أخبار

تغبيش "الظافر"

أجد نفسي في بعض الأحيان حزيناً حينما تصبح ساحات الرأي وزويا الصحف ميداناً للعراك بين زملاء المهنة والأصدقاء والأحباب.. وكثير ما يتجاوز الصحافيون تعديات بعضهم احتراماً لوثائق المهنة.. وحتى لا نستغل المنابر التي أتاحها لنا الشعب السوداني لإبراز مواهبنا في جلد ذاتنا وذبح قيمنا.. ولكن أروع ما في هذه المهنة حينما يحترم الجدل الفكري والتباين الثقافي وتتزين المدارس الصحافية لتلاقح الأفكار.
والأستاذ “عبد الباقي الظافر” في زاويته يوم أمس بأخيرة (التيار) يرغمني شخصياً على تصويب ما ورد حول معلومات. قال “الظافر” إنها وردت في مقالة الأستاذ “أسامة عبد الماجد” عن جزر القمر.. المعلومة الأولى أن قوة سودانية قد ساهمت في دحر تمرد على حكومة جزر القمر.. وعد الأستاذ “الظافر” المعلومة خطيرة جداً وتدخلاً من القوات المسلحة السودانية في شأن دولة أجنبية!! للأمانة والتاريخ وردت هذه المعلومة في خطاب لحكام جزيرة القمر الكبرى وجاء في خطاب الحاكم يوم افتتاح مركز التدريب المهني نصاً (في الحقيقة فإن العلاقات التي تربط بلدينا الشقيقين قوية جداً بدرجة أنها خلقت أرضاً خصبة للثقة والتضامن بين الشعبين الشقيقين وهذه العلاقات ظهرت بجدية خلال أزمة الانفصاليين في جزيرة هنزوان “إذا كانت السودان” سباقة ولعبت دوراً ملحوظاً في إطار القوات الأفريقية المتحالفة من أجل تحرير الجزيرة عندما كانت تحت سيطرة الانفصاليين والتي كانت تهدد وحدة الجمهورية). الفقرة أعلاه، نوردها نصاً كما جاءت في خطاب حاكم الجزيرة.. وشخصياً أغفلت تلك الفقرة بعد تقصٍّ من صحة المعلومة، والحقيقة أن السودان هو من تقدم باقتراح للاتحاد الأفريقي بمساعدة جمهورية جزر القمر بالقضاء على الحركة الانفصالية على أن تتولى الحكومة الليبية حينذاك في عهد “القذافي” تمويل القوات الأفريقية التي شاركت في القضاء على الانفصاليين القمريين ولم تشارك قوات سودانية في القوة الأفريقية.. ولو أنها شاركت فالفعل ينسب إلى الاتحاد الأفريقي لا السودان وقواته.
والمعلومة الثانية التي اتكأ عليها الأستاذ “عبد الباقي الظافر” عن وجود سودانيين في حراسة الرئيس القمري “أكليل ظنين” (كنت شاهد شاف أي حاجة) ولم أجد سودانياً واحداً في حراسة الرئيس القمري، ولكن قائد الشرطة الذي كان في حماية الوفد السوداني قال إنه تخرج في كلية الشرطة السودانية، ومدير إذاعة وتلفزيون جزر القمر خريج جامعة أم درمان الإسلامية.. وكثير من العاملين في الدولة درسوا في جامعة أفريقيا، لكن (الربط) بين حديث منزوع من السياق الذي ورد فيه على لسان حاكم مقاطعة أو جزيرة وربطه بوجود سودانيين يحرسون الرئيس القمري فيه الغمز واللمز والإيحاءات التي تطعن السودان في جنبيه لا حكومة “الخضر” التي إن هي قدمت خيراً لشعب جزر القمر فإنها تُشكر عليه، وينبغي تشجيع حكومتنا على فعل الخير ومد بصرها للمحتاجين من (الناس) كل الناس في العالم.. وقد أقبل سكان جزر القمر على البعثة الطبية (تراص المرضى صفوف صفوف) في انتظار إجراء عمليات العيون.. وأكثر من (60) طالباً يدرسون في معهد الخرطوم للتدريب المهني في بلدٍ إذا تعطلت سيارة في شارعها الوحيد يضطر صاحبها (لاستيراد) فني من دولة تنزانيا لإصلاحها.. فكيف لا يساهم السودان في نهضة وتعمير بلدٍ مسلم وقد كان لـ”فضل محمد” رئيس مجلس إدارة بنك الخرطوم ورجل الأعمال الإنسان تبرع بمنحة دراسة سنوية لعدد (40) طالباً وطالبة من جزر القمر للدراسة في جامعته الخاصة بالسودان كلية المنار.. ولكن الأخ الصديق “عبد الباقي الظافر” ينظر فقط لما يشين سمعة بلاده لأمر كان يقصده.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية