الديوان

صلاح عبد الرحمن (ترزي الصفوة):

زبائني يأتون بحراسة خاصة والعروسات يخفين (تطريز الزفاف) لهذا السبب
حوار _ آيات مبارك
في الجزء الشمالي من السوق الإفرنجي استوقفتني لافتة تقول: (العديل والزين للخياطة) فتساءلت في سري؟ هل يا ترى بوجوده  مع قلة المارة ووسط محلات كمبيوتر يود أن يعيد أيام (الخرطوم بالليل) ليسترزق منها؟ الشيء الذي أثار فضولي المهني فانتظرت صاحب المحل لأسأله وبمجرد مروره علمت أنه الشخص المعني وذلك من خلال لمحته، فصاحب المهنة الحاذق تبدو تفاصيل عمله من محياه وعند دخولي المحل لفت نظري أزيز الماكينات وهو يتهادي متضامناً مع صوت (عركي) وهو يغني (بخاف أسأل عليك الناس) وتلتها مباشرة (بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة) فتيقنت أنني في موعد مع فنان من نوع خاص .. وصلاح القادم من (الجزيرة أبا) يتقن فن الحياكة والحديث فقط مع ماكينات الخياطة، كما قال، لكنه وافق بشرط طالما أن الحديث عن الخياطة فقط:
{ أول قماش قمت بخياطته وما هي بداياتك؟
-بدأت صبي خياط مع عمي في (بيت المال) وكان عمري آنذاك (18) عاماً وبعدها أنشأت محلاً خاصاً بي تنقلت بين (سوق أم درمان) و(السوق العربي) حالياً (السوق الأفرنجي).
{ مهنة الخياطة تحتاج لتركيز عالٍ وطولة بال، ما قولك؟
-فعلاً .. والترزي مفروض يكون زي (الأبله) يسأل من أي حاجة حتى ولو كان عارف.. لكن بالمقابل هناك البعض يقوم بوصف التفصيلة بالتلفون وتكون معقدة جداً لذلك فالأمر يعود لدقة الوصف.
{ اختيارك لهذا المحل وهو بعيد عن المناطق السكنية؟
– (60%) من (زبوناتي) موظفات في المحلات التجارية والمؤسسات المجاورة و(الزبون بجيب زبون). وحتى الموظفات يأتين لخياطة ثياب وفساتين السهرة.
{ يقال إن النساء صعبات خصوصاً في مسألة الملابس والخياطة فماذا تقول؟
-النساء والرجال متشابهون.. لكن المشكلة تكمن في مسألة عدم التقييم لأنها تصيب الشخص بالإحباط.
{ لكن ولع النساء بالتفاصيل قد يجلب الإرهاق؟
-حتى الرجال يهتمون بالتفاصيل. فقد شهدت لحظات تفصيل ملابس لشابين مع (ترزي رجالي) من زملائي.. فاكتشفت أن التعامل مع النساء رحمة.
{ ما رأيك في تغير الذوق السنوات الأخيرة؟
-لا توجد إضافات تذكر لكن تغير اختيار الرجال للأسوأ والنساء أحسن نوعاً ما من الرجل.
{ بعد الاهتمام بالخياطة.. الرجل السوداني متهم بعدم التقدير للتقليعات.. والاجتهاد من قبل المرأة ؟
-قلة قليلة .. بدليل أن معظم السيدات هنا يأتين برفقة أزواجهن للإدلاء بآرائهم وهناك بنات بصحبة آبائهن.. إضافة إلى ذلك يعتبر هذا العمل واجباً كرب أسرة قبل كل شيء.
{ الترزي بالضرورة يكون فناناً أو مبدعاً؟
-نعم غالباً .. فهي موهبة ربانية والعمل بها يحتاج لمزاج عالٍ وعلى ما أذكر في بداياتي لما تتعثر تفصيلة أتركها جانباً وعند النوم أحلم بها وبجي الصباح بشتغلا طوااالي، والترزية مهنة الفنانين أبتداءً من “عثمان حسين” و”محمد حسنين” صاحب أغنية (سايق البوباي) وشاعرنا “المساح” كانت تأتيه أبيات الشعر وهو نائم فيصحو ليخطها على الأرض وعند الصباح يكتبها على الورق.
{ لمن تستمع من الفنانين خصوصاً ومنذ دخولي سمعت عدداً من الأغنيات؟
-هذا يعتبر أصعب سؤال ( ما عندي فنان مفضل) ومن كل فنان قد تعجبني أغنية وحتى الجيل الجديد من الشباب لديهم ما يعجبني.
{ إلى أي لون رياضي تنتمي؟
-أشجع الهلال بالفطرة لكني لا أمتلك ثقافة كروية.
{ خياطة البدل أسعارها غالية وأغلبها تحمل شكلاً واحداً فأين الإبداع هنا ..؟
-أبداً بها مساحة تغيير كبيرة لكنها غير مستخدمة وتحتاج لي شغل كتير.. يعني ممكن الصنايعي يشتغل ليك فستان (إسكيرت) لكن من الصعوبة يشتغل بدلة.. إضافة إلى أن خياطة البدلة وحدها بالنوع والجودة وليس بالكم.
{ عامل الزمن (والتزري يوم الوقفة)؟
-العمل الفني لا يحكم بالزمن بل بالمزاج والوقت.. فالزبون الذي  يرهن إكمال قطعة مقابل مشوار قريب .. أرفض الاستلام منه.
{ هناك بعض الزبائن الذين قد لا تعجبهم الخياطة فيصرون على إعادتها؟
-نادر جداً .. لكن إذا حدث (فشكل التفصيلة) كان بالطبع من اختياره.
{ علمت أن زبائنك أغلبهم مشاهير (مذيعات)، (دستوريات)؟
-نعم فهناك بعض من المسؤولين عند حضورهم إلى المحل يجب إخلاء الشارع لكن أعذروني امتنع تماماً عن ذكر الأسماء. إضافة إلى بعض من زبونات المحل يتحفظن من ذكر أماكن شرائهن حتى يحظين بالتفرد والنوعية المختلفة.
{ وماذا عن خياطة فساتين الزفاف وأسعارها تفوق الـ(أربعة آلاف جنيه)؟
-أغلبها يتم تركيبها أو شغلها باليد وأسعارها غالية وليس في متناول الكل.
{ رغم أن أغلبية العروسات يلجأن للإيجار فما نوعية زبوناتك؟
-تبحث بعض العروسات عن التفرد التام .. لدرجة أن هذه النوعية ترفض عرض الفستان بعد خياطته بل وهناك (عروس) رفضت حتى إلقاء بعض من قصاصات الفستان حتى لا يراها أحد صدفة قبل الزواج .. فالفكرة ملكها فقط .
{ أنت ترزي نساء و(رجل) .. هناك بعض التحفظ على هذا الشيء؟
-نعم سمعت هذا الكلام كثيراً .. لكن بحكم العمل المتواصل.. نرى جميع النسوة أخواتنا ونتعامل معهن على هذا الأساس . 
{ كلمة أخيرة؟
-لكم جزيل الشكر .. لإعطائي فرصة للحديث عن هذه المهنة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية