعشق هو الذي ربط (الحواتة) بـ(الحوت) حتى بعد رحيله، لتبقى العلاقة بينهم وبينه محتفظة بذات الوهج الأصيل.
} وضوح أخير
{ أتمنى أن يستفيد (الحواتة) من ترابطهم (الحوتي) في إنشاء مؤسسة إبداعية خيرية تضم عدداً من المشاريع الاستثمارية يساهموا جميعاً في مال تأسيسها، كل حسب مقدرته، ليُخصص عائدها لتكريم ورعاية المبدعين وإعانة الفقراء والمحتاجين.
{ أستاذ الأجيال “محمود” الكبير “محمود أبو العزائم” يظل هو كبير (الحواتة) لأنه أول من لفت انتباه كبار الكتاب والإعلاميين وكبار المطربين والموسيقيين وحتى كبار السياسيين لصوت “محمود عبد العزيز” عندما قال: (المطرب الشاب محمود عبد العزيز نسف مقولة سمح الغنا في خشم سيدو)، ثم أطلق مقولته الشهيرة (سمح الغنا في خشم محمود).