نقل "أبو عيسى" إلى المستشفى.. هل يرجح كفة المعادلة السياسية؟؟
تشخيص الحالة عن قرب ..
تقرير- يوسف بشير
بعد الموافقة المبدئية التي أبداها السيد الرئيس للجنة الحوار المعروفة بـ(7+7) بشأن إطلاق سراح “أبو عيسى” و”أمين مكي مدني”، توقع المراقبون أن يتم إطلاق سراحهما بعد ساعات لا سيما أن هذه الموافقة جاءت من أعلى سلطة في البلاد، وبعد حراك تم في ذات الصعيد من قبل اتحاد المحامين، الذي بدوره كان قد طلب من وزارة العدل إطلاق سراح رئيس قوى الإجماع الوطني “فاروق أبو عيسى” والأستاذ “أمين مكي مدني” مستنداً إلى أن النية وحدها غير كافية لإدانتهما.. ومن جانبها كانت قد شددت هيئة الدفاع عن المعتقلين برئاسة خبير القانون دكتور “عمر عبد العاطي” على ضرورة إطلاق سراحهما وقدمت طلباً لوزير العدل. وكان الوزير قد وعد بدراسة الملف، وبعدها رأى تحويله إلى المحكمة المختصة بحجة أن ليس هناك ما يستدعي استخدام سلطاته، لأن الملف مرتبط بجرائم متعلقة بأمن واستقرار البلاد.
تعامل الحكومة مع ملف المعتقلين ليس بعيداً عن ما يجري في الساحة السياسية هذه الأيام، خاصة على صعيد المعارضة، حيث تنشط على مستويات عديدة لتوسيع العمل المعارض الرامي إلى إسقاط النظام مع اقتراب الموعد المضروب للانتخابات. فعلى المستوى الخارجي ما زال رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” يواصل نشاطه، وهناك حديث عن نيته زيارة أمريكا.. كذلك على المستوى الداخلي أطلقت أحزاب قوى التحالف الوطني، وأبرزها الحزب الشيوعي والبعث العربي، حملة (ارحل) لمقاطعة الانتخابات، التي ابتدرتها أول أمس بندوة بدار حزب الأمة القومي بأم درمان شهدها عدد من قيادات وعضوية المعارضة كبداية للعمل التصعيدي ضد الانتخابات التي يصر عليها الحزب الحاكم بوصفها استحقاقاً دستورياً. هذا بجانب رفضهم الانضمام إلى طاولة الحوار.. وكرد فعل لهذا العمل، ربما تحاول الحكومة الضغط على المعارضة بملف المعتقلين، وأحدهما رئيس قوى التحالف، بتحويل ملفهما إلى المحكمة المختصة، في وقت تتحدث فيه هيئة الدفاع عن المعتقلين عن تدهور صحة “أبو عيسى” و”أمين مكي مدني”، حيث قال المتحدث باسم هيئة الدفاع عن المعتقلين “المعز حضرة” للإعلام يوم (الأربعاء) الماضي إن كلاً من “أبو عيسى” و”مدني” يواجها وضعاً صحياً بالغ التعقيد، لكنهما رفضا بشدة أي مساعٍ لنقلهما إلى المستشفى. ولفت إلى أن إدارة سجن (كوبر) رأت ضرورة عرض “أبو عيسى” على أطباء رغم رفضه، فتم ترحيله مساء (الثلاثاء) الماضي إلى مستشفى (ساهرون).
وطبقاً للمتحدث المعز حضرة ، فإن المستشفى قرر إبقاءه قيد المتابعة وعدم إعادته للسجن إلى حين استقرار حالته الصحية. وقال “المعز حضرة” إن “أبو عيسى” نقل للمرة الثانية إلى المستشفى إثر معاناته من انخفاض حاد في الضغط، ونوه إلى اعتزام محاميه الدفع بطلب لوزير العدل لإبقائه قيد الرعاية الصحية بالنستشفي وعدم تحوبه للسجن مجددا ، على أن يشمل ذات الطلب المعتقل الثاني رئيس كونفيدرالية منظمات المجتمع المدني “أمين مكي”.
ومن ناحيتها، أعلنت أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار عن اتصالات ومساعٍ تقودها لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، أبرزهم “أبو عيسي” و”مدني”، عبر الاتصال بالنائب العام وتقديم طلب لرئيس الجمهورية.. لكن في خضم هذا الجو السياسي المشحون وحالة الإستقطاب الراهنة هل يتوقع أحد أن تستجيب الحكومة لطلبات إطلاق سراح المعتقلين ؟ بدا ان المعارضة ما لم تعمل أحزابها على تهدئة الأوضاع من جانبها والابتعاد عن تسخين المنابر فإن قرار إطلاق سراح المعتقلين يبدو علي الاقل في المرحلة الحالية غير متوقع .. وفي ذات الوقت يعوّل بعض السياسيين على أن يدخل الوضع الصحي لـ”أبو عيسى” و”أمين” كعامل جديد في المعادلة السياسية قد يؤدي إلى إطلاق سراحهما من منطلق إنساني وليس سياسياً.
وحمّل المتحدث الرسمي لتحالف قوى الإجماع الوطني “أبو بكر يوسف” النظام القائم مسؤولية حياة “أبو عيسى” وقال لـ(المجهر) أمس: (صحته في تراجع مستمر، كما أن معتقل كوبر غير مهيأ لاستقبال حالته)، وذكر أنه رغم وجوده في مستشفى (ساهرون) إلا أن الزيارة له ممنوعة ، إضافة لوجود حراسة أمنية مشددة.. وحول توقعات التحالف بإطلاق سراح الرجل قال “يوسف”: (الاتجاه الماشة فيهو النيابة ما اتجاه إطلاق سراح).. وأضاف: (هو اتجاه مماطلة). وأوضح أن تحري النيابة معه اكتمل بإقراره توقيع (نداء السودان)، ووصف الوضع قائلاً إن “أبو عيسى” الآن رهينة وليس معتقلاً، وقال: (فاروق رهينة عند النيابة لحين القبض على الصادق المهدي ومني أركو مناوي)، وكشف عن ترتيبات لقوى (نداء السودان) عبر عمل شعبي في الشارع لإطلاق سراحه، رفض “يوسف” الدخول في تفاصليها وتفاءل بنتائجها.
وقد عبرت أسرة رئيس قوى الإجماع الوطني “فاروق أبو عيسى” عن قلقها من تدهور حالته الصحية وإصابته بانخفاض في ضغط الدم.
في وقت، عزا أمين الأمانة العدلية بالمؤتمر الوطني “الفاضل حاج سليمان” في حديثه لـ(المجهر) تأخر إطلاق سراح أبو عيسي ورفقائه بعد موافقة رئيس الجمهورية “عمر البشير” على مبادرة آلية (7+7)، (الأربعاء)، عزاه إلى إجراءات قال إنها لم تنته بعد، ووصفها بالفنية وربما تشهد المرحلة المقبلة انفراجا في الاوضاع في حدوث توافق بين القوي المعارضة لتخفيف لهجتها والانخراط في مشروع الحوار ومواصلته وفقا لما أعلن عنه قبل يومين بدار المؤتمر الشعبي بوجود مقترح ومبادرة لالحاق الرافضين وإقناعهم للإنخراط في قطار الحوار قبل ان يصل لمحطاته النهائية ومع ذلك تظل الساحة السياسية مفتوحة علي كل الاحتمالات والسيناريوهات !!.