شهادتي لله

رسوم العبور إلى "ودراوة ".. !!

 مررت يوم أمس الأول في رحلة برية على طريق شرق النيل (الخرطوم – رفاعة) بنقطة العبور الكائنة مع حدود ولاية الخرطوم. فوجئت بالرسوم الباهظة التي تفرضها الوزارة أو الهيئة القومية للطرق والجسور على مستخدمي هذه الطريق وغيره من الطرق القومية، دون أدنى مسوغ لهذا الإجراء وبهذه القيمة المرتفعة، سوى أنه (فيروس الجبايات) الذي ضرب كل أجهزة ومؤسسات الدولة وجعلها – كلها – عبارة عن (إدارات تحصيل) ليس إلا !!
دفعنا (13) جنيهاً مقابل العبور بهذه البوابة (الذهبية) إلى منطقة “ودراوة” وهي من أقرب قرى شرق الجزيرة للعاصمة. والبوابة ذهبية لأنها تدر ذهباً دون حاجة لحفارات وأجهزة كاشفة للمعادن وتصاديق تنقيب عشوائي أو منظم !!
سألت فرد (الهدف) الواقف على البوابة: (13) جنيهاً رسم عبور سيارة صالون  إلى “ودراوة”، فكم هو رسم عبور شاحنة إلى “مدني” على هذا الطريق؟! أجابني: ( 48) جنيهاً !!
إذن –  يا سادتي – لماذا لا ترتفع السلع تبعاً لارتفاع تكلفة النقل؟!! والتاجر (السوداني) الذي يدفع (300) جنيه مثلاً، رسوم عبور و(قبانات) على الطرق، لا يضيف ذات الـ(300) جنيه على فاتورة البضاعة والجمارك والضرائب والتخليص والترحيل.. لا بل يجعلها (600) جنيه في حساب التكلفة، وأحياناً يضيف (صفراً) فيصبح الرقم (3000) جنيه، يدفعها المواطن المسكين مجبوراً مقهوراً.. نعم (ثلاثة آلاف جنيه)، فنحن في السودان ولسنا في بريطانيا حيث يمكنك أن تجد سعر سلعة ( 9. 99) جنيه إسترليني!!
هنا.. ما عندنا (فاصل كدا رقم).. فنحن شعب لا يحب (الكسور).. و(البواقي) !!
وتبعا لذلك، فإن حكومتنا أيضاً لا تحب (الكسور).. وتكره (الفكة).. إلا في الأحزاب!!
بينما تجد السادة (الخواجات) ما زالوا يعشقون (جنيهات الحديد).. “Coins”.. ويدهشني منظر عجوز ثمانيني وهو يقف أمام الصرافات الآلية في “برلين” أو “فرانكفورت” ليسحب (خمسة يورو) أو يوردها في حسابه (خمس حديدات) تكشكش!! وقد يتزاحمون على الصفوف في محلات التخفيض الموسمي (Sale)، أو على كشك لبيع (الشاورما) على الطريقة التركية يبيع أرخص من الآخرين بفارق بضعة (سنتات)!!
ولكن دعوني أسأل السادة هيئة الطرق والجسور: أين تذهب كل هذه المليارات من جنيهات الجباية على نقاط العبور، إذا كنتم عاجزين عن توسعة كيلو متر (واحد) في طريق (الخرطوم – مدني) – الغربي، منذ أكثر من (أربعين عاماً) طويلة!!
مليارات العبور – وحدها – تكفي للتوسعة، لو كانوا يخصصون إيرادات (شهر واحد) مقابل (كيلومتر واحد).
في ألمانيا وبريطانيا يدفع المواطن ضرائب باهظة، ولكنه يجدها خدمات أمام ناظريه..  عياناً بياناً، فليس هناك متر واحد في “برلين” غير مرصوف أو مسفلت، عدا مساحات الحدائق والبحيرات.. والمنتجعات!!
ونحن في السودان ندفع أيضاً ضرائب وجمارك باهظة وغير مماثلة لما حولنا من دول، فالسيارة التي فرضت عليها وزارة الطرق رسوم عبور إلى “ودراوة”، جماركها المدفوعة في بطن خزينة وزارة المالية نحو (300000) – (ثلاثمائة ألف جنيه) وهي مساوية لقيمة السيارة من المنشأ، كما أن رسوم الضرائب على ترخيصها السنوي لدى شرطة المرور ما لا يقل عن ( 800) ( ثمانمائة جنيه) !!
ألم أقل لكم إن مؤسسات الدولة عبارة عن (إدارات جباية) وكل واحدة (مادة قرعتا)، وبدون مردود؟!
وهكذا.. يفر المستثمرون – بمن فيهم السودانيون – إلى إثيوبيا هرباً من هؤلاء (الرباطة) !!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية