رأي

السيد "الحسن".. هل أسقط جدار الطاعة على زعامته؟!

بقلم – عادل عبده
العقل السياسي في حزب الوسط الكبير تعود على الطاعة والتبجيل والاحترام لجميع القرارات والسياسات التي تصدر عن الزعامات التي مرت على القيادة خلال التاريخ المعاصر، حيث نجد أن الزعيم المؤسس “إسماعيل الأزهري” كان مهاباً وقوياً ومحبوباً، وكانت خطواته السياسية ومنهجه الحزبي يتمتعان بالقبول التلقائي والمباركة الطبيعية من جميع قطاعات العضوية، وبذات القدر كانت مواقف القواعد حول توجهات الزعيم الشهيد الشريف “حسين الهندي” عندما تولى القيادة كفاحاً من خلال مقاومته الشرسة لنظام مايو، وأيضاً في عهد مولانا “محمد عثمان الميرغني” ظل هنالك تقدير واضح وقبول ملحوظ لزعامته للاتحادي الأصل من السواد الأعظم من عضوية الحزب.
لم تكن القاعدة الاتحادية تميل إلى التدليس والخنوع عندما أيدت تلكم القيادات الثلاث بصورة تكاد تكون مطلقة، فقد كانت الأمور تسير على قدر من الاتزان والواقعية والصراط المقبول، وكان الأفق شفافاً لا يحمل السحب الداكنة، والتوجهات قائمة على أطباق الحكمة والاعتدال.. هكذا تلاحمت مواقف القواعد والقيادات في تلك الظروف داخل أسوار الاتحاديين فكانت الطاعة والتراضي والقبول في حدود التقاليد التي لا تعرف الترفع والإقصاء والاستفزاز والضرب على الكرامة الشخصية!!
الآن يتحرك السيد “الحسن” في ساحة الحزب بصلاحيات الزعامة.. فماذا فعل؟ دخل في حرب حامية الوطيس ضد قيادات الصف الأول فضلاً عن الكوادر والفعاليات الحزبية في العاصمة والأقاليم الذين رفضوا منهجه الانفرادي في محاورة السلطة حول العملية الانتخابية والمشاركة المقبلة، فالواضح أن السيد “الحسن” لم يشاورهم وهو يرسم توجهاته في مسلك غريب ومضاد للأعراف السياسية والقائمة على لوازم التحاور والمحاججة بين زملاء التنظيم الواحد، بل استبدلهم بعناصر قليلة الخبرة في العمل السياسي، وبذلك سادت في باحة الحزب الشعور بالوهل والفوضى، علاوة على بوادر الانشطار الدامي فكان الاصطفاف المناوئ له في مجمع (الأسكلا) والتحركات التي انبثقت عن ذلك.
ظهرت الأجندة الظلامية في خطوة درامية، حيث تم فصل وطرد معظم رموز الاتحادي الأصل في الأقاليم من خلال لوحة داكنة عصية على التصديق، فكان الغضب العارم في مدني والحصاحيصا وسنار وبورتسودان والمناقل ودنقلا وكريمة والدبة والدامر والقضارف.. ماذا بقي للاتحادي الأصل؟ فكيف يفصل هؤلاء؟ لأنهم انسحبوا من الترشيح؟ هم أصلاً يرفضون المشاركة، وقبل ذلك تم فصل معظم قيادات الصف الأول.. أين تطبيق اللوائح والقوانين في هذه التصرفات؟!
إذا افترضنا أن السيد “الحسن” يريد أن يكون زعيماً للحزب خلال المستقبل، فكيف يصل إلى هذا الموقع الحيوي؟ وهو يفتح النيران في كل الاتجاهات ويحاول إرغام عضوية حزبه على التهام كيكة لا يريدون أكلها؟ بل كيف يتعامل باستعلاء مع رموز شامخة وكبيرة لها دور فعال في بطارية الحزب؟ فالشاهد أن “الحسن” يحاول إحداث انقلاب في الاتحادي الأصل لا تتوفر له شروط نجاحه لأنه يمثل نشوة معاكسة للمنطق والحكمة.. ومن هنا يتبلور السؤال المنطقي.. هل أسقط السيد “الحسن” جدار الطاعة على زعامته؟ ربما تكون الإجابة القاطعة أن “الحسن” قد فتح الباب على مصراعيه في سابقة تاريخية للعصيان عليه وعدم الانصياع لتوجهاته وخطوات إدارته للاتحادي الأصل، وقد يكون الرجل أسقط الطاعة والتبجيل لزعامته الموعودة بيده لا بيد غيره!! فقد كانت هنالك طاعة واحترام مقدر لـ”الأزهري” و”الشريف حسين” ومولانا، لكن “الحسن” دخل في وضع مختلف!!
في الصورة المقطعية، نجد أن السيد “الحسن” عرض بضاعته بلا حرفية واتساق، فكان البركان الهائج والعاصفة الهوجاء، حيث تحول الحزب إلى سوق (أم دفسو).. وها هو مولانا في حيرة عميقة جراء هذا التطور المخيف، وإذا نظرنا إلى القيادات الكبيرة نجد أن الأستاذ “طه علي البشير” قد أخرج الطلقة من البندقية، وأن البروف “البخاري الجعلي” يخطط لسيناريو مكتوم، والدكتور “علي السيد” يقابل قرارات الفصل المتلاحقة بالضحكات العالية، والمحامي “بابكر عبد الرحمن” تحول إلى صقر جارح.. ورموز الاتحادي الأصل بالأقاليم ستتحرك إلى دار “أب جلابية” في موكب غاضب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية