زواج المصالح يحول الرباط المقدس إلى صفقات مدمرة
ينتهي بزوال الغرض
المجهر – نهلة مسلم
منذ زمن بعيد ظلت المحبة والإلفة والمودة والتوافق الفكري من أساسيات العلاقة الزوجية التي يظل يبحث عنها كل شخص يفكر في الزواج حتى يضمن نجاح واستمرارية هذا الرباط المقدس الذي لا يتحمل أي خلل، لكن في الآونة الأخيرة نجد الكثير من الشباب من الجنسين تخلى عن التدقيق في المواصفات الأساسية التي يجب توفرها في شريك الحياة، وظهر على السطح الزواج المبني على المصالح والمنافع الشخصية والخالي من الإلفة والتوافق الروحي، ولذلك صرنا في هذا الزمان نسمع عن فتاة توافق بالزواج من رجل في سن والدها لكنه يملك الثروة والسلطة، أو شاب صغير يسعى للزواج من امرأة فاتها القطار ولكنها تملك المال الذي يجعله يعيش منعماً، هذه النوعية من الروابط الزوجية دائماً ما تنتهي بزوال المصلحة.
(المجهر) استطلعت عينة عشوائية من أفراد المجتمع لمعرفة آرائهم حول زواج المصالح.
هوس الماديات وغياب الوعي
كانت بدايتنا مع “عازة” وهي ترى أهمية التأني والتريث في اتخاذ القرارات المصيرية، لأن زواج المصالح عمره قصير ومبني على أهداف معينة وكل شخص يتطلع إلى تحقيق رغباته دون مراعاة لحقوق الطرف الآخر، ووصفت زواج المصالح بملوث الأفكار ومبدد الأحلام الايجابية وتحويل الرابط المقدس إلى وسيلة إشباع يستخدمها الإنسان لتحقيق دوافعه وأهدافه، وأشارت إلى تغير نمط الحياة والهوس بالماديات، بالإضافة إلى غياب الوعي وهو الذي يقود الشباب للتفكير في زواج المصالح وصار الكل يلهث ويجري وراءه.
أما “نور الدين” – عامل قال إنه زواج فاشل من الوهلة الأولى ولا ينجح ودرجته صفر، ويضيف هناك بعض الفئات تعشق زواج المصالح المبنية على حب الذات والأطماع، وأضاف أن رغبة بعض الأشخاص في الزواج من امرأة بغرض المال لتأسيس محلات تجارية مثلاً وهو أمر معيب للغاية.
المال يتبخر إلى سراب
الشابة “سهير الرفاعي” قالت لا تقتنع بزواج المصلحة وترفضه بشدة لأنه يهدد مستقبلها، ومضت إلى القول لا يوجد أي شيء يجبرها على الاقتران بزوج كبير في السن بدافع المال الذي قد يتبخر إلى سراب بعامل الزمن، وترى أن الإلفة والعاطفة والتفاهم هي سمات أقيم من الماديات التي يعتبرها البعض شيئاً مقدساً، ناسياً أساسيات أخرى متمثلة في تجاوب الطرفين، وأشارت إلى أهمية التفاهم والقناعة الراسخة والبعد عن الإغراءات.
قال الشاب “إدريس” إنه يرغب في الزواج من فتاة عاملة لتسانده في تسيير أمور الحياة ومواجهة التحديات، ويضيف قائلاً إن كانت زوجتك موظفة تخفف عنك العناء والتكاليف العالية، وهذه مصالح مشتركة مشروعة لتمضي الحياة.
سرطان مدمر لترابط المجتمع
“أنس عبد الله” يرفض زواج المصالح ويعتبره سرطاناً مدمراً لترابط المجتمع ونسيجه المتماسك، لذا يجب أن ينظر الإنسان لمفهوم العلاقة الزوجية الايجابية التي يسودها الود والاحترام المتبادل بعيداً عن النظرة الضيقة (الفلوس).
“زينب علي” ربة أسرة قالت إن بعض الرجال أضحوا يفضلون الزواج من المرأة العاملة والموظفة بدافع المساهمة في الحياة، وتشير إلى أن الرجل غير العامل يترك لها كل المسؤولية، لذا تجد المرأة نفسها أمام محك حقيقي يدفعها أن تنفق على أطفالها، وعبرت “زينب” ذلك هروب من الواقع، وتقول إن الشاب (الاتكالي) لا يتحمل المسؤولية تجاه أسرته ويهرب من الإنفاق، وغرضه الأول والأخير المصلحة.
أما الموظفة “سوسن” قالت إن زواج المرأة بغرض المصلحة لا ينجح والرجل الذي يضع كل التكاليف على عاتقها يكون شخصاً غير مسؤول هذا بدوره يؤدي إلى انهيار الأسرة.
زواج غير صالح
الباحثة الاجتماعية “إخلاص مجدي” أوضحت في حديثها لنا أنها ضد فكرة زواج المصلحة الذي قد يؤثر على المجتمع، وعدته ارتباطاً لا يمت بصلة للعادات والتقاليد السودانية السمحة القائمة على أساس القيم الحميدة، وفي نهاية هو زواج غير صالح ولا ينفع، وأضافت من الطبيعي أن يضع شباب اليوم أهدافهم وفق المعرفة الواقعية واقتناعهم بمبدأ المشاركة وليس المصلحة.
===