الجزيرة ليست وحدها
{ شن “صلاح المرضي” القيادي في اتحاد المزارعين هجوماً على (شلليات) في (الجزيرة) تحيط بالوالي وتصنع القرار تقرب من تشاء وتبعد من تشاء.. وهي على كل شيء قديرة.. و”صلاح المرضي” الشهير بـ(طالبان) شخصية متزنة جداً ومتدين جداً حتى يصفه البعض بـ”صلاح طالبان”.. إسلامي قريباً من السلفيين وسلفياً بعيد من التطرف.. ومزارع مخلص لمهنته.. طموحه طموح إنسان الجزيرة المقهور بالفقر وسوء السياسات وفشل إعادة الروح لـ(مشروع الجزيرة).. وقد تكاثرت الاحتجاجات في المركز والولايات على اختيارات قادة المؤتمر الوطني لمرشحي الحزب في البرلمان القومي والولايات.. وتم تخويف القيادات بعصا الفصل والإبعاد لقمع الإصلاحيين وترهيب وتخويف الرافضين لطغيان الولاة ومن حولهم من العصبة المتنفذة في الحكم!
وقد اخطأ المؤتمر الوطني بإسناد أمر الاختيارات وليس الانتخابات لهؤلاء الولاة.. وإذا كانت (الجزيرة) حيث الاستقرار والوعي والمدينة الراسخة وذوبان المجتمع في أوعية جغرافية تغشى الحزب الحاكم أمراض يصعب شفاؤه منها.. فما عسى بما يحدث الآن في منطقة مثل “جنوب كردفان” التي تخوض فيها القوات المسلحة والقوات المساندة معركة عسكرية طويلة جداً في شعاب الجبال والوديان والتلال تتطلب أولاً السند السياسي والدعم المعنوي للمقاتلين.. وأن يصبح كل المجتمع في خدمة المجهود العسكري حتى تنكسر شوكة التمرد وينقصم ظهره.. ولكن ثمرة الاختيارات المرة تحصدها ولاية “جنوب كردفان” تمزقاً في قلب المجتمع وصراعات على فتات السلطة والتمثيل.. وقد خرج أمس على حزب المؤتمر الوطني بعض من قادة (الحوازمة) والمقاتلين الأوفياء المخلصين يوم العسرة والمشقة.. خرج ثلاثة من قيادات المؤتمر الوطني للترشيح كمستقلين في دوائر “كادقلي”.. وخرج كذلك في محلية “قدير” مرشح آخر من عباءة المؤتمر الوطني، وفي “كادقلي” كان احتجاج قبيلة (الحوازمة) على إقصائها من البرلمان القومي لأول مرة في التاريخ منذ الاستقلال، وإقصائها من المجلس التشريعي بالولاية وهي المكون الثاني بعد النوبة من حيث العدد، فكيف تدفع قبيلة مثل (الحوازمة) ثمن وقوف بعض من أبنائها مع “د. علي محمد موسى” و”سلمان سليمان الصافي” وتجد نفسها في مقاعد المتفرجين وهي التي قاتلت وتقاتل حتى اليوم عن شرف المنطقة وتحمي “كادقلي” و”الدنلج” يوم الحارة.. ومن غير (الحوازمة) في السودان غير (المسيرية) قدم (13) ألف شهيد في الحرب منذ 1983م، ولكنهم كعهدهم لم يكتسبوا من جهادهم الصادق ولا تضحياتهم الجسيمة.. ولم يشأ قادتهم الاستفادة من دماء الشهداء التي ذهبت لعلياء ربها ابتغاء فضله وذوداً عن حياض الدين والوطن.. ولكن اليوم وجدت قيادات مخلصة مثل المجاهد “أبكر إبراهيم العبيد” الشهير بـ(المبرد) و”عثمان بلة الضاي” أنفسهم أمام واقع أليم وقد تعرضوا للتهديد بالفصل من الحزب والطرد من رحمة السلطان إن هم أقبلوا على الترشيح كمستقلين.. وقد تدافع المئات من القيادات المخلصة الوفية من (الرواوفة) لتقديم ترشيح هؤلاء القيادات كمستقلين عن حزب المؤتمر الوطني.. الذي كان حرياً به قراءة الأرقام التي حصل عليها المرشحون لمنصب الوالي، وقد تقدم اثنان من أبناء (الحوازمة) “د. علي محمد موسى” و”سلمان الصافي” قائمة المرشحين باستثناء الوالي (طبعاً)!!
{ إن التهديد بالفصل لا يغني عن الحق شيئاً.. وأوضاع استثنائية مثل “جنوب كردفان” لا يمكن أن تطبق عليها لوائح تصلح لـ”الخرطوم” و”مدني” و”سنار” وتعقيدات الواقع الاجتماعي والسياسي تحمل المركز حملاً لإجراء مراجعات حقيقية لإنصاف المظلومين بعيداً عن بندول نافع الذي لم يشف المصروعين.. ولا فصل “غندور” الذي لن يبدل شيئاً من الواقع الراهن بكل سوءاته.. وقد دعا كثيرون المؤتمر الوطني من أجل مصلحته هو أن يبحث له عن منافس حقيقي في الانتخابات لا حباً في المنافسة ولكن عصمة لنفسه من داء التصدعات والانقسامات.. وحال استمرار الوضع على ما هو عليه فإن “د. غازي” و”حسن رزق” لن يكونوا آخر القافزين من السفينة إلى اليابس.