تقارير

الانتخابات في مواعيدها.. والحوار يموت إكلينيكياً!

تقرير ــ فاطمة مبارك 

بعد أن أعلنها “غندور” أمس
أصبح مؤكداً مضي المؤتمر المؤتمر الوطني قدماً في موضوع إقامة الانتخابات في موعدها المضروب في شهر أبريل من العام الحالي 2015 بعد أن قطع مساعد الرئيس، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية والحزبية بروفيسور “إبراهيم غندور” في مؤتمر صحفي أمس خُصص لإعلان أسماء منسوبي حزبه للدوائر الجغرافية والنسبية بعزم حزبه أقامة الانتخابات في مواعيدها غير آبه بالمقاطعين مهما كان حجمهم.
وفي هذا الإطار هناك ثمة ملاحظات هي أن الحزب الحاكم جدد تأكيده على قيام الانتخابات في موعدها بعد أن تأكد من المشاركين والمقاطعين، وقد تكون مقاطعة أحزاب بحجم حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي دعت الحزب الحاكم للبحث عن حزب عريق أو على الأقل له جماهير في الساحة لترجيح كفة الموازنة ويبدو أن الخيار وقع على الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وقيل إن هناك مباحثات جرت مع هذا الحزب خلال الأيام الماضية وطلبت قيادته تقديم ثمن لموافقتها على المشاركة في الانتخابات يتمثل في موضوع المحاصصة على بعض المواقع المهمة. وبحسب المصدر أن المؤتمر الوطني لم يوافق في بداية التفاوض على اشتراطات الحزب الاتحادي (الأصل)  لكن اللقاء الذي تم بين الرئيس “البشير” ونجل زعيم الاتحادي الديمقراطي “محمد الحسن محمد عثمان الميرغني” بالمركز العام للمؤتمر الوطني أول أمس كان حاسماً وتم فيه الاتفاق على مشاركة الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في الانتخابات، وما يدل على ذلك ما تداوله الإعلام حيث قال إن اللقاء تم في إطار الشراكة السياسية بين الحزبين وتنسيق المواقف بينهما خصوصاً أن الانتخابات تبقى منها أقل من (3) أشهر. وتزامن اجتماع الرئيس مع نجل “محمد عثمان الميرغني” مع اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الذي كان أحد أجندته هو حسم موضوع الأحزاب المشاركة والمقاطعة للانتخابات القادمة.
مشاركة حزب الاتحادي الديمقراطي في الانتخابات القادمة أكدها كذلك بروفيسور “غندور” في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس عندما سأله أحد الصحفيين عن أن الانتخابات ستشارك فيها الأحزاب التي لا تحظى بجماهير في الساحة، فرد “غندور” السؤال لسائله قائلاً برأيك ما هي أكبر ثلاثة أحزاب في الساحة الآن فرد الصحفي الأمة القومي الاتحادي الديمقراطي (الأصل) والمؤتمر الوطني فقال له “غندور”: (اثنان من هذه الأحزاب الثلاثة الكبيرة ستخوض الانتخابات) وكان واضحاً أنه يقصد المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي.
ويبدو أن المؤتمر الوطني رتب وضعيته في الانتخابات بحسب الأحزاب المشاركة حيث إن هناك بعض الدوائر لم يذكرها “غندور” في المؤتمر الصحفي، وأشار إلى أن الدوائر التي لم تذكر عملياً متروكة للمشاركين الآخرين وأن حزبه لن ينافس فيها ما يعني أن هناك اتفاقات تمت مع هذه الأحزاب وأصبحت هذه الدوائر الأقرب لها من ناحية الفوز بها. ومن بين الدوائر التي لم يذكرها المؤتمر الوطني أمس  في ولاية الخرطوم دائرة أم درمان شمال ودائرة أبوسعد شمال ودائرة أبو سعد جنوب والصالحة والبقعة الأولى والبقعة الثانية والبقعة الثالثة والسلام الأولى وكرري الشرقية وكرري الغربية بحري القديمة والدروشاب والشجرة وأركويت والرياض والجريف وسوبا، وفي الولاية الشمالية حلفا دلقو، البرقيق شمال والبرقيق وسط والبرقيق جنوب والدبة الجديدة والدبة الرحل والدبة وسط، وفي النيل الأزرق دائرة قيسان بجانب دائرة أم جرادل.
تجديد الحزب الحاكم عقده الانتخابات في موعدها يوضح أنه تجاوز محطة ومطلوبات معظم الأحزاب التي تتمتع بجماهيرية مقدرة وقررت مقاطعتها لهذه الانتخابات بحجة أن الانتخابات ينبغي أن تشرف عليها حكومة انتقالية حتى يضمن المشاركون فيها نزاهة العملية وتعقد في جو ديمقراطي تبسط فيه الحريات العامة والشخصية إلى جانب الحريات الحزبية حتى تتساوى حقوق الأحزاب في الدعاية الإعلانية لمرشحيهم ومن بين الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات أحزاب مشاركة في الحوار وكانت تطالب بإقامة حكومة انتقالية وتأجيل الانتخابات مثل المؤتمر الشعبي لكن الحزب الحاكم قطع الطريق أمام هذا الحزب عندما أصر على أن تكون الانتخابات في مواعيدها وشرع عملياً في ترتيباتها حيث سيتم في الحادي عشر من الشهر الحالي إعلان أسماء الأشخاص الذين سحبوا استمارات الترشح لرئاسة الجمهورية من بينهم “كندة غبوش” وآخرون، وتفاقمت الخلافات بين هاذين الحزبين بعد إجازة البرلمان الذي يتمتع فيه المؤتمر الوطني بأغلبية التعديلات الدستورية على ضوء اعتراض كتلة (الشعبي) على عدد من المواد كان أبرزها المادة التي اعتبرت جهاز الأمن والمخابرات قوى نظامية وقيل سيخصص حزب المؤتمر الشعبي اجتماع أمانته الراتب (السبت) المقبل لمناقشة الخلافات التي برزت مع المؤتمر الوطني وسيحدد الحزب موقفه وفقاً لما سيفضي إليه النقاش.
ما يؤكد أن المؤتمر الوطني ماضٍ في إجراء الانتخابات كذلك أن موضوع الحوار المطروح منذ قرابة العام في طريقه إلى الانهيار بعد التباينات التي ظهرت بين المؤتمر الوطني من جهة وأحزاب المعارضة المحاورة وبين أحزاب المعارضة مع بعضها البعض، فحركة الإصلاح الآن أصبحت بعيدة من هذه الطاولة بعد الاتهامات التي وجهها لها المؤتمر والوطني عندما قال (حركة الإصلاح الآن تعمل على فشل الحوار والآن أصبحت أقرب للمجموعة التي لم تنضم أصلاً للحوار) وما يعزز هذا القول لقاء “غازي صلاح الدين” مع “الصادق المهدي” في القاهرة واتفاقهما أن لا حوار إلا بتوفير مستحقاته التي أجمعت عليها القوى السياسية، متهمين الحكومة بالمماطلة في الوفاء بها. وأكدا في الوقت ذاته عدم نيتهما خوض الانتخابات وظهر ذلك في رفض الحزبين للإستراتيجية التي تتبعها الحكومة لفرض الانتخابات. واعتبر البيان الذي أصدره كل من دكتور “غازي صلاح الدين” و”الصادق المهدي” أن الانتخابات أهم بنود الحوار الوطني وإقامتها دون استيفاء الشروط الضامنة لها محاولة لاكتساب شرعية غير مستحقة، “غندور” كذلك أكد في سياق حديثه عن الحوار أنه الحوار يمر بمشكلة ربما من غير أن يكون قاصداً حينما نوه إلى أن حزبه انتظر الأحزاب لانطلاق عملية الحوار وزار هو بنفسه كثيراً من قياداتها في منازلهم للتفاهم معهم لكن كانت تتقدم بالاعتذار متهماً في ذات الوقت بعض الأحزاب بسعيها لتفشيل الحوار.
هذه المعطيات تؤكد أن الحوار مات إكلينيكياً بجانب عدم مشاركة حزب الأمة القومي وحركة الإصلاح الآن والمؤتمر الشعبي في الانتخابات بينما يقر حديث الوطني بمشاركة الاتحادي الديمقراطي (الأصل) والمؤتمر الوطني كممثلين للأحزاب الكبيرة بجانب أحزاب الوحدة الوطنية وأنصار السنة التي اعتبرها الحزب الحاكم جماعة وليست حزباً حينما أعلن اسم وزيرها “عبد الكريم الهد” في الدوائر النسبية هذا التصنيف ربما يزيل الغموض السياسي بعض الشيء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية