تسويق الأوهام..!!
{ تصريحان متطابقان في مضمونهما، صادران عن شخصين مختلفين كلاهما مدرب لنادٍ كبير التصريح الأول لمدرب المريخ “غارزيتو” رفض فيه قطع وعد على نفسه أمام جماهير المريخ بتحقيق بطولة خارجية للمريخ في هذا العام.. والتصريح الثاني من مدرب الهلال البلجيكي “باتريك” رفض فيه أيضاً وعد جماهير الهلال ببطولة خارجية.. رغم أن تصريحات المسؤولين في نادي الهلال خاصة الرئيس (الكاردينال) تدغدغ مشاعر الجماهير المسكينة التي تشتري كل يوم أوهام الصحافة الرياضية عن تألق اللاعب الفلتة (فلان) وهدف أسطوري أحرزه (فلان) في تدريبات الفريق، ولكن كلا المدربين رفضا السير في دروب بيع الأوهام يقيناً منهما أن اللاعبين الموجودين في كشوفات الفريقين ليس بمقدورهم الفوز ببطولة خارجية خاصة البطولة الأفريقية للأندية في وجود أندية كبيرة وعريقة مثل الأهلي القاهري، والترجي التونسي، ووفاق سطيف، ومازيمبي، والقطن الكاميروني.. لكن مأساة الكرة السودانية في الإداريين الذين يسيطر على عقولهم الوهم و(الخزعبلات) والتعصب الأعمى، وضعف الثقافة الرياضية، وعدم المواكبة ومتابعة ما يجري من حولنا من تطور في أفريقيا، وتتحمل الصحافة الرياضية خاصة كُتّاب الأندية الذين لعبوا دوراً سالباً في تغذية الوسط الرياضي بالتعصب والأحقاد الدفينة، ثم استغلال جهل الجماهير وعواطفها الجياشة نحو أنديتها خاصة الهلال والمريخ ليسوقوا لهم الكذب والوهم.
{ في أحد اجتماعات لجنة تسيير نادي الهلال التي كنت عضواً فيها، نهض قيادي كبير على كتفيه رتبة رفيعة في قوات نظامية قومية ليحدثنا عن فريق كرة القدم في النادي وأين بلغت مراحل إعداده.. وأن مجلس التسيير قد اختار أفضل العناصر في القارة الأفريقية وسجل المواهب النادرة في الساحة الداخلية، الشيء الذي يجعل فريقنا جاهزاً للفوز بالبطولة الأفريقية (ليقدمها مجلسك سيدي الرئيس هدية للمشير “عمر البشير” لأنك يا باشمهندس رجل إنجاز وإعجاز وأنت كالمزن أينما وقع نفع)!! استلقى أغلب أعضاء لجنة التسيير على الكراسي الوثيرة.. و(نادل) بنك النيلين يطوف بيننا بالشاي والقهوة مثل طواف الفراشات على الأزهار.. رفعت يدي طلباً للحديث.. وظن الجميع بأن تقرير السيد المسؤول الكبير في النادي يستحق الإطراء والتمجيد وأن السيد الرئيس “الحاج عطا المنان” ينبغي رفع روحه المعنوية بالقول الجميل الذي يدغدغ المشاعر.. لكني قلت إن فريق الهلال غير مؤهل للفوز ببطولة أفريقية وإن حصل على الدوري الممتاز وكأس السودان.. علينا أن نسدي له الشكر والتقدير وذلك لجملة أسباب.. أولاً- المحترفون الذين جاء بهم النادي أغلبهم من العاطلين عن اللعب في الأندية الكبيرة في بلدانهم، وتم استقدامهم عن طريق السماسرة والوسطاء المنتفعين من فترة الانتقالات، وأي لاعب يقل سعره عن خمسمائة ألف دولار هو لاعب دون أي لاعب وطني آخر.. واللاعبون الوطنيون الحاليون في الهلال انتهت فترة عطائهم بالميدان مثل “خليفة” و”مهند الطاهر” و”عمر بخيت” و”سيف مساوي” و”كاريكا” والحارس “المعز محجوب”.. واللاعبون الذين تم قيدهم من الوطنيين لم يقوَ عودهم بعد ويصعب على لاعبين مثل “وليد علاء الدين” و”محمد عبد الرحمن” دخول تشكيلة الفريق الأساسية.
عدّ بعض أعضاء لجنة التسيير حديثي مثبطاً، وما كان له أن يصدر عن شخص أؤتمن على نادي الهلال وتم تعيينه في مجلس تسيير لإنقاذ النادي، وتعرضت لهجوم عنيف جداً.. ولكن الفريق “يحيى محمد خير” وهو رجل عقلاني وموضوعي وقف بجانبي مثلما وقفت بجانبه رفضاً لتسجيل “فيصل العجب” في نادي الهلال، وحصد الفريق في نهاية الموسم كأس الدوري ولم يحقق البطولة الأفريقية، بل سقط في مربع الكبار وتذيل مجموعته.. وما أشبه الليلة بالبارحة وعود بالبطولات وأمنيات.. وأوهام والهلال أضعف بكثير من العام الماضي وكذلك المريخ.. لكن من يقنع (الديك)؟! وقصة (الديك) تقول عن صغار الدجاج (الفراريج) عندما يهجم الصقر لاختطافها تهرول مسرعة لتحتمي بالأشجار والحشائش خشية مخالب الصقر الذي يخطف فقط الفراريج الصغار.. لكن (الديك) الذي هو أكبر حجماً من الصقر يهرول مسرعاً خوفاً من الصقر.. فسألته يوماً (الفراريج): لماذا تهرب وأنت أكبر من الصقر؟ فقال: أنا عندما كنت في عمركم تعرضت لمحاولة خطف من صقر أرعبتني وظللت خائفاً حتى اللحظة!! الهلال لن يفوز ببطولة خارجية يا “كاردينال” لأنه غير مؤهل لذلك.. والفرصة الوحيدة التي أهدرها حينما كان الأرباب “صلاح إدريس” رئيساً وجاء بـ”قودوين” و”كلتشي” ولكن فشل في اللحظات الأخيرة.. أما الهلال الحالي فليهزم المريخ وأهلي شندي قبل التفكير في البطولة الخارجية!!