الديوان

التجمعات بالأحياء.. غياب تحت وطأة (الفيس) و(الواتس آب) والهجرة

تقرير – محمد جمال قندول
ما بين ليلة وضحاها تحول حال المجتمع السوداني من حال إلى حال، حيث غابت الكثير من الطقوس الجميلة عن مجتمعنا تحت وطأة العولمة والهجرة الكثيفة التي ضربت أوصال الشباب بحثاً عن وضع معيشي أفضل، وغابت ملامح التجمعات التي كانت تغطي الشوارع، فلم تعد الأحياء تعيش على صخب شبابها بـ(الونسة) أمام المنازل والميادين ولا الصراخ على جلسة لعبة الكوتشينة والضمنة.

انفتاح الشباب
الناس كانت (مروقة)… هكذا ابتدر”سمير عبد الرحمن” ـــ موظف حديثه قائلاً: بأن الأحياء حالياً أصبحت خالية من الشباب نسبة للعديد من الظروف أبرزها هجرة الكثير منهم، إضافة إلى الانفتاح الذي غزى الأوساط الاجتماعية فباتت وسائل التواصل الاجتماعي تلهي الناس عن التجمعات مثل الدردشة عبر (الفيس) و(الوتس آب).
بينما اختلف “حسن عبد الله” – طالب جامعي في وصف الغياب بالظاهرة البارزة، وقال في معرض الطرح: نعم غابت قليلاً ولكنها لم تزل نهائياً، مشيراً إلى أن تغيير نمط الحياة السودانية وتسارع وتيرتها ساهم بصورة كبيرة في غيابها خاصة في الفترات النهارية والعصرية نظراً لانشغال الناس بهموم الحياة.

غياب الأمان
أما “ريم حسين” – طالبة جامعية ابتدرت حديثها بإرجاع ذاكرتها إلى زمن خلا حين قالت: تربيت بحي شعبي جنوب الخرطوم ومنذ أن كنت صغيرة ما زالت التجمعات أمام منزلنا من والدي وجيراني وإخواني الكبار لم تغب عن مخيلتي، واسترسلت قائلة: ولكن الآن باتت الشوارع خالية ولم نعد نحن كبنات نشعر بالأمان الذي كان يغطي جنبات الأحياء بوجود شبابها، حيث هاجر أغلبهم إلى الخليج لتحسين أوضاعهم، إضافة إلى الظروف الاقتصادية القاهرة التي جعلت الناس تنكمش بمنازلها سترة من مجهول المستقبل واكتفت بـ(الونسات) عبر الأثير الالكتروني (الفيس) و(الوتس آب) ومشاهدة الفضائيات بالمنازل.

التلفون مكان الكوتشينة
الباحثة الاجتماعية “ليلى عثمان” أرجعت غياب التجمعات الشبابية وغيرها من التجمعات بالإحياء إلى أسباب عدة أجزلتها قائلة بأن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الناس تفضل الحديث فيها، إضافة إلى الانفتاح الفكري الذي ضرب الشباب بصورة خاصة ساهم في عزلتهم عن بعضهم، وضعف العلاقات الاجتماعية لاعتمادهم جل يومهم على تقنية الهواتف الذكية التي برزت بصورة كبيرة في السطح حتى باتت عرفاً يطبق في المناسبات، وأحياناً في الوفيات بإرسال التعازي عبر مواقع التواصل أو اتصال هاتفي،  وأضافت “د. ليلى” أننا كمجتمع سوداني كان يميزنا التعايش والتداخل الاجتماعي، مشيرة إلى أن ظواهر الانفلات الأخلاقي التي بدأت تدب في الأحياء وغيرها سببها الرئيسي انعزال الناس عن بعضهم.
وتواصل “د. ليلى” حديثها وتضيف: الظروف الاقتصادية أيضاً من الأسباب التي جعلت التجمعات تغيب، حيث بات أغلب الشباب خارج البلاد لظروف الاقتصاد ولا يخلو منزل أسرة سودانية من شاب اغترب، وأحياناً تجد الأسرة كلها اغتربت عدا الوالد والوالدة مما ساهم في غياب عادة التجمعات، حيث في الماضي كانت التجمعات في الشوارع خاصة في العصريات السمة البارزة للمجتمع السوداني، إضافة إلى الشباب والكبار الذين كانوا يجتمعون في النوادي ويسهرون بلعب الكوتشينة والضمنة، وعللت “د. ليلى” غياب مثل هذه الظاهرة قد يساهم بصورة كبيرة في ارتفاع وتيرة الانفلات الأخلاقي لبعد الناس عن بعضهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية