حوارات

مدير إدارة الإصلاح والسجون بالخرطوم اللواء "عبد اللطيف سر الختم وديدي" لـ(المجهر)

(21542) عدد النزلاء والنزيلات بسجون البلاد.. ونسعى لتقليل العدد بهذه السبل…!!
تم الإفراج عن (1806) نزلاء ونزيلات بمناسبة أعياد الاستقلال والمولد النبوي الشريف
هنالك اتفاقيات تحت التوقيع مع دولة الجنوب وبعض الدول العربية بشأن تبادل النزلاء
بنية السجون تحتاج إلى الكثير.. وعدد الأطفال في دور الفتيان بلغ (2019) طفلاً
حوار – الشفاء أبو القاسم
ساعة قضيناها مع مدير إدارة الإصلاح والتقويم بإدارة السجون بولاية الخرطوم اللواء حقوقي “عبد اللطيف سر الختم وديدي” تطرقنا فيها إلى الكثير من المسائل عن البنية داخل السجن وإحصائية النزلاء والمحكومين من الجنسين، إضافة إلى الأطفال، فجاءت ردوده تحمل الكثير من المضامين والإحصائيات الدقيقة، وتحدث عن سعي إدارته إلى خفض نسبة الجريمة، خاصة جريمة الطفل، وغيرها من القضايا والموضوعات.. فمعاً إلى مضابط الحوار.
{ هل هناك إحصائية حقيقية بأعداد المنتظرين والمحكومين بالسجون؟
– السجون الموجودة في السودان تبلغ (22) سجناً بالولايات كافة شاملة دور الأطفال، تقوم بدور التربية والإصلاح وقد بلغ عدد النزلاء فيها (22842) نزيلاً من شريحة المحكومين والمنتظرين، كما أنها تضم شريحة الأطفال في دور التربية، وكذلك النساء.
{ أبرز جرائم النزيلات بالسجون؟
– من أبرز جرائم النساء وأكثرها شيوعاً صنع الخمور البلدية وحيازة المخدرات والسرقات، وقد بلغ عدد النساء داخل السجون (1500) نزيلة.. وإذا قارنا هذه النسبة بعدد السكان يمكننا وصفها بالضئيلة.. والنساء دائماً يقعن ضحايا لتجار المخدرات لنقلها لهم من جهة إلى أخرى.
وعدد النساء المحكومات بلغ (1500) نزيلة منهن (419) في سجون الخرطوم، أما المنتظرات في سجون الخرطوم فقد بلغت عددهن (32)، ونحن ساعون لتقليل هذه الأعداد.. ووجود الأجانب بصورة مكثفة في الخرطوم أدى إلى تغيير الملامح العربية، والاحتكاك إلى حد كبير بهم أحياناً يساهم في حدوث بعض الجرائم الدخيلة على مجتمعنا مثل اتجار النساء بالمخدرات.
{ هل تلجأون في بعض الأحيان للعفو عن النزلاء تقديراً لتغيير سلوكهم؟
– تطبيقات وأشكال العفو العام متعددة وبمناسبة أعياد الاستقلال والمولد النبوي الشريف تم إطلاق سراح عدد من النزلاء بمباركة نائب رئيس الجهاز القضائي.. لقد تم إطلاق سراح (1806) من النزلاء، أما النزيلات فقد تم إطلاق سراح (65) نزيلة وقد تمت مراجعة تصديق إطلاق سراح هؤلاء النزلاء والنزيلات بواسطة رئيس الجمهورية.
{ هناك مراكز للإرشاد النفسي داخل السجون هل نجحت في الحد من الجريمة وتقويم السلوك؟
– الأعداد الموجودة من النزلاء في السودان تبلع (21542)، ومقابل هؤلاء لدينا اختصاصيون نفسانيون لدراسة الحالة النفسية للنزيل أو النزيلة، وبناء على توجيهات وتشخيص هؤلاء الاختصاصيين تم تحويل بعض النزلاء إلى مستشفى (عبد العال الإدريسي) ببحري لمتابعتهم، وهناك عيادات تتم من خلالها معاينة بعض النزلاء لمعرفة شكواهم حتى تتم معالجتهم، لكن من الصعب علينا توفير اختصاصيين بأعداد كبيرة تقابل تلك الأعداد من النزلاء خاصة في الولايات، والآن تمت المصادقة على تعيين عدد من الاختصاصيين النفسانيين والاجتماعيين بالولايات، ويشترط أن يكون الطبيب من نفس الولاية لحل مشكلة التنقل من مكان إلى آخر، وهناك بعض الأطباء يعزف عن العمل داخل السجون، ونحن الآن بصدد إيجاد معالجات لهذه المشكلة.
{ الأطفال المحكومون في دور التربية والإصلاح كم يبلغ عددهم؟
– أعداد الأطفال على مستوى السودان بلغت (2019).. وإذا نظرنا إلى هذا العدد نرى أنها بسيطة لكن كونها تمثل شريحة الطفل فهذا شيء مقلق للغاية، ففي هذه الحالة علينا معرفة الأسباب التي قادت الطفل إلى ارتكاب الجريمة، وحتى نسيطر على الوضع ونجعل النسبة (صفراً)، علينا أن نقف بصلابة ونعمل على تقويم سلوكهم، حتى يخرجوا من دور الفتيان أصحاء وصالحين لمجتمعهم.
والعساكر في دور الفتيان لا يرتدون الزي العسكري بل الملكي حتى لا يرعبوا الأطفال ومن أجل زرع بذور الرحمة في داخلهم، والطبيب النفساني يتعامل مع الطفل بلطف حتى لا يرجع إلى طريق الجريمة مرة أخرى.
{ وماذا عن بيئة السجون ومراكز الإصلاح.. هل هي معدة بصورة جيدة؟
– هذه السجون شُيّدت لتغيير البيئة الموجودة، بصيانة المباني حسب ما تراه الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد السودانية، وهناك اهتمام بالغ من وزير الداخلية ورئاسة الجمهورية بهذا الشأن، وقد بدأنا بإنشاء مدينة (الهدى) وروعي فيها العمل بدقة وإبداع بما يليق وحقوق الإنسان، وهذا يعد تأصيلاً وتأكيداً لمبدأ العمل وفق الشريعة الإسلامية ودستور السودان، وكذلك يمتد اهتمامنا بالسجون الفرعية بالولايات كافة ونعمل بخطة سنوية وخطة طويلة المدى ومتوسطة المدى، وسنناقش الخطة طويلة المدى خلال هذا الشهر بمجلس الوزراء وهي الخطة الإستراتيجية للإدارة العامة للسجون، وهي ماضية نحو بناء مدن إصلاحية بالولايات مماثلة لمدينة (الهدى) وإن شاء الله سيتم تنفيذ هذا العمل من قبل الدولة ووزارة الداخلية.. نحن لا نقول إن كل الطموحات سيتم تنفيذها وفق ما خطط لها، ذلك لأن بناء السجون وإعادة هيكلتها وترشيدها يأخذ زمناً طويلاً لذلك لجأنا للخطة طويلة المدى وعمرها عشرة أعوام.
{ بالنسبة للنزلاء الأجانب.. هل هناك اتفاقيات لتبادل النزلاء؟
– وجود الأجانب يحملنا أعباء إضافية بالسجون، ففي ظل الظروف الاقتصادية والعمرانية توجد أعداد من الأجانب مثل مناطق التعدين والتنقيب عن الذهب والأسواق، وأحياناً تحدث تفلتات من بعض الأجانب وهناك إدارة خاصة بالأجانب بمدينة (الهدى)، حيث تبلغ أعدادهم (350) نزيلاً، المحكومون بالإبعاد منهم (19) نزيلاً.
{ معتادو الإجرام داخل السجون يشكلون هاجساً بالنسبة للإدارة والنزلاء؟
– الإدارة تتعامل مع هؤلاء حسب تصنيفاتهم، فهناك محكومون بالمخدرات (مؤبد)، وهؤلاء يقيمون وحدهم، وينطبق هذا على المحكومين بقضايا أخلاقية ولا بد من التقديرات الأمنية في ذلك، بحيث تكون درجة التأمين عالية حتى لا يصدر عنهم أي تصرف يضر الغير، ولدينا قوات خاصة تتم الاستعانة بها عند حدوث أي نوع من الشغب.
{ ماذا بشأن نزلاء دولة الجنوب.. وسبل التعامل مع حالاتهم بعد الانفصال؟
– بعد الانفصال تم ترحيل كل النزلاء عدا المحكومين في الحق الخاص، فالخصم في الحق الخاص هو الذي يحدد ما إذا أراد أن يبقى النزيل في سجون السودان أم يرحل لمواصلة سجنه في دولة الجنوب.
ونحن الآن بصدد اتفاقية تحت التوقيع بشأن تبادل النزلاء والمحكومين بين دولة الجنوب والسودان سيتم تنفيذها عقب توقيعها على أرض الواقع، إضافة إلى بعض الاتفاقيات التي أبرمت ما بين وزارة الداخلية السودانية وبعض الدول العربية بشأن تبادل النزلاء.
{ وصف رئيس الجمهورية هذا العام بعام تطور العمل الشرطي.. فما هي خطتكم كإدارة سجون؟
– وضعنا خطة تتمثل في ثلاثة محاول، تشمل سجون الولايات والسجن المركزي ونحن بصدد تنفيذها على أرض الواقع.
{ هناك حالات هروب من سجون بعض الولايات؟
– يحدث ذلك في بعض الأحيان، ولدينا نص قانوني لمثل هذه الحالات يطبق عليهم، وقد يحدث في بعض الأحيان هجوم مسلح على إدارة السجون، وفي مثل هذه الحالات نعطي تعليمات بإخلاء السجون من النزلاء، وهناك إحصائية أكيدة بالقبض وإعادة الهاربين من السجون عبر أسواره بواسطة الشرطة الأمنية ومباحث السجون، قُدرت نسبتها بـ(74%).
{ ما رأيك في المقولة الشهيرة التي تقول (ياما في الحبس مظاليم)؟
– أنا لا أشك في القضاء ولا في نزاهته، لكن قصة أن يكون هناك مظلوم قابع بالسجن، فإما أن يكون ذلك نتيجة غباء المتهم في حق نفسه أوقعه فريسة في يد المجرمين خاصة النساء، مثل تكليفهن بنقل بعض الأمتعة للقادمين أو الذاهبين إلى دول أخرى وهن يحملنها بحسن نية مما يدخلهن في نفق مظلم، وحين وقوع الطامة يتركهن من أوقع بهن يواجهن مصيرهن المظلم.
أنا لا أدعو بحديثي إلى انعدام المروءة، لكن كل من يحمل أمتعة عن غيره عليه معاينتها حتى لا تضره.. ومن هذا المنبر أوجه رسالتي لكل المسافرين والقادمين من أبناء وبنات البلد أقول فيها عليكم فحص ومعرفة ما كلفتم بنقله من أمتعة حتى لا تدخلكم في متاهات، والقانون لا يرحم أو يحمي المغفلين، وهناك أمثلة كثيرة في ذلك لا يسمح المجال بذكرها.
{ هل مواقف صعبة اعترضت عملكم؟
– نعم.. في شهر (أكتوبر) إبان ثورة الشعب حينما هاجم (سجن كوبر) وأراد أن يطلق سراح النزلاء.. ذلك الموقف كان من أصعب المواقف التي مررت بها خاصة أنني كنت في بدايات عملي، لكن الآن صرت أكثر خبرة وحيطة وحذراً، وقد استفدت من تلك التجربة كثيراً.. فقد يتمرد أحياناً النزلاء ويحدثون شغباً من أجل إطلاق سراحهم، كل ذلك ممكن، لذا أضحينا أكثر حذراً.
{ في الختام.. ماذا تقول؟
– أشكرك وأشكر الصحيفة فأنت ملمة بقضايا النزلاء حتى أنني اعتقدت أنك شرطية.. لك التحية والتقدير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية