إنقاذ الخرطوم!!
{ أنقذت ولاية الخرطوم البلاد هذا العام وجملت وجه الحكومة بحزمة المشروعات الكبيرة التي افتتحت في أعياد الاستقلال ولا تزال هناك مشروعات تنتظر الافتتاح، بينما بقية ولايات السودان يطبق عليها الصمت والفشل في إنجاز حتى مشروعات صغيرة.. وربما لكل حالة استثناء حيث تشاطر الخرطوم الإنجاز ولاية شمال كردفان التي تستعد لافتتاح ثماني آبار جوفية من حوض بارا ونحو (30) كلم من الطرق الداخلية ومسجد الأبيض العتيق وتأهيل المستشفى القديم بإضافة أقسام جديدة.. دون ذلك في بقية الولايات ربما شغلتها قضية مصير الولاة عن إنجاز شيء يذكر. واهتم غالب السادة الولاة بالسبل المفضية لبقائهم في كراسي السلطة لدورة قادمة أكثر من اهتمامهم بقضايا الناس.
{ ولاية الخرطوم كما يقول العامة (بيضت) وجه الحكومة الاتحادية وجعلت لأعياد الاستقلال مذاقاً ورائحة، بعد أن أصبحت أعياد الاستقلال رتيبة كئيبة .. تقليدية في كل شيء.. سبعة أناشيد حفظها الناس وقصائد قديمة كتبها شعراء رحلوا عن الدنيا وصورة لعلم قديم أصبح اليوم خاصا ًبالحزب الذي كان له نصيب الأسد في تحقيق الاستقلال.. ولاية الخرطوم رغم الحصار الاقتصادي وشح الموارد نجحت في تأهيل أكبر مستشفى متخصص في أمراض القلب والكلى .. وأنفقت عليه من مدخراتها ملايين الدولارات وجعلته مستشفى للسودان لا لسكان ولاية الخرطوم وحدهم، ولولا الغبش وسوء الخطاب السياسي لوزير الصحة بولاية الخرطوم لاحتفى الناس بالإنجاز الكبير جداً في جبهة الخدمات الصحية.. لكن حالة القطيعة وسوء التفاهم بين د. “مامون حميدة”.. وقطاع عريض من الصحافيين والإعلاميين وبعض الأطباء المناهضين لسياسات الرجل وهي سياسات للحكومة، لأصبح “مامون حميدة” مثالاً للعطاء غير المحدود وفي كل يوم نشهد بولاية الخرطوم قيام صرح طبي وتأهيل مستشفى، ولكن كيف لولاية الخرطوم أن تؤلف بين “حميدة” والإعلام الذي لعب دوراً سالباً في تشويه صورة الرجل.. ولعب هو دوراً محورياً في صد الناس عنه!
{ على جبهة التخطيط العمراني والإسكان فإن حكومة د. “عبد الرحمن الخضر” نجحت في تشييد نفق ود البشير لانسياب حركة المرور إلى شمال أم درمان إلى جنوبها، وحتى يكتمل الجسر صبر المواطنون كثيراً على السير في دروب وعرة وشوارع جانبية لم يترك أصحاب المنازل تلك الشوارع دون وضع متاريس و(مطبات) لإبطاء حركة سير المركبات، وتلك من التقاليد السيئة جداً، حيث أصبحت شوارع حي الخرطوم(2) خالية من السيارات بسبب تلك المطبات.. وجسر ود البشير مشروع كبير شيده الوزير “أحمد قاسم” في صمت وبعيداً عن الأضواء، مع أن ما تحقق في جبهة التخطيط العمراني في العام الماضي بولاية الخرطوم لم يتحقق طوال السنوات الماضية حتى في سنوات د. “المتعافي” أيام المال والرخاء والبترول. وطوال الثلاثة أشهر القادمات حتى موعد الانتخابات فإن ولاية الخرطوم تفتتح عدة مشروعات كبيرة على صعيد الإسكان الشعبي والفئوي.. وأشبعت الولاية العقول الجائعة ثقافياً بإصدار دار الخرطوم للنشر لأكثر من مائة عنوان لمثقفين وكتاب سودانيين.. وذلك ما لم تفعله وزارة الثقافة الاتحادية منذ مجيء الإنقاذ قبل (25) عاماً فعلته دار صغيرة يديرها عقل كبير الأستاذ “الطاهر حسن التوم” وبإمكانيات محدودة.. لكن إيمان الدكتور “عبد الرحمن الخضر” بأهمية الكتاب والثقافة وانحيازه للمثقفين والكتاب كشريحة (مهمشة) في الدولة وصوتها (خافت) وحقوقها مسلوبة.. ووجدت مشروعات ولاية الخرطوم دعماً من وزارة المالية ووزيرها الرياضي، الشيء الذي دفع بنجاح الولاية في (تبييض) وجه الحكومة المركزية التي لم تجد في جعبتها من المشروعات لافتتاحها إلا في ولايتي الخرطوم وشمال كردفان التي تنتظر قدوم الرئيس إليها في الأسبوعين القادمين.. ولكن هل نجاحات د. “عبد الرحمن الخضر” ومولانا “أحمد هارون” ستشفع لها بالبقاء لصالح إنسان الولايتين أم تبعدهما من الخرطوم والأبيض التقديرات السياسية والمطامع ورغبات بعض الذين تهفوا قلوبهم إلى كراسي حكم الولايتين كهفو المرضعات على الطفل الفطيم.